الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي أصيب بفقدان الذاكرة بعد تعرضه لحادث.. هل ستعود له الذاكرة؟

السؤال

أخي أصيب بحادث وتعرض لكسر في الجمجمة، ونزيف وكدمات في المخ، النزيف توقف في اليوم الثاني أو الثالث، والدكتور أخبر أن النزيف بسيط، ولم يحتج لتدخل جراحي، ثم بعد ذلك بقي على التنفس الصناعي وفي غيبوبة لمدة 10 أيام، ودرجة الإفاقة 6 ثم ارتفعت لـ 8، وحاليا 13 أو 14 كما أخبرنا الطبيب.

بعد ذلك أزالوا عنه التنفس الصناعي، وبقيت الحالة مستقرة، وفي اليوم الثالث عشر بدأ يستيقظ من الغيبوبة، فأصبح يفتح عينه في بعض الأحيان بصعوبة.

في اليوم الخامس عشر أخبرنا الطبيب بأن نأخذه ونحاول أن نمشي به قليلا على قدميه، فأصبح يمشي معنا بشكل ممتاز، وبتوازن والحركة كلها سليمة -ولله الحمد- بعدها بيومين بدأ يتكلم، فأقول له قل: كذا كذا، فيقول الكلام الذي أقوله، ومخارج الحروف لديه سليمة وصحيحة.

في اليوم السابع عشر أصبح يستطيع أن يشرب الماء بشكل خفيف جدا، بعدها بيومين وتحديدا في اليوم الـ19 أصبح يشرب بشكل أفضل.

في اليوم الـ20 أصبح يأكل ويشرب -ولله الحمد- من تلقاء نفسه، في اليوم الـ21 استطاع الذهاب للحمام، وقضاء الحاجة (مع مساعد)، ويجلس ويقضي حاجته ثم ينهض، ويلبس لباسه.

الآن نحن باليوم 22، لكن المعضلة أنه لا يتذكر شيئا، ولا يعرف شيئا (مع العلم أنني أكثر من مرة أقول له، هل تعرفني فيقول "نعم" لكن لا ينطق اسمي)، والذي أخشاه أن لا تعود الذاكرة إليه، وهذا الأمر أتعب نفسية والدتي، فهي تخشى أن يبقى كالمجنون لا يعرف شيئا ولا يتذكر.

سؤالي لكم أيها السادة الفضلاء: هل من الممكن أن تعود له الذاكرة، ويُصبح إنسانا عاقلا كما كان؟

وهل هناك أدوية تساعد على ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله على سلامة هذا الأخ، وأسأل الله له العافية والشفاء، طبعاً الإصابات الدماغية التي تؤدي إلى فقدان الوعي والدخول في غيبوبة قد تؤثر على إدراك الإنسان واستعمال مخزون الذاكرة، أو تسجيل المعلومات فيه، وعمر الإنسان يلعب دوراً في هذا السياق، بالنسبة للشباب وصغار السن الذاكرة ترجع -إن شاء الله تعالى- ولا تكون هنالك أي مشكلة.

أما بالنسبة لكبار السن، فقد تكون الحالة أكثر تعقيداً، وقد تستغرق عودة الذاكرة وقتاً طويلاً، وذلك حسب عمر المريض ونوعية الإصابة ومكانها.

أنا أرى أن الأمور بالنسبة لهذا الأخ تسير -الحمد لله تعالى- في الاتجاه الصحيح، التدرج الذي ذكرته حول تطور الحالة مبشر جداً، ويعرف أن بعض الإصابات الدماغية تصعب على الإنسان تذكر ما قبل الحادث وما بعد الحادث، تذكر ما حدث قبل الحادث ظاهرة معروفة جداً، وغالباً يكون التحسن فيها أسرع، وفي هذه الحالة أي إذا حدث تحسن أسرع لما افتقده الإنسان من ذاكرة قبل الحادث، فهذا يعني أن الحالة سوف ترجع إلى طبيعتها، والتذكر لما بعد الحادث قطعاً يكون اكتسابه أو رجوعه أبطأ، لا بد أن نلاحظ هذه الفوارق.

هذا الأخ -بإذن الله تعالى- أموره طيبة، ومن الواضح أنه سوف يتحسن، وقد تستغرق الحالة ثلاثة أشهر حتى يعود لوضعه الطبيعي، الآن أنتم حاولوا أن تعطوه بعض المعلومات اليومية كذكر اليوم له والتاريخ، وأن تعرفوه حتى بأنفسكم هذا يريحه كثيراً ويجعله لا يبحث عن الكلمات؛ لأن البحث عن الكلمات من المخزون السابق إذا لم تأت بسهولة، فهذا يقلق المريض كثيراً.

فإذاً التذكر والتحدث معه دون إجهاده، وتلاوة شيء من القرآن ليسمعه هذا كله -إن شاء الله تعالى- يساعده كثيراً، لا توجد أدوية معينة حقيقة يمكن أن نقول أنها سوف تعجل بإعادة الذاكرة، هنالك عقار يعرف باسم نتروبيل، بعض الأطباء يعطونه في مثل هذه الحالات، حيث يقال أنه يحسن من تدفق الدورة الدموية على أجزاء الدماغ المختلفة؛ مما يحسن الذاكرة، إذا رأى الطبيب أن يعطى هذا الدواء فلا بأس به، هو لا يضر، وقد ينفع، نسأل الله له العافية، وأرجو أن تطمئن الوالدة تماماً أنه وبفضل من الله تعالى فرصته كبيرة جداً في أن يرجع إلى حالته.

الرجوع سيكون متدرجاً، وأنا أعتقد أن فترة ثلاثة أشهر كافية حتى تتحسن ذاكرته بصورة جيدة، وإن استغرقت وقتا أطول حتى 6 أشهر يجب أن لا ننزعج، المهم أن يكون هنالك تحسن تدريجي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات