الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أساعد ابنتي الصغيرة على استعادة بهجتها وطفولتها؟

السؤال

السلام عليكم.

ابنتي عمرها ١٠ سنوات، لا تستمتع بشيء أبدا، كان عمرها ثلاث سنوات عندما أنجبت ابنتي الأخرى ثم ابني بعد سنة، فحمَّلتها دون أن أشعر مسؤولية كبيرة جدا، كانت تساعدني في رعاية أخوتها وتنظيم وترتيب المنزل، كانت مهمة صغيرة لكنها كثيرة، وصرت أعتمد عليها تماما، بل وأعنفها بشدة إن قصرت، استمر الأمر لسنوات وهي تتحمل المسؤولية كأخت كبيرة حتى لاحظت الفروق بينهم.

صارت الأشياء الطبيعية التي تضحك الأطفال لا تضحكها، بل تشعر إنها تفاهة، حتى تحولت إلى شخصية كئيبة وعصبية وسيئة الطبع ولا تفهم النكت أبدا، وإن فهمتها لا تضحكها، وأشعر كثيرا بغيرتها من أختها الصغرى.

تزوج والدها ومررنا بمشاكل وهدأت الأمور، لكن إذا لاحظت أي توتر تحمل الهم الشديد، دائما أؤنب نفسي أني السبب في ضياع طفولتها، وأحاول منذ فترة تعويضها وتخصيصها بالاهتمام والحنان، لكن لا فائدة.

منذ أشهر وقع عليها ماء ساخنا واحترق فخذها ثم شفي، ولكن بقي أثر الحرق بطول فخذها وعرض ٢ سم متعرجا وأسود مكونا الكلُّويد ومشوها فخذها، وكانت جميلة قبله، أعالجها ولكن التجميل يطول وقته، تطورت حالتها بشدة وأصبحت تتبول على نفسها أحيانا، وبطيئة الحركة، وتشكو التعب المستمر، وازدادت كآبة وعصبية.

لا يمكنني في الوقت الحالي الذهاب بها إلى طبيب نفسي، أرجو أن تدلوني على العلاج الدوائي والسلوكي، وتخبروني كيف أساعدها على استعادة البهجة، فرغم كل هذه الظروف نحن أصدقاء جدا، وكلامي مؤثر لها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالفعل -يا عزيزتي- إن تصرفات ابنتك ليست تصرفات طبيعية، بل توحي بأن لديها درجة من الاكتئاب، وأعراض الاكتئاب في الأطفال تختلف عن الأعراض في الكبار، وبالطبع فإن الطفل يتأثر كثيرا بالجو العائلي الذي يعيش به، ويتأثر أيضا بالظروف والبيئة المحيطة، وإذا ما أردنا جيلا ناجحا ومتوازنا نفسيا فيجب أن نبدأ بتثقيف المقبلين على الزواج في مثل هذه الأمور؛ لأن الأهل هم القدوة للطفل، وتصرفات أطفالهم تعكس تصرفاتهم وتعكس جو المنزل عموما، ومن المعلوم بأن شخصية الطفل تتشكل في سنوات الطفولة المبكرة بين 2-7 سنوات، وعندما ينمو الطفل في جو مشحون تكثر فيه الخلافات، وعندما يكون هذا هو النموذج الوحيد في التعامل الذي يراه الطفل أمامه، فإنه سيفقد الشعور بالأمان والثقة بالمحيطين، وسيصبح شخصا سلبيا ومنعزلا، وفاقد الثقة بالنفس، وقد يصبح مقصرا في دراسته أو لا مباليا بالآخرين، وقد يكتسب الكثير من الصفات والتصرفات السلبية، وكل هذه تعتبر مؤشرات على وجود حالة من الاكتئاب، وأرى بأنها موجودة عند ابنتك.

وأنصحك أولا -يا عزيزتي- بأن تقومي بعرض ابنتك على طبيبة أطفال ولو لمرة واحدة على الأقل، وذلك للتأكد من أنها لا تعاني من أية مشكلة عضوية، أو مرض؛ لأن بعض الأمراض قد تؤدي إلى حدوث أعراض مشابهة لأعراض الاكتئاب خاصة: فقر الدم، نقص بعض الفيتامينات والمعادن، واضطراب الغدة الدرقية.

وأنصحك بما يلي:
1- حاولي التقرب من ابنتك والتواصل معها بطريقة ودية تجعلها تثق بك وتطمئن لحديثك، ولا تتوقع إلا سماع الكلام الطيب منك، وعامليها كصديقة وتقبلي كل أفكارها واحترمي رأيها في كل شيء.
2- اطلبي منها أن تحدثك عن مشاعرها خاصة عندما تلاحظين بأنها مهمومة، أو تشعر بالقلق، أو بأي مشاعر سلبية، حاولي أن تتركيها تتحدث عن ذلك بأسلوبها وطريقتها، وأشعريها بأنك تستمعين إليها وتتفهمين كل ما تقوله، وعندما تنتهي من التعبير عن مشاعرها، أكدي لها بأنك ستكونين إلى جانبها في أي وقت، وفي كل شيء تحتاجه.
3- حاولي أن تجعليها تشاركك أنت بالذات في بعض الأعمال أو النشاطات سواء داخل المنزل أو خارجه، مثلا: اطلبي منها أن تشاركك في إعداد وجبة طعام تحبها هي، أو أن ترافقك في الخروج للتسوق أو للتنزة، وانتهزي تلك الفرصة للتحدث معها في أي موضوع تحبه، لتتعرفي على أفكارها، ولبناء جسور الثقة بينكما.
4- اطلبي منها التعرف على بعض صديقاتها المقربات منها في المدرسة، ثم قومي بدعوتهم إلى البيت لتقوية علاقاتها معهن ولتساعديها في تشكيل صداقات ذات معنى وطويلة الأمد.
5- اقترحي عليها أن تسجل في أحد الأندية التي تعطي نشاطات فنية أو رياضية للفتيات، أو إشركيها في بعض النشاطات الخيرية والتطوعية التي تناسب سنها.
6- شجعيها على اتباع نمط حياة صحي عن طريق تناول الطعام المغذي والمتوازن، والنوم مبكرا وعدم السهر لوقت متأخر.
7- أكثري من الثناء عليها عندما تقوم بعمل جيد، ولا تعاقبيها عندما يصدر منها خطئا، بل شجعيها على تصحيحه وعلى مسامحة نفسها وتجاوز الأمر.

وأنصحك أنت - يا ابنتي- بقراءة بعض الكتب الموجودة في المكتبات الكبيرة، والتي تساعد في فهم نفسية الأطفال في كل الأعمار، وفهم الطرق الصحيحة في التعامل معهم، فهذا سيساعدك كثيرا -بإذن الله تعالى-.

أتمنى لك كل التوفيق -إن شاء الله تعالى-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً