الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تجرحني وتهينني وتعتبرني غبية، فكيف أتفاهم معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي مشكلة مع أمي، مهما فعلت لا أستطيع التفاهم معها، والتعامل ببر، ودائما أظهر بمظهر البنت العاقة!

أعلم ستحدثونني عن بر الوالدين وعن ضرورة تحملهما حتى لو تصرفوا بجفاء، لكن الوضع لدي أتعبني نفسيا؛ لأنها تتعمد الإساءة إلي سواء بالتجريح أو الإهانة، تستخف بي وتعتبرني غبية.

تشبهني بالأشخاص (الأقارب) الذين تكرههم أو ليست على وفاق معهم، لا أدري ما سبب هذا التعامل وهذه الكراهية، كما أنها تسكت عن الكثير من الأخطاء لكنها تحاسبني على أهون خطأ، وعندما أعترض وأدافع عن نفسي تعتبرني عاقة، يعني تتعمد إغضابي ثم تعتبرني عاقة لو رفعت صوتي أو رددت على إساءتها!

لا أعرف طريقه للتعامل معها، فأنا لا أريد أن أكون عاقة، وبنفس الوقت فقدت محبتي لها بسبب قسوتها علي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sun0x حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك – أختي الفاضلة – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع، سائلاً الله تعالى أن يفرج همك، ويكشف غمك، ويشرح صدرك، وييسر أمرك، ويرزقك الصبر والحِلم والسعادة، ويحقق لكِ آمالك وأمانيك الطيبة.

بخصوص انزعاجك من قسوة والدتك – حفظها الله وعافاها – فأنصحك بحسن الظن بها والصبر عليها والتفهُّم لعذرها؛ حيث إن الآباء وكِبار السن أحياناً يغلب عليهم شدّة القلق والتوتر عندهم؛ لتراكم المتاعب النفسية والبدنية والصحيّة المؤثرة على نفسياتهم وسلوكياتهم، ولذا أمرنا الله تعالى بالبر والإحسان إليهم عند كِبَر سنهم خاصة في قوله تعالى : (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكِبَر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُف ولا تنهرهما وقُل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذُل من الرحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا، وربما ضاقت صدور بعض الآباء بالأبناء كلهم أو بعضهم لاعتبارات كثيرة، فالواجب حسن الظن بهم وتقدير مشاعرهم ونفسياتهم، وهذا أقل الواجب معهم.

ومن التطبيق العملي لواجب البر بالوالدين وصلة الأرحام الصبر والتحمُّل والحِلم وحُسن الخُلق والمعاملة وحمل مشاعر المحبة والتقدير والبُعد عن أسباب النزاع والخِلاف والجدال معهم أو التبرُّم والغضب منهم فضلاً عن رفع الصوت معهم وإساءة الأدب إليهم، وحاولي التحبب والتقرب إلى والدتك بفعل كل ما يدخل السرور عليها، والبعد عن كل ما من شأنه إدخال الضيق إليها.

من المهم حسن الإصغاء والإنصات لوالدتك جيداً، والتعرُّف على أسباب سوء معاملتها، لمحاولة البعد عن أسباب غضبها وقسوتها ما أمكن، ويمكنك الاستعانة بمن تأنسين منهم من الأهل والأقارب من المتحلين بالأمانة والحكمة من المقربين لديها والمؤثرين عليها.

أنصحك بأن لا تبالغي في الشعور بالضيق والهم والتوتر، أو المبالغة في ردة الفعل تجاه الوالدة في كل الأحوال، واستحضار فضل الصبر على البلاء واستحضار عظيم الثواب والجزاء، لا سيما فيما يكون مصدره الآباء، مع استشعار ركن الإيمان بالقدر والرضا بالقضاء.

ضرورة شغل الوقت والفراغ بإعطاء جُل اهتمامك بنفسك فيما يسهم في تحصيل المنافع والمصالح الدينية والدنيوية، وذلك بالاهتمام بالتعليم والقراءة والدراسة وتنمية المواهب والثقافة ومتابعة البرامج المفيدة، والتخفيف عن الضغوط النفسية بلزوم الصحبة الصالحة والترويح عن النفس.

أوصيك بلزوم الذكر، وقراءة القرآن، والصلاة، وفعل الخير، واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، ففي ذلك أعظم الفضل والثواب والسعادة والراحة والاطمئنان وحسن الثواب والجزاء في الدنيا والآخرة.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يلهمك الحكمة والصبر والهدى والرشاد والصواب، والله الموفق والمستعان وهو الهادي إلى سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً