الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب نوبات الهلع؟ وهل يمكنني علاج نفسي بنفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أتقدم بالشكر لكم أيها الاخوة القائمون على هذا الموقع المبارك، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، ويجزيكم خير الجزاء على ما تقدمون من خدمة للناس.

سأقوم بسرد مشكلتي بشكل مطول نوعا ما، للأجل الحصول على أدق إجابة.

عمري 25 سنة، أعزب ما زلت أدرس في الجامعة وأعيش مع أهلي.

قبل قرابة سنة وتحديدا في شهر رمضان المبارك الماضي كنت في سيارتي متجها إلى النادي بعد صلاة المغرب، وكنت أشرب مشروب طاقة خاص لأداء التمارين، فجأة انتابني شعور بضعف في القلب، ثم تزايد النبض بشكل عال جدا، والشعور بالغثيان والتعرق، وأحسست أني سأفقد وعيي.

استمرت هذه الحالة لأقل من دقيقة، واختفت شيئا فشيئا، اعتقدت في تلك اللحظة أن هذه الحالة ناتجة عن شرب مشروب الطاقة، فتوقفت عن استخدامه، ولم أعر تلك الحالة أي اهتمام.

ثم مرة أخرى بعد شهرين تقريبا تحديدا يوم عيد الأضحى كنت واقفا أصلي العيد، فداهمتني نفس الأعراض، ولكن بدرجة أعلى قليلا، حتى شعرت أني سأسقط، فقطعت الصلاة مباشرة، وذهبت للمنزل، جلست وارتحت قليلا، واختفت الحالة، ولم أفكر فيها، ولم أتخذ أي إجراء حيالها كالذهاب للمستشفى أو غيره.

ثم قبل ثلاثة أسابيع تقريبا بينما كنت مع أخي في سيارته عائدين للمنزل اتتني نفس الحالة تماما، ولكن هذه المرة أشد، وشعرت أنني سوف أموت، ولم أخبر أخي بشيء لحظتها، فذهبت بمفردي للطوارئ، وأخبرت الطبيب بما جرى لي، وعمل لي تحاليل وتخطيطا للقلب، وأخبرني بأني سليم ولله الحمد، ولكن هذه المرة لازمني الخوف والقلق الشديد، فبحثت عن الحالة، وعلمت أنها نوبات الهلع، واتصلت بطبيب عن طريق خدمة وزارة الصحة السعودية، وأكد لي أن هذه نوبات هلع، ونصحني بزيارة طبيب نفسي، وسأفعل إن شاء الله.

ولكن من يوم حدوث النوبة أصبح لدي خوف شديد ووسواس، وأكثرت الاطلاع والقراءة في الأيام الماضية، فقرأت عن الجلطات الدماغية، وخفت أن تصيبني، ومع التوسع قرأت عن الأمراض النفسية تحديدا الفصام، وعرفت أن مريض الفصام ينفصل عن الواقع، ويسمع أصواتا غير حقيقية، ويرى أشياء غير موجودة، وأن مرض الفصام يمكن أن ينتقل وراثيا فزاد لدي الرعب أكثر، وأصبحت كلما سمعت صوتا أتأكد من مصدره حتى لا يكون وهما، خصوصا أن لدي قريب كان مصاب بهذا المرض رحمه الله، وقد عايشته فترة حياته، ورأيت معاناته، وأنا خائف جدا من أن أصاب بهذا المرض.

أنا شخص حساس جدا تجاه النقد أو الكلام السلبي إذا وجه لي، ويرهقني كثيرا التفكير في المواقف التي تحمل هذه المشاعر، وأحيانا أبالغ في تفسير تصرفات الناس حولي حتى أهلي وأصدقائي وأقاربي، وأدقق كثيرا فيها، ولكن سرعان ما أتجاهل الفكرة، وأقنع نفسي أنها تصرفات عفوية تبدر من الجميع، ولا أحد يخصني بها، ولله الحمد لم يحدث أن تضررت علاقتي بأحد لمجرد الشك أو الظن، وعندي خصلة الإهمال بشكل واضح، كإهمال ترتيب غرفتي، وتنظيف سيارتي، لكن ليس مطلقا، فأنا أرتب غرفتي، وأنظف سيارتي، ولكن ليس بشكل دائم، تقريبا أسبوعيا، وأيضا أعاني من تشتت التفكير أحيانا، وكثرة السرحان جراء التفكير المتواصل، فهل هذه العلامات خطيرة؟

كما أتكلم مع نفسي داخليا، وأخاطب نفسي أحيانا كأني أخاطب شخصا آخر، ولكن أعي ما أقول، ولم يلحظ أحد علي شيئا مختلفا، فهل هذا يعتبر مؤشرا؟

مررت بمواقف سيئة في حياتي، فإذا تذكرت موقفا معينا يأتيني ألم في بطني أو كتفي، وأنا أعلم أنه ليس ألما حقيقيا، فهل هذا تصرف طبيعي؟ وما سبب نوبات الهلع؟ وهل ما حدث لي بعدها وسواس؟ وهل هو مرض؟ وكيف علاجه إذا كان كذلك؟ وهل يمكنني علاج نفسي بنفسي؟ لا أرفض الذهاب للطبيب، ولكن أفضل أن أبدأ بالأسهل أولا؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ anas حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حصلت معك ثلاث نوبات من الهلع واضحة جدًّا بأعراضها المعروفة، وبعد ذلك أُصبتَ بأعراض قلق (الخوف من أن تكون أصبتَ بالجلطة) هذا عرض من أعراض القلق، الخوف من الأمراض، وامتدَّ إلى الخوف من الأمراض النفسية والقراءة الكثيرة لمعرفة هل أنت مُصاب بهذه الأمراض أم لا؟ كل هذا –أخي الكريم– نوع من الخوف من المرض، وهو نوع من أنواع القلق والتوتر.

قد تكون الشخصية الحساسة لها دور، ولكن ليس بالضرورة أن يكون هناك سبب معيَّن لنوبات الهلع، فهي قد تأتي بدون أسباب معيَّنة، وما حصل بعدها –كما ذكرتُ لك– هي أعراض قلق وتوتر، واضطراب الهلع هو من اضطرابات القلق، يُصنَّف من ضمن القلق، لذلك تكون معه دائمًا أعراض قلق وتوتر وخوف من حدوث نوبة هلع أخرى.

إذا كنت متعايشا مع هذه الأعراض –أي لا تؤثِّر على دراستك الجامعية ولا تسبب لك توترا وقلقا شديدين– فيمكنك علاج نفسك وبالذات محاولة الاسترخاء والبُعد عن التفكير، وممارسة الرياضة، وبالذات رياضة المشي، ولكن إذا أثَّرت هذه الأعراض على دراستك وأصبحت تمثِّلُ لك هاجسًا وقلقًا طيلة الوقت فمن المستحب أن تلجأ إلى طبيب، وليس بالضرورة أن يكون العلاج بالأدوية، بل هناك علاجات نفسية كثيرة يمكن أن تُساعدك، وبالذات العلاج السلوكي المعرفي.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب جواد

    لدي نفس المشكل واريد حلا جزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً