الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أعاني من مرض عضوي، أم مجرد وسواس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبلغ من العمر 24 عاماً، بدأت المشكلة منذ خمسة أشهر، فكنت أشاهد مقاطع لفتاة توفيت فجأة، وأثناء التصفح أصبت بشيء غريب، زيادة نبضات القلب، وضيق بالنفس، تنميل بالرأس ودوخة، فذهبت إلى الطوارئ، وعملت تحاليل دم شامل وتخطيط قلب، وأشعة صدر وإيكو القلب، ولكن أثناء عمل الطبيب للإيكو، أخبرني أنه يشك بوجود تشوه خلقي، فجعلني أرتاح في غرفة الملاحظة لليوم التالي، حتى يتأكد الاستشاري.

وفي صباح اليوم التالي نزلت نبضات القلب للوضع الطبيعي، وتم عمل الإيكو مرة أخرى ونفي وجود تشوه خلقي، وتم خروجي من المستشفى، ولكن رجعت نبضات تزداد مرة أخرى، جلست أسبوعين على هذا الحال، -والحمد لله- تحسنت، ولكنني الآن أعاني من خوف وقلق من الأمراض، وكلما تذكر ذاك اليوم أشعر بالخوف، وصار يأتيني ألم في الجهة اليسرى من الصدر، ومن الخلف من ظهري، وأحيانا يزيد عند العطس أو النفس العميق، وغازات بالبطن وألم.

لكن ألم الصدر يأتي حتى مع عدم شعوري بالغازات، وعندي عظمة بارزة في أحد أضلاع الصدر أحياناً تبرز وأحياناً لا، ذهبت للكشف عنها أخبرتني الطبيبة إذا ازداد حجمها أراجعها، فأصبحت خائفة من كل عرض، قرأت كثيراً عن هذه الأعراض قد تكون اضطراب نفسي، لكنني تحدثت مع زوجي ولم يعطي لموضوعي أهمية.

ما العمل الذي يمكنني أن أفعله لترجع حالتي مثل قبل؟ فقد أصبحت أفكر بالمرض كثيراً وبالموت، ساعدوني هل هذا ألم بالقلب أم ماذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هند حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت تعانين من قلق المخاوف ذو الطابع الوسواسي، ومشاهدتك لذاك المقطع عن الفتاة التي توفيت فجأة، كانت هي نقطة الإثارة والمرتكز النفسي الذي جعل هذه المخاوف والقلق والوسواس تظهر على السطح بالكيفية التي أوضحتها، ولا بد أن يكون لديك شيء من الاستعداد، والاستعداد يكون سببه البناء النفسي لشخصية الإنسان، أو التأثيرات الجينية الناتجة عن الموروثات، الخوف مكتسب ومتعلم لا شك في ذلك، وكل شيء مكتسب ومتعلم يمكن أن يزول من خلال التعلم المضاد، كل الأعراض الجسدية التي تحدثت عنها مرتبطة ارتباطا مباشرا بقلق المخاوف الوسواسي.

وموضوع التغير البسيط الذي ظهر على الإيكو هذا أمر طبيعي، وكثير من الناس لديهم هذه الاختلافات الخلقية المعروفة، ويعرف أن بروز جهة أو جانب معين من جسم الإنسان واختلافها عن الجزء الآخر هذا أمر طبيعي، نجد كثيراً عظام القفص الصدري مثلاً قد تبرز عظمة معينة في الجهة اليمنى دون الجهة اليسرى وهكذا، إذاً هذه أمور طبيعية جداً موجودة في الناس، لكن الأمر تجسد وتضخم لديك وأصبح شاغلاً؛ لأن قابليتك هي الخوف والتوتر موجودة.

أرجو أن يكون هذا الشرح مفيداً لك، وأرجو أن يكون سبباً في قناعتك ألا تشغلي نفسك بهذه الأعراض، ويجب أن تتجاهليها وتعيشين حياتك بصورة طبيعية جداً، أنت محتاج لأحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، تحدثي مع زوجك الكريم حول هذا الأمر وإن وافق أن تذهبين إلى الطبيب النفسي فلا بأس في ذلك، وإن لم يوافق على ذلك يمكن أن تذهبي إلى طبيبة الأسرة في المركز الصحي، ويمكن أن تصف لك دواء مثل السبرالكس فهو دواء رائع جداً لعلاج قلق المخاوف الوسواسي، ولا يسبب الإدمان ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، ودرجة سلامته عالية جداً.

وللمزيد من التوضيح يمكن أن أوضح لك جرعة السبرالكس المطلوبة في حالتك، جرعة البداية دائماً جرعة صغيرة وهي أن تبدئين بنصف حبة أي 5 مليجرام يتم تناولها ليلاً لمدة 10 أيام بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، واستمري عليها لمدة شهر ثم ارفعي 10 مليجرام، واجعليها 20 مليجرام يومياً لمدة شهرين ثم خفضيها مرة أخرى إلى 10 مليجرام يومياً لمدة شهرين، ثم اجعليها 5 مليجرام لمدة شهر ثم 5 مليجرام يوم بعد يوم لمدة شهر آخر ثم توقفي عن تناول الدواء، قطعاً هذا الدواء سوف يساعدك كثيراً، ليس لديك أي ألم في القلب هذا ألم في العضلات الخارجية لجدار القفص الصدري وهي ناتجة من التوتر النفسي الذي يؤدي إلى توتر عضلي.

الأمر لا علاقة له بالقلب أبداً، كل الأعراض التي لديك هي أعراض نفسوجسدية، بمعنى أن منشأها ظاهرة الخوف والوسوسة التي تتميز بها شخصيتك، ويعرف أن هذه الأعراض تختفي تلقائياً مع مرور الأيام، لأن الإنسان قطعاً يتطور ويصل إلى مرحلة النضوج النفسي بمرور الأيام.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً