الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب حادثة أصبحت أخاف من المرض والموت باستمرار، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب بعمر 20 سنة، في كلية الهندسة، كانت حياتي عادية، وفي يوم من الأيام حدث معي موقف، حيث أصيب أحدهم أمامي بصرع، وأنا ظننته مات، وبعدها بأسبوع أصبحت أخاف من كل شيء، ومن المرض، وأشعر أن كل وخزة في جسمي دليل على مرض خطير وقاتل، أخاف من أمراض السرطان والذبحات والسكتة القلبية، وأصبحت أسمع عن الموت كثيرا.

وأشعر كأن هناك شيئا عالقا في رقبتي، يضيق علي النفس، وأشعر برغبة في التجشؤ دائما، لكي أحاول أن أنزلها أو أخرجها من رقبتي، وأحيانا وخزات في جانبي صدري الأيسر والأيمن، مع أني عملت رسما للقلب، وعملت إيكو وصور x.ray على الصدر والجيوب الأنفية والغدة الدرقية والدم 14، وكل ملحقاته جيدة -والحمد لله-.

أشعر أن في كل خطوة أخطوها سأموت و-الحمد لله- مواظب على الصلاة، وأنا موقن بالقضاء والقدر، ولكن أصبحت أخاف أكثر من اللازم، وأيضا أحس بأني أرى الأشياء وكأني أول مرة أراها، كل شيء.

علماً بأن هذه الحالة لها 3 شهور، أرجو الإفادة يا دكتور.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيوب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء.
هنالك بعض الأحداث الحياتية لا يستطيع كل الناس يتحملونها، والتشنجات الصرعية - خاصة ما يُسمَّى بالصرع الكبير أو الأكبر - مفزع جدًّا للإنسان العادي حين يراه، وكثير من الناس - خاصة الذين يشاهدون هذه النوبات لأول مرة - حين يسقط أحد أمامهم، والإنسان قطعًا يُصاب بشيء من الهرع والخوف، ولا يعرف كيف يتصرف أو يتعامل مع هذا الموقف، هذا كله حقيقة يؤدي إلى استثارة نفسية كبيرة جدًّا، والإنسان تختلف - كما ذكرتُ لك - في تحمُّلها لهذه المواقف، وهذا يعتمد على البناء النفسي للشخصية والتجارب السابقة، إذا كان الإنسان قد مرَّ بموقف مثل هذا من قبل أم لا.

أنا أرى أن تفاعلك هو تفاعل يمكن أن يحدث لأي شخص، لكن يظهر أنك حسّاس أكثر من اللزوم، أو أنه لديك قابلية لما نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، وهذا أدَّى إلى ظهور هذه الحالة واستمرارها لمدة ثلاثة أشهر إلى الآن.

علاجك - أخي الكريم - بسيط، يجب أن تتجاهل هذا الموضوع تمامًا، وأنت على قناعة تامَّة بأن الموت والحياة بيد الله تعالى، وأن الموت لا مشورة حوله أبدًا، الآجال معروفة ومحتومة، ولذا نقول للناس: يجب أن نخاف من الموت خوفًا شرعيًّا، ولا نخاف منه خوفًا مرضيًا، الخوف الشرعي يعني أن تعمل لما بعد الموت، وتعيش حياتك بقوة وبفعالية، وفي ذات الوقت لا تكترث لهذا الخوف المرضي أبدًا. ابنِ هذا المفهوم، وهو مفهوم وجدتُّه مفيدًا جدًّا.

أخي الكريم: أنت محتاج أيضًا أن تمارس تمارين استرخائية، هذا التوتر الداخلي والذي سببه حالتك النفسية يؤدي إلى توترات عضلية، وهذه تؤدي إلى أعراض نفسوجسدية، مثل الرغبة في التجشؤ، غالبًا أيضًا يكون لديك شيء من الضيق في الصدر، أو ما وصفته بأنه ضيق التنفس، هذا كله ناتج من الانقباضات العضلية، وهي أعراض نفسوجسدية، أي أن القلق والتوتر الداخلي هو السبب فيها.

إذًا تمارين الاسترخاء مهمة جدًّا لك، وإسلام ويب - في هذا السياق - أعدَّت استشارة رقمها (2136015) أرجو أن ترجع إليها وتدارسها بدقة وتتفهمها وتُطبق كل ما ورد فيها، وسوف تجد في ذلك -إن شاء الله تعالى- خيرًا كثيرًا.

أيضًا مارس التمارين الرياضية، التواصل الاجتماعي - أخي الكريم - مهمٌّ جدًّا، الدعاء والأذكار ضروري ومهمّ، خاصة أذكار الصباح والمساء، فهي واقية وباعثة على الطمأنينة لدرجة كبيرة. برَّ الوالدين دائمًا ننصح به لأن خيره كثير في الدنيا والآخرة.

أنا أعتقد أنك تحتاج لدواء بسيط جدًّا، دواء يعالج لقلق المخاوف، ومن أفضل أنواع الأدوية دواء يُسمَّى (سيرترالين) ويعرف تجاريًا باسم (لسترال) أو (زولفت)، الجرعة التي تحتاجها جرعة بسيطة، ابدأ بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرامًا - تناولها لمدة أسبوع، ثم اجعل الجرعة حبة واحدة، تناولها يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أرجو أن تركّز في دراستك، وتنظِّم وقتك، هذا أيضًا يصرف انتباهك -إن شاء الله تعالى- عن تلك الأعراض، واحرص على النوم الليلي المبكر، والاستيقاظ المبكر، تُصلِّي الفجر، ثم تبدأ تذاكر بعضًا من دروسك، ثم تذهب إلى مرفقك التعليمي، وتستفيد من بقية وقتك كما تشاء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً