الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا في حيرة بين رعاية الأهل أم الزواج؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، عمري 38 سنة، حسنة المظهر، بشخصية قوية ومرحة ومحبوبة جدا من المحيطين بي -الحمد لله- أعمل مع مؤسسة دولية للإغاثة، منذ شهرين زارنا في فرعنا زميل من المقر الرئيسي للمؤسسة، وحصل إعجاب بيننا، واختار هو الطريق الأصح عندما أخبرني أنه لا يريد علاقة حب، وإنما يريد الارتباط والتعرف على أهلي، والتقدم رسمياً لي في حال أبديت أنا موافقتي.

هو شخص محترم جدا وملتزم، وناجح بعمله حيث إنه يشغل منصبا بالمقر الرئيسي للمؤسسة يجعله مسؤولاً عن عدة فروع في دول مختلفة من بينها بلدي، وقامت مديرتي بالسؤال عنه لأجلي، واتضح أنه شخص ذو أخلاق عالية، حيث أجمع من سألتهم عنه أنه لم يشرب الكحول أبدا ضمن الاجتماعات والاحتفالات التي تقيمها المؤسسة، وأنه ملتزم بعمله، وأنه لم يسبق أن كان له علاقات مشبوهة.

قلبي يخبرني أنه هو الشخصية التي تمنيت أن أرتبط بها، ولا أريد أن أبدي السطحية إن أخبرتكم أن لي فقط ملاحظتين عليه -شكل أسنانه، وطريقته بتناول الطعام-!

لماذا عمري 38 سنة ولم أتزوج بعد؟ الجواب؛ لأنني فتاة بمقاييس عالية للارتباط، وأرفض أن أتزوج بهدف الزواج فقط، أريد أن أرتبط بإنسان مميز.

والأمر الآخر: هو أنني مرتبطة جدا بعائلتي فهم بحاجتي في جميع النواحي المادية والنفسية، وجودي معهم هام جدا، حيث إن أبي عمره 67 سنة، وأمي 61 سنة، وتعاني من أمراض كثيرة، بالإضافة إلى ذلك لدي أخ معاق عقليا عمره 31 عاما، هو متعلق جدا بي، ووجودي مهم جدا له.

مع العلم أنني في بلدي أعمل في مدينة بعيدة عن أهلي، فأنا أعيش في سكن فتيات، وأعود لأهلي كل خميس وجمعة وسبت! صحيح يوجد غياب، ولكنني في النهاية في نفس البلد، وأتواصل معهم من خلال الانترنت، وأسعى أن لا يشعر أخي المريض بغيابي؛ لأنه كثيرا ما يفتعل المشاكل، ويضرب عن الطعام بسبب غيابي، وأحيانا أضطر أن أذهب للعمل، وأعود للمنزل يوميا ما يعني تقريبا 6 ساعات مواصلات كي أدعم أهلي، وأساعدهم بسبب وضع أمي وأخي!

لماذا أعمل بعيدة عنهم؟ لأنني كما سبق أدعم أهلي ماديا، ودخلي هو ضمان استمرار الحياة الكريمة لهم، حيث إن أبي متقاعد، ودخله لا يكفي للمصاريف الشهرية العادية، فما بالكم بأدوية نفسية غالية جدا لأخي المريض، وديون متورط بها أخي الكبير الذي يسكن مع أهلي، ولكنه بلا مسؤولية، وأحيانا يكون عبئا علينا، ولم تتوفر لي فرصة للعمل بنفس المدينة التي يسكن بها أهلي.

الرجل يريد جوابي النهائي، وهو متفهم للعلاقة الخاصة بيني وبين أهلي ووعدني أنني سأزور أهلي كل شهرين كأقصى حد، وأنا لا أستطيع حسم أمري، خائفة جدا من فكرة ترك أهلي والاستقرار ببلد آخر، ترك والدين كبيرين بالسن وأخ مريض! بالنسبة لي خلق الأبناء لمساعدة أهلهم والبقاء لجانبهم في مثل هذه الظروف الصعبة! ولكنني أيضا أشعر أنني سأندم إن خسرت هذا الشخص!

أختي متزوجة وتعيش قريبة من أهلي تزورهم عادة من مرة إلى مرتين أسبوعياً، أخي الكبير عديم المسؤولية أيضا يعيش معهم وإن حدث وتزوج سيسكن بالطابق الأرضي لمنزلنا، هل هذه أسباب كافية تجعلني أقبل هذا العرض وأتزوج وأترك أهلي؟

علماً أن قلبي وعقلي مع فكرة اختيار أهلي، أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونحيي حرصك ورعايتك لأسرتك، ونبشرك بأن في ذلك خيرا لك، ونسأل الله أن يوفقك ويسعدك، ويحقق في طاعته أملك.

أرجو أن لا تفرطي في الرجل المذكور، واعلمي أن استمرار الخدمات لوالديك ولغيرهم في زواجك وارتباطك بهذا الشخص الذي أبدى تفهما لأوضاعك واستعدادا للمساعدة في استمرار رعايتك لأهلك، الذين سوف يسعدون عندما يشاهدون من قدمت لهم الخدمات الجليلة تدخل إلى بيتها.

أما بالنسبة للاستمرار في الرعاية، فالتواصل أصبح سهلا، كما أن حاجتهم الكبرى في الجانب المادي، وأنت سوف تستمري في دعمهم، ووجود أختك مع توفر الأموال سوف يوفر لهم الاحتياجات الأساسية، والناس والأهل في العادة لا يقصرون، ونتوقع أن يكون لشقيقك الأكبر دور مختلف في غيابك، فلا تترددي في القبول، ولا تضيعوا فرصة الرجل المناسب، ورغم أن الأمر يبدوا صعبا عليك وعليهم إلا أن الناس سرعان ما يتعودون على هذه الأمور، وهكذا تمضي الحياة والأحياء وفق تقدير رب الارض والسماء.

ونحن إذ نشكر لك الدور الكبير تجاه الأهل نؤكد لك احتياج الجميع لاستمرار مثل هذه الأدوار، وهذا ما نرجو أن يتحقق من خلال ذرية صالحة يرزقك الله بها بحوله وفضلة من الرجل الطيب الذي طرق بابكم.

وهذه وصيتنا لكم بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونؤكد لك أن جمال الرجل إنما يكون في كمال أخلافه، وفي حضوره وحيويته، وإذا كان الناس قد أثنوا عليه خيرا، فهو أفضل مما قالوه عنه؛ لأن اجتماع الناس على الثناء على الشخص يعني أنه شخصية مميزة.

أما بالنسبة لطريقة تناوله للطعام فأمرها سهل وسوف تنجحين في تعديل الأوضاع، ونتمنى أن تدركي أنه من الصعب أن يجد الرجل امرأة بلا عيوب، كما أنه يصعب على المرأة أن تفوز برجل بلا نقائص، فكلنا بشر والنقص يطاردنا، ويكفي ما حصل في نفسك من ارتياح له وانشراح، ويكفي أنه اختارك رغم كثرة من يقابل، والحقيقة هي ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونكرر مطالبتنا بالقبول بالرجل، وإكمال مشروع الزواج، ونسعد باستمرار تواصلكم مع موقعكم، ونسال الله أن يوفقكم ويسدد خطاكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول المستشار ابو سعيد المصلح

    اولا اختي الكريمة ابارك لك برك بوالديك واهلك واحسانك لأخيك المعاق ،وتحملك المسؤولية التي قل من يتحملها من الرجال في وقتنا الحاضر ،وان شاء الله سترجع ذالك كله بالتوفيق في حياتك (ان الله لا يضيع اجر المحسنين) وعليك ان تعلمي ان هذا الرجل وان اثناه الجميع فهم لم يعرفوه كما ستعرفه انت بعد الزواج ، وهل سألت هل هو محافط علي الصلاة فهذا هو دليل الصلاح وارجو انه يحافطها ، وعليك ان تعلمي علم اليقين ان كل انسان تعتريه الخطايا والاخطاء وتدرأ عليه السيئات والحسنات ويتغير كما تتغير المياه فكوني مستعدة لأي شئ ولا تنصدمي ولا تفقدي ثقتك بزوجك المستقبلي لأجل زلة او اثنين او عشرة ، ولا تتفاجئ ان صرخ بوجهك فربما يمر بضغط خارج البيت لا تعلميه ،تعاملي مع زوجك كأنك ستعيش حياتك كلها معه وانه نصيبك ما الملايين، وتذكري حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم (لا يفرك مؤمن مؤمنة ان كره منها خلقا رضي منها آخر) فالشيطان دائما يطهر المساوئ ويعميك عن حسنات زوجك ان لم تحافطي علي الصلاة والاذكار وقراءة القرآن فوقتها لن يؤثر عليك ، ولكنه لا يفارقنا كما جاء في الحديث (ان الشيطان يجري من بني آذم مجري الذم) وايضا كل شخص له قرين يوسوسه ولا يفارقه وسلاح الانسان ان يتعوذ من الشيطان ويحافط علي الاذكار فهذا سيقلل تأثيره ويضعفه، واختبري الشخص قبل الزواج فالزواج ليس ساحة تجربة ،فالانسان يجب ان يختبر سفيته قبل الابحار بها وان يتعلم السباحة قبل النزول للبحر، واحرصي ان تعيشي ببيت مستقل وان كان ايجارا تقديرا لحالة زوجك المادية ،فالسكن مع الأهل غالبا تتوتر العلاقات وينزغ الشيطان بين الأهل والزوج او الزوجة واستخيري بالله فما خاب من استشار ،وفقك الله للخير يا اختي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً