الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يفعله الزوج مع زوجته المتأثرة بأمها

السؤال

السلام عليكم.

زوجتي مدرسة تربية إسلامية مثلى، يتيمة الأب، ولا إخوة أو أخوات لها، فقط أمها، وعندما تزوجتها أصرت أن تأتي أمها لتعيش معنا، وخاصة بعد أن طردها إخوتها من بيت والدها المتوفى والذي بنت نصفه، وبالفعل تم ذلك، جزاها الله خيراً فهي تعتني بالأولاد حال غيابنا لكن هذا الأمر أدى بها إلى التدخل في كل شأن من شئون حياتنا، حتى التدخل في الأمور الخاصة والخاصة جداً بيني وبين زوجتي والتي بدورها تستجيب لها، وكذا الادعاء والكذب علي وعلى أهلي لابنتها التي هي زوجتي التي ـ سامحها الله ـ تتقبل الحديث دون تمعن ولا تعقل، والذي يؤدي وأدى إلى الكثير من المشاكل العائلية.

وكذا التلفظ بألفاظ غير لائقة، وتنعتني بألفاظ بعيدة كل البعد عن الأدب، ومنها تحريض أبنائي ضدي والذي لا يتجاوز عمر الكبيرة 14 عاماً (عندي 4 بنات وولد) وكثيراً ما تقوم بتحريض زوجتي على الطلاق والفراق وأن تأخذ الأولاد وترحل من بلدي حيث إنها من بلد آخر.

زوجتي توافق أمها في حديثها وتصرفاتها حيث إن أمها عندها الرقم واحد في حياتها وأنها أغلى ما في الوجود عندها ثم الأبناء ومن ثم يأتي الزوج الذي أسمعته مراراً أنها لا تحبه، وأنها تكرهه، وأنها تعيره بأنها وقفت معه في دراسته، وليتها ما وقفت، وأنها تساعد في النفقة على البيت والأبناء.
أحتسب ذلك، وأحتسب خشية على الأبناء، وتنازلت وأتنازل لهم، شكوت الأمر لبعض من نثق بهم، ولا اعتدال فالمشاكل والخلافات العائلية مستمرة وفي معظم الأحيان يكون السبب حماتي، وأنا الآن هاجر لها منذ شهر.

أسأل الله تعالى أن يوفقكم في نصحي وإرشادي إلى ما هو خير الدنيا والآخرة، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يُصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.. وبعد،،،

فإن الحياة الزوجية لا تحتمل التدخلات الخارجية أيّاً كان مصدرها، ومهما كانت نية من يتدخل، وإذا كنتم جميعاً من مدرسي التربية الإسلامية، فأرجو أن تحتكما إلى هذه الشريعة العظيمة التي تبين الواجبات وتوضح الحقوق وتعطي كل ذي حقه حقه.

ولقد أعجبني ثناؤك على والدة زوجتك، وخاصةً في جانب اهتمامها بالأولاد، وإذا وضعت الحسنات إلى جوار السيئات فإن ذلك يخفف من الآلام، ويعين على الإنصاف، وأرجو أن نلتمس لها بعض العذر، خاصةً إذا كان الشقاق خلقاً لها، أو تشعر أنها تريد المصلحة.

ولست أدري ما هي أوجه القصور التي لاحظتها عليك! وما هي الأسباب الحقيقية لتلك المشاكل؟ وما هي نوعية المشاكل؟ لأن ما ذكرته عبارة عن مظاهر خارجية فقط، لكن الأسباب الخلفيات غير واضحة.

ولا شك أن التدخلات من قِبَل أم الزوجة أو غيرها لا يمكن أن تقع إلا إذا أخرج أحد الزوجين ما عنده من مشاكل وخلافات مع شريك العمر، وهذا مخالفٌ لآداب الشريعة التي أرادت لمسائل الخلاف في البيوت أن تكون سرّاً محبوساً، وهذا مما يسهّل العلاج، وأرجو أن تحرص على أن تقوم بدورك تجاه أولادك وأسرتك حتى لا تتيح لها فرص التدخل.

ولا شك أن البنت تتأثر بأمها، خاصةً إذا كانت الوحيدة أو الصغيرة، ولكن الأمور بيدك أنت، فكن حكيماً، ولا تتصرف إلا على الوجه الذي يرضي الله، ولا أظن أن هذه المعاناة سوف تطول، والأعمار بيد الله.

وإذا كانت هذه الزوجة تقوم بواجباتها كزوجة، فأرجو أن تحتمل ما قد يصدر منها من الأذى، ومما يُساعدك على ذلك تقدير موقفها من والدتها.

ومن حق الرجل أن يهجر زوجته بعد أن يعظها ويذكرها بالله ويخوفها من العواقب السيئة لعصيانها في الدنيا والآخرة، ولكن الهجر لا يؤتي ثماره إلا إذا كان في الفراش، أما الهجر الذي يفعله بعض الناس من ترك المنزل أو ترك الحجرة فهذا لا يزيد الأمور إلا تعقيداً، ويعطي الشياطين من الإنس والجن فرص كبيرة لإشعال الفتن، كما أنه يؤثر على الأبناء لأنه يظهر أمامهم.

ولعل من المصلحة كسب هذه الوالدة، فهي في مقام والدتك، وغيِّر طريقتك في التعامل معها، ولا تصدر الاتهامات المباشرة لها.

أما ادعاءها الكذب عليك وعلى أهلك، فهذا أمرٌ يحتاج إلى حكمة في التعامل، مع الحرص على إظهار الحق وإقامة العدل، والتوازن بين ما لأهلك من حقوق وما لزوجتك وأولادك من حقوق، والصواب هو أن تختار أوقات مناسبة لبيان الحقيقة لزوجتك، مع ضرورة إظهار المشاعر الطيبة التي يحملها أهلك لها.

واعلم أن الإنسان يبلغ بالصبر ما يريد، والعاقل يتوكل على الله وبه يستعين، فاحرص على الطاعة فإن الله يصلح بها الأهل والولد، قال تعالى: (( وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ))[الأنبياء:90].
والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً