الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ما أعانيه من آلام حقيقة أم أنها سحر أو مس؟

السؤال

السلام عليكم.

حلمت أن هناك جسم شخص يدخل جسمي، وشعرت بألم في جسمي شديد عند النوم أثناء دخول هذا الشخص أو الكائن، وكأنه -لا قدر الله- جن يغزو جسدي، وبعدها أصبحت أعاني من خمول شديد، وأستيقظ من نومي لأنام ثانية، وعندما استيقظت مرة كان رأسي يؤلمني بشدة بمجرد لمسه أو الضغط عليه، وعظمة من عظام ظهري أشعر أنها كُسرت أو تحركت لأنها تؤلمني بشدة، وأشعر أني لو حركت ظهري لليمين أو اليسار ستُكسر، وهذا أعتقد نتيجة نومي بطريقة خاطئة، فهل لهذه الأشياء دلالة معينة، أم أنها أشياء معتادة؟ والحلم مجرد أضغاث أحلام؛ لأنني في هذا اليوم نمت خائفة؛ لأني سمعت أحدهم يتحدث عن الجن!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله: يجب أن تزوري طبيبا مختصا للتأكد من أسباب ما تعانينه من آلام، سواء كانت في الظهر أو الرأس، لأن ذلك قد يكون لأسباب عضوية، فإن وجدت الأسباب فلا بد من معالجتها، ولا يصح أن يقال في هذه الحال إن ما تعانينه بسبب التلبس من الجن؛ لأن ذلك من أمور الغيب التي لا يجوز الجزم بها بالتخمين.

إن تبين أن ثمة أسباب فلا بد من أخذ العلاج اللازم لذلك كما وصفه الطبيب تماما، دون أن تتركي العلاج دون معرفته، ولا بد أن تجري تحليلا بعد الانتهاء من تناول الدواء للتأكد من زوال الأسباب.

إن ذهبت الآثار والآلام التي تعانين منها فهذا يعني أن ما كنت تعانين منه مرض عضوي، ولكن إن تبين من تشخيص الطبيب أنه لا يوجد أي سبب كألم الظهر بسبب النوم بطريق خاطئة، أو ألم في الرقبة، أو قلة النوم، أو إمساك شديد وما شاكل ذلك فهذا يجعلنا في شك من حصول مس، وفي هذه الحال لا بد من البحث عن راق أمين وثقة من أجل أن يستكشف حالتك، ويكون ذلك بحضور أحد محارمك، فإن تبين أنك قد أصبت بمس فلا بد في هذه الحال من الاستمرار بالرقية حتى يزول المس، وإن تبين من خلال الرقية أنك سليمة من التلبس فهذا يعني أن ما تعانين منه أمر نفسي محض، بسبب خوفك من التلبس الشيطاني، فكثير من الناس ينامون وهم يفكرون بأمور فيرون ذلك في منامهم.

عليك أن تنسي أو تتناسي التفكير بمثل هذه الأفكار السخيفة، فالجن ليس لهم سلطان على بني آدم، ولا يمكن أن يدخلوا في الشخص، وخاصة إن كان مستقيما مؤديا للصلاة ومحافظا على أذكار اليوم والليلة، مبتعدا عن شدة الغضب.

أوصيك بالمحافظة على ما أمرك الله به، وبالإكثار من تلاوة القرآن الكريم، والمحافظة على أذكار اليوم والليلة، ففي ذلك طمأنينة لقلبك وتحصين لك من شياطين الإنس والجن، وتضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي ربك أن يدفع عنك كل سوء ومكروه، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فإن الحياة الطيبة لا تنال إلا بذلك كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

نسعد بتواصلك ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً