الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحسنت بعد ذهابي للطب النفسي لكن لا زالت تعاودني النوبات!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ سنتين كان لي استشارة في موقعكم الكريم، والآن يا سادة بعد ذهابي للطب النفسي، وأخذ الدواء لمدة سنة وشهر تقريبا تحسنت كثيرا بفضل الله ومنته، ولكن لا زالت هنالك نوبات تأتيني ولكنها ضعيفة جدا، تربكني وتشعرني بأنني سأعود لما كنت عليه في بداية مرضي، فمثلا قبل أمس المغرب جاءني شعور ارتباك وبعدها ذهب، وعصر أمس حصل الشيء ذاته، ونمت واستيقظت بشعور مكتئب بعض الشيء.

وأنوه لسيادتكم أنني عندما بدأت أتحسن كثيرا وأتوعك قليلا، وأن حالتي ليست كالسابق أتحسن قليلا وأتوعك كثيرا؛ بدأت أترك مواعد الدواء، وربما تصل لأيام حتى أشعر بانسحاب الدواء وأعود للدواء مرة أخرى، فهل هو السبب؟ ولا زال عندي هاجس في لون السماء؛ ففي بعض الأحيان أراها سوداء كالكحل وأحيانا أراها زرقاء داكنة مائلة للسواد. كما أن لساني يبقى مرتفعا لسقف حلقي وأسناني مطبقة على بعضها، ولا أدري ما السبب! وأيضا بعد تحسني من النوبات والاستفراغ الكثير أصبحت تأتيني نوبات ألم في الجانب الأيمن وبعدها بطني يؤلمني وأستفرغ فيذهب الألم، وبعد الكشف تبين أن لدي حصوات كثيرة في المرارة، واستأصلت المرارة وارتحت، فذهب الألم.

بعدها بفتره أصابني التهاب البنكرياس وتعالجت منه -والحمد الله-، والآن عندما أتناول الطعام أصاب بارتباك بصري، وأحيانا شعر بغثيان، وبعض الأحيان عندما أنام أستيقظ على طعم القيء بفمي، وعندما أتناول الطعام أشعر بحرقة في الجانب الأيمن، فعندما أتناول دواء (نكسيوم) أشعر بالارتياح، وعندما أتوقف عنه أعود. كما أن لدي ألما في رأس المعدة بعد تناول الطعام.

كما أن البراز -أكرمكم الله- يكون على شكل إسهال مائل للسواد في بعض الأحيان، ويعود طبيعيا بعد تناول (النكسيوم)، وأيضا أعاني من نقص فيتامين (د)، وقالوا لي: إنه سبب النوبات والهلع، فأنا أشعر بتعب عند فعل أي أمر، أو عند صعود الدرج، وقد تعالجت من نقص الفيتامين قبل تناولي الدواء النفسي.

وفي آخر مرة أجريت فيها التحليل لهذا الفيتامين وجدته (17) بعد أخذ كورس كامل، ولم أعد أتناوله، فهل هذا السبب أيضا؟ الدواء الذي أتناوله الآن (كيتوكسال) بجرعة (20) ملغ.

أشكر جهودكم يا أفاضل، وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ فاتح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب وعلى ثقتك في هذا الموقع، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي: أنت -كما تفضلت- كنت تعاني من نوبات خوفٍ وهلعٍ ووساوسٍ، والحمد لله تعالى أحوالك تحسّنت كثيرًا بعد تناولك للدواء، واتضح بعد ذلك أنه لديك أيضًا بعض الصعوبات الطبية في الجهاز الهضمي، وبعد أن أزلت حصوات المرارة تحسّنت الأمور لديك، والآن بقيت بعض الأعراض والتي في ظاهرها تشبه أعراض القولون العصبي -أو العُصابي- والذي أحد أسبابه القلق.

أيها الفاضل الكريم: من المهم جدًّا أن تُعالج نفسك سلوكيًا واجتماعيًا وإسلاميًا ودوائيًا، هذا كلّه مطلوب.

* سلوكيًا: بأن تكون إيجابي التفكير وإيجابي المشاعر وإيجابي الأفعال، كل شيء في حياتك اجعله قائما على الإيجابية، لا تقبل لنفسك الهوان، لا تقبل لنفسك الضعف، كن دائمًا مثابرًا، اجتهد في دراستك، كن من المتميزين؛ هذا علاج على المستوى المعرفي والفكري، وهو ليس بعيد المنال أو التطبيق، مهما وُجدت أعراض.

* العلاج الاجتماعي: أن تُحسن التواصل الاجتماعي، أن تصل أرحامك، أن تكون شخصًا فعّالاً في أسرتك، أن تكون لك صداقات مع أشخاصٍ من الصالحين من الشباب، وأن تحرص على بر الوالدين، ولا تتخلف عن المناسبات الاجتماعية. هذا علاج.

* العلاج الإسلامي: يتمثل في الحرص على الصلاة، بل الانضباط فيما يتعلق بأوقات الصلاة، والصلاة مع الجماعة أفضل، وأن يكون لك ورد قرآني يومي، والحرص على أذكار الصباح والمساء، والحرص على الدعاء... هذه كلها فيها فائدة عظيمة للإنسان، وتؤدي إلى الطمأنينة وإلى الراحة النفسية، {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

أن تمارس الرياضة -رياضة المشي، رياضة الجري، لعب كرة القدم-؛ فالرياضة الآن مطلوبة، وأثبتت جدواها وفعاليتها في علاج النفوس قبل علاج الأجسام، وأنت مطلوب منك هذا، وهذا سوف يفيدك، وأعتقد أن هذه العلاجات إذا جعلتها نمطًا لحياتك سوف تحس أن كل أعراضك النفسية قد تقلَّصت.

بالنسبة للأعراض الجسدية: كما ذكرتُ لك القلق قد يلعب دورًا كبيرًا في كثير من أعراض الجهاز الهضمي، لكن يفضّل أيضًا أن تذهب وتقابل طبيبًا مختصًّا في أمراض الجهاز الهضمي، وحتى إن قال لك أنك محتاج لمنظار -مثلاً- للمعدة؛ فلا مانع في هذا؛ لأنه بسيط جدًّا. أنا أعتقد أن مقابلة طبيب الجهاز الهضمي سوف تجعلك أكثر اطمئنانًا، وقطعًا تناول أحد مضادات القلق البسيطة سوف يفيدك أيضًا.

بالنسبة لموضوع فيتامين (د): حقيقة لا نستطيع أن نقول إنه هو السبب المباشر للإصابة بنوبات الهلع أو الفزع، لكن فيتامين (د) اتضح أنه مهمٌّ جدًّا لكمال الصحة عامّة -جسدية كانت أم نفسية- ودرجة سبعة عشرة لمستوى الفيتامين هذا يُعتبر في الحد الأدنى، ولذا يجب أن تتناوله. وفيتامين (D3) أفضل من (D2)، يمكن أن تتناول (D3) خمسين ألف وحدة أسبوعيًا لمدة شهرين أو ثلاثة، وأنا على ثقة تامّة أنك حين تقوم بقياس مستوى فيتامين (د) في الدم سوف تجده إن شاء الله مكتملاً.

استمر على الدواء الذي وصفه لك الطبيب -وهو: كيتوكسال - وراجع طبيبك حسب الموعد المقرر، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً