الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أدري مما أعاني، أهو اكتئاب أم قلق أم ماذا؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ 3 سنوات هاجرت إلى إحدى البلدان الأوروبية بمفردي، وأنا أعزب، وعانيت من الوحدة كثيرا في بداياتي، وكان صعبا علي أن أتأقلم، كنت في سكن مشترك خلالها، وفي تلك الفترة قمت بفسخ خطبتي، ثم خطبت أخرى وبعدها بسنة اختلفنا أيضا، وقمت بفسخ الخطبة، وبعدها حزنت حزنا شديدا.

أثرت فيّ جدا الخطبة الثانية، ومن هنا بدأت الأعراض، طبعا مع الشعور بالوحدة، والغربة من المحيط أغلب الأوقات، خصوصا هنا في أوروبا.

بعدها ب 3 أشهر أكثرت من المشروبات المنبهة، والكولا، والتدخين بشكل كبير جدا، لم أنم تلك الليلة، وأنا أرتجف، وأنا خائف، ولا أعلم ما بي، وأشعر كأني غير موجود!

ذهبت للطبيب أعطاني منوما، استخدمته مرة أو مرتين فقط؛ لخوفي من إدماني عليه، وبعدها صارت جودة النوم عندي سيئة جدا، وصرت أخاف، ويدق قلبي، ومعدتي تقرقر، وأصابني طنين في الأذن.

عملت طبقي محور لرأسي ولم تظهر النتائج شيئا. ذهبت لطبيب عام وشكوت له، أعطاني دواء للهلع، استخدمت منه حبتين وتركته، ثم بعد ذلك تحول الأمر معي إلى خوف من الوحدة، ومن الظلام، ومن الليل أحيانا عندما أمشي وحدي.

كنت أحضر كورس لغة، وخلاله كانت الفترة الأسوأ، حيث تدهورت حالتي، وأصبحت كأني مكتئب، ولا يوجد لدي رغبة بشيء، وأنا دائم التفكير بحالتي، وأسأل نفسي ماذا حصل لي؟

نزل وزني جدا بهذه الفترة، وشحب لوني، وصرت أنحرج من الاجتماع مع الناس، ولا أريد الجلوس معهم كثيرا، وكنت أحس كأنني غير موجود، وأفقد الإحساس بنفسي لثواني.

بعد فترة قررت أن أذهب لطبيبي العام، ووصف لي ميرتازابين 15 ملغ بمقدار حبة قبل النوم، أخذت حبة ولم أستطع تحمل تأثيرها، حيث أني لم أستطع الوقوف، وشعرت بخمول فظيع، والنوم لساعات كثيرة جدا، ثم أشار علي بأن أخفض الجرعة إلى نصف حبة.

كان الوضع أفضل، وساعدني الدواء في سرعة النوم، ولكن صارت تأتيني كوابيس، وأحلم بأكثر من حلم في نفس الليلة، وكلها بلا معنى، وغير مترابطة، وكنت أخاف أحيانا عند أخذ الحبة ليلا.

استمريت على الدواء سنة كاملة، تركته وشعرت بتحسن لفترة بسيطة، ثم عادت الأعراض فترة ثم تذهب.

استمرت أعراض الغرابة، وعدم الاستقرار، أحيانا فرح، وأحيانا أعود لحالتي، أحيانا كنت أخاف من النظر لنفسي في المرآة!

أنا مدمن منبهات، شاي، قهوة، متة، كولا، شوكلاتة، تدخين.

واستمرت الأمور معي إلى اليوم، نوم متقطع، تحسنت منذ فترة شهر، وأصبحت أنام لمدة 7 ساعات متواصلة.

تركيزي ضعيف، ومشتت جدا، وأحيانا أشعر أني متوتر، ومتضايق جدا، ومنفعل، ولا أستطيع الدراسة، أشعر أن عقلي مشغول دائما.

أحيانا أستغرب أشكال الناس، أستغرب كيف أننا نمشي على أرجلنا، أستغرب لماذا هي الأرض بهذه السوية، لماذا هي غير مائلة مثلا، تشوش عندي المفهوم الديني، والارتباط الديني.

أخاف من السماء، وأشعر أننا محبوسين تحتها ولا مفر مثلا، وأنا أعلم أن هذه الأمور بديهيات، وأتحسس من الضوء أحيانا، والصوت العالي، وتقريبا نادرا ما أستمتع بشيء، يعني لا أذكر أنه مر علي أسبوع جميل منذ ذلك اليوم أو أسبوع مستقر.

أحيانا أشعر أني بحاجة للذهاب لطبيب نفسي، وأحيانا لا، ولصعوبة إيجاد طبيب نفسي هنا يتكلم العربية لأشرح له معاناتي أيضا، فأنا لم أذهب لطبيب متخصص.

آسف على الإطالة، ولكن اضطررت لشرح كل شيء لتوضيح الصورة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmad staif حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الغربة في حد ذاتها تشكل دائماً ضغطا نفسيا؛ لأن الشخص يبتعد عن أهله ومحيطه وتقاليده ويأتي إلى بلد آخر تقاليده مختلفة، وبالذات إذا كانوا يتحدثون لغة أخرى، فهذا أيضاً يصعب من المشكلة يا أخي الكريم، وطبعاً البلاد الأوروبية مختلفة في العادات ومختلفة في اللغات، وهذا يؤدي إلى كثير من الضغوطات النفسية -يا أخي الكريم- للناس.

على أي حال الناس يتأقلمون بعد فترة، وأهم شيء يساعد الشخص على التأقلم هو إتقان اللغة، تعلم اللغة وإتقانها يساعده كثيراً في التغلب والتأقلم مع المجتمع، وفي الدراسة إذا كان دراسة أو الحصول حتى على عمل، ومن ضمن الأشياء التي تساعدك اللغة فيها التواصل مع الأطباء -يا أخي الكريم- فيمكنك التواصل مع الأطباء إذا أجدت اللغة، فهذا جانب مهم من الأشياء التي تساعدك في التغلب تعلم اللغة مهما واجهتك بصعوبات.

أنت -يا أخي الكريم- تعاني من أعراض قلق وتوتر واضحة، والأدوية دائماً بالذات مضادات القلق يجب الاستمرار فيها لفترة من الوقت -يا أخي الكريم- ولا نستعملها لأيام أو أسابيع، يجب أن يستعمل لعدة شهور، وقد يفيدك يا أخي الكريم دواء السبرالكس واسمه العلمي استالبرام، قد يكون موجودا في الدولة التي تعيش فيها ويمكن أن تطلبه من الطبيب العام وسوف يكتبه لك، استالبرام 10مليجرام ابدأ بنص حبة أي 5 مليجرام لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك حبة كاملة وعليك الاستمرار فيه يا أخي الكريم لفترة لا تقل عن 6 أشهر حتى تختفي أعراض القلق وتعيش حياتك طبيعية، وكما ذكرت هناك أشياء يمكن أن تعملها مثل تعلم اللغة، الرياضة أيضاً -يا أخي الكريم- وسبل الرياضية متوفرة دائماً في الدول الأوروبية، الرياضة وبالذات رياضة المشي تساعد كثيرا جداً في الاسترخاء النفسي -يا أخي الكريم-.

الشيء الآخر موضوع الخطوبات المتكررة أيضاً يؤدي إلى القلق تحتاج إلى شريكة حياة، يجب عليك إذا استخرت ووجدت الشريكة المناسبة أن تتوكل على الله وترتبط بها وتتزوجها، والزواج أيضاً يؤدي إلى استقرار نفسي كبير في الغربة، ويخرجك من العزلة التي تعيش فيها.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً