الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشعور بأني سأموت يلاحقنني ويفسد علي حياتي!

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 20، تعرضت لإصابة حرب في سوريا وعلى إثرها توفي والدي، بعد فترة خرجت إلى تركيا، بعد عدة أشهر توفي أخ لصديقي وذهبت وحضرت مراسم الدفن، وبعدها بعدت أشهر بدأت أعاني من وسواس والخوف الشديد من الموت، استيقظت في الليل وأنا مرتعب وأكرر جملة أنني سأموت، وتناولت شراب اليانسون ليهدأ هذا الشيء، وبعد فترة عادت لي الحالة وبأعراض شديدة في الصدر بجهة القلب، مع الارتجاف وشعور بضيقة، وأن الموت يرافقني فلم أعد أفرح في حياتي، انقلبت حياتي لنكد وحزن وخوف!

أصبحت لا أقوم بأي شيء في حياتي سوى الجلوس وانتظار الموت، ولم أعد أشعر بأي سعادة حتى جامعتي لا أستطيع أن أبدأ الدوام بسبب هذا الشيء حتى عند الصلاة أو قراءة القرآن تأتيني أفكار أنني سوف أموت وأنا في صلاتي أو خلال قراءة القرآن، وبدأت أشعر بوجع بمختلف أرجاء جسدي، ذهبت إلى المشفى عملت فحص قلب، وتخطيط أعصاب، وفحص أمواج الدماغ والحمدلله جميعها سليمة ولا يوجد شيء ولكن لليوم أقول لنفسي بأنه يوجد شيء لم يكتشفه الدكتور، أصبحت أذهب تقريبا كل يوم إلى المشفى وجواب الدكتور دوما يقول لي أنه لا يوجد شيء وجسدي سليم، ولكن أعاني من أوجاع وثقل شديد في الرأس، وعند الصراخ أو سماع خبر وفاة أحد سرعان مأقول أنه سوف يصيبني مثله وأموت وأبدأ بالخوف، علما أنني أصلي وأقرأ القرآن والحمد لله.

أريد منكم شرح حالتي، وماذا يحدث معي أرجوكم، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mustafa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وجزاك الله خيرًا على ثقتك في هذا الموقع، ونسأل الله تعالى الرحمة لوالديك ولموتاكم وموتانا وجميع موتى المسلمين الرحمة والمغفرة.

أخي الكريم: لا شك أن الظرف الذي مررت به سبَّب لك الكثير من الضغوطات النفسية، ولكنّك الحمد لله أراك صامدًا وقويًّا، وكل الأعراض التي تعاني منها الآن هي أعراض قلق المخاوف، وقلق المخاوف المُسبَّب – مثل هذا النوع الذي حدث لك – إن شاء الله سوف يزول.

قلق المخاوف الذي لديك فيه أيضًا الطابع الوسواسي، فيه طابع التخوّف من الموت، لأنك قد رأيت الموت وشاهدته أيها الفاضل الكريم. شعورك بالذنب وإلامة نفسك: هذا يدلُّ على طيبة نفسك، وأن المنظومة القيمية مرتفعة لديك، وهذا أمرٌ طيب.

أيها الفال الكريم: أنا لا أراك تعاني من أمراض عضوية، الذي بك هو حالة نفسية بسيطة، حدث لك عدم قدرة على التكيّف مع الأوضاع السلبية والسلبية جدًّا والتي نسأل الله تعالى أن تزول وأن تعود بلادكم إلى ما كانت عليه من خير وأمن وأمان.

أريدك أن تزود نفسك بكل ما هو طيب في هذه المرحلة، احرص على الدراسة، احرص على دينك، لأن هذه هي الدعائم والركائز والرصيد الحقيقي الذي يُفيد الإنسان في نوائب الدهر ومواجهة الصعوبات. أريدك أن تكون إيجابيًا في فكرك وفي شعورك وفي أفعالك. نظم وقتك، اجتهد في دراستك، مارس الرياضة، بفضلٍ من الله تعالى أنت حريص على الصلاة، و كن أكثر حرصًا، وعليك بالقرآن، فيه شفاء ورحمة للمؤمنين، {قل هو شفاء ورحمة للمؤمنين}.

الحرص على الذكر – خاصة أذكار الصباح والمساء والأذكار العامَّة في كل شأن – ومصادقة الصالحين، من الشباب. الرياضة، الرياضة مهمّة جدًّا، يجب أن تركّز عليها، فهي تقوّي النفوس وتزيل الخوف. وأريدك أن تنظر للمستقبل بإيجابية، لا تكن متشائمًا – أيها الفاضل الكريم -.

أنا أريد أن أنصحك ببعض الأدوية، أدوية بسيطة وسليمة، وسوف تناسبك جدًّا – أيها الفاضل الكريم – وأنسب دواء لك هو العقار الذي يُعرف علميًا باسم (سبرالكس)، واسمه العلمي (استالوبرام)، تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناولها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن الدواء. الدواء سليم وفاعل وغير إدماني.

الدواء الآخر يُعرف باسم (دوجماتيل) واسمه العلمي (سلبرايد)، أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا – أي كبسولة واحدة – يوميًا في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله. وإن لم تجد الدوجماتيل فهناك بديل جيد يُعرف باسم (ديناكسيت)، تناوله بجرعة حبة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر.

أنا متفائل جدًّا -إن شاء الله- أن كل حالات القلق والوسوسة أو الخوف هذه سوف تزول عنك بحول الله وقوته، فاجعل نمط حياتك إيجابيًّا، وعش على الأمل والرجاء والتفاؤل، وتناول الدواء كما وصفته لك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً