الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرجوك أن تنصحني أترك تخصصي أم لا!

السؤال

عمري 19 سنة، أعيش في الصين، سنة أولى جامعي، منذ صغري وأنا أحب الرسم وتأليف القصص، بعد أن كبرت اخترت تخصص تصميم ملابس، وكنت أريد أن أكون كاتبة عبر انترنت، مع أن أمي كانت تريد أن أكون طبيبة، إلا أنني اخترت تصميم الملابس، كان حلمي أن أؤسس شركة خاصة، وكنت أريد أن أرى ابتسامة الجميع بعد أن يرتدوا الملابس التي أصنعها، وأن أكون متفوقة، كنت أريد أن أكمل التصميم مع تأليف قصص، كنت أريد أن أجمع مهنتين معاً.

ولكن عندما أتيت الصين بدأت بدراسة لغة الصين لمدة سنة، في الفصل الأول كنت متحمسة ومملؤة طاقة، ولكن في الفصل الثاني فقدت الأمل، اكتشفت أني أبطأ عن جميع من قبل، كنت مصابة بالاكتئاب، ولكن أصبحت أسوأ، أخدتني معلمتي إلي طبيب، وبدأت آخذ أدوية، ولكن أصبحت درجاتي أسوأ من قبل، ونجحت بالكاد بدرجة مقبولة، خلصت سنة، ذهبت إلى مدينة أخرى لأدرس تخصصي، كنت أقول لنفسي حسنا سأبدأ من جديد، ولكن اكتشفت ما هو أسوأ في الفصل الأول اكتشفت أني لا أفهم أي شيء مما تقوله المعلمة (كنت أدرس كل المواد باللغة الصينية) والأسوأ من ذلك أن كل زملائي درسوا الرسم من قبل، وطريقة رسمه، يمكن أن تقول كأنها احترافية، أما أنا كنت مبتدئة، كنت أحب الرسم كهواية، واكتشفت أني أقل من جميع من كل نواحي.

أريد أن أفهم ما تقوله المعلمة، ولكن لا أفهم مهما حاولت، يئست من كل شيء، أشعر أن أحلامي تبتعد عني ولا أستطيع أن أمسكها، كرهت الرسم، أشعر أني بلا موهبة، لم الجميع أفضل مني؟ لم أنا مختلفة؟ لم بشرتي سوداء؟ لم لا أستطيع أن أكون مثل البقية؟ أريد أن أكون مثل زملائي، أن يكون لدي أصدقاء وسعيدة، كل مرة أتصل أمي تسألني هل أنت بخير؟ أريد أن أقول لست بخير، ولكن أقول العكس، أتظاهر بالسعادة لكي لا تقلق!

أريد أن أعرف لم بلدي مستعمر؟ لم علي أزحف وأناظل لأصل ما أريد؟ أما الجميع فكل شيء بين يديهم، أريد أن أترك تصميم الملابس؛ لأني ليس لدي أي رغبة لدراسته؟ وأشعر أن ليس لدي مهوبة لأكمل، يئست منه، أشعر بالضعف والهزيمة، أشعر بالغيرة من زملائي، جميلات، بياض بشرة، أذكياء، متفوقون، أما أنا فعكس ذلك سمينة، سوداء، غبية، سيئة الحظ.

أريد أن أبتعد عن الجميع، أسأل نفسي لم لم يخلقنا الله متساوين؟ هل الله يكرهني؟ من أنا؟ ما أريد؟ ما هي أحلامي؟ ماذا أريد أن أتعلم؟ أين ذهبت أحلامي؟ بعد ثلاث سنوات ماذا سيحدث لي؟ هل أغير تخصصي بسبب ليس لدي رغبة؛ ولأني لست موهوبة أم أكمل بحكم أني أعرف أني شأفشل؟

أرجوكم أن تساعدوني؛ لأن حياتي أصبحت كئيبة، لا أخرج من المنزل، لا أفعل شيئا، أذهب إلى المكتبة دوما (أحب قراءة الكتب) وأرى الكتب لكني لا أفهم، مكتوبة باللغة الصينية أرجع؟ حاولت أن أحسن لغتي ولكن مهمها بذلت من جهد نتائجي أسوأ من الجميع.

ذهبت إلى المدير لطلب دراسة تخصصي بالانجليزي، ولكن تم رفض الطلب، فقدت الأمل!

أرجوك أن تنصحني، أترك تخصصي أم لا.

وشكراً لك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مشاعل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض والوضوح في السؤال، ونسأل الله أن يوفقك وأن يصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير ويحقق الآمال.

أرجو أن تعلمي أن وصولك إلى الصين، ووصولك للمرحلة الجامعية، وكتابتك للاستشارة بهذا الوضوح، كلها أدلة على إمكانية التحسن، بل هي أدلة على أن لك مواهب وقدرات، والمطلوب هو اكتشافها وتنميتها.

ولا يخفى على أمثالك أن الناس لا يتمايزون أو يتفاضلون بالألوان ولا بالأشكال، ولكنهم يتمايزون بتقواهم لله وبكسبهم وجهدهم وإحسانهم، كما قال علي رضي الله عنه: ومقدار كل امرئ ما قد كان يحسنه.

وقد جاء في الحديث: إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم؛ فالألوان والأشكال ليست من كسبنا، ولا من عملنا، بل هي من الله، وكل فتاة لها من يعجب بها في لونها وشكلها، ويسعدها ويسعد معها، والناس جميعا أبناء لآدم عليه السلام وآدم خلق من تراب.

وهذه بعض النصائح المهمة التي أرجو أن تركزي عليها:
1 عليك بكثرة اللجوء إلى الله.
2 تسلحي بالرضا بقضاء الله وقدره وقسمته بين عباده، واعلمي أن نعم الله مقسمة، وكلنا صاحب نعمة، والسعيدة هي التي تتعرف على نعم الله عليها ثم تؤدي شكرها لتنال بشكرها لربها المزيد.
3 واصلي في تخصصك، واجتهدي في تطوير لغتك، ولا تضيعي وقتك في الأفكار السالبة، واعلمي أن من في مؤخرة الصف سوف تصبح في المقدمة بالصبر والاجتهاد والمثابرة، وقد مرت علينا نماذج وجدوا مثل معاناتك لكنهم في الأخير تفوقوا وحققوا ما أرادوه.
4 تجنبي الاعتراض وإظهار التضجر، وابتعدي عن أسلوب لماذا الله؟ فربنا العظيم لا يسأل عن ما يفعل ، وما قدره لأي إنسان فيه الخير، ولو كشف الحجاب لما تمنى أي إنسان إلا ما قدره الله له.
5 العبرة في الدراسات الجامعية ليست بكون الإنسان متقدم على أقرانه أو لا، ولكن المهم هو تحقيق المعايير المطلوبة، والفرق كبير بين ميدان الدراسة وميادين الحياة، ومجال التصميم للأزياء بابه واسع، وميلك له يؤهلك للتقدم فيه.
6 اهتمي بتنظيم وقتك، وانصرفي لدراستك، واستعيني بالله وتوكلي عليه، واطلبي مساعدة أساتذتك ومن حولك، ولا تجلدي ذاتك، واعلمي أنه لا ذنب لبلدك، فاهتمي برعاية نفسك.
7 لاتقللي من قدراتك وتعظمي من قدرات الآخرين؛ فتلك جريمة في حق نفسك، واعلمي أن الله أعطى كل إنسان ما يتميز به عن من سواه.
8 استمري في التواصل مع موقعك، وثقى بأن كل من في الموقع يتشرف بخدمتك وخدمة رواد الموقع.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وقد أحسنت بعدم إشراك أهلك في معاناتك؛ لأن ذلك سوف يزعجهم ولا يستطيعوا أن يفعلوا شيئا وأنت ولله الحمد قادرة على تجاوز صعوبات البدايات، فتسلحي بالصبر وتوكلي على الله.

نسأل الله أن يوفقك وينجحك ويسعدك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً