الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما علاج وسواس الخوف من الموت؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا أم لطفلين، بعد ولادة طفلي الثاني بشهرين أصابتني نوبة هلع كان من أعراضها (الدوار والدوخة، ارتفاع دقات القلب، الإحساس بحرارة ترتفع من قدماي، آلام الرأس التي تتزايد، آلام جهة صدري الأيسر تحت الإبط) وكانت هذه الأعراض سبب لكي يحاصرني وسواس الموت، أي ألم أو أي حدث يدل على الموت أحس أنني سأموت!

دامت هذه الحالة لمدة تزيد عن العام وأصبحت هذه الأعراض (الصداع، آلام الصدر، الدوخة) أحس كأنه سيغمى علي، أصبحت تلك الأعراض لا تفارقني أبدا، كل يوم أحس بها وأستشعرها وأعيشها حتى وإن لم أفكر فيها، أصبحت مشاكل عضوية لا نفسية فقط! حاولت أن أتعالج بالرقية، ثم زرت طبيبة نفسية لكنني لم أتابع معها خوفا من الأدوية وتأتيرها.

مؤخرا بعد عناء ومجهود كنت بدأت بالتحسن، شغلت نفسي بالرياضة وغيرها، إلا أنني أصبحت أعاني من القولون العصبي والانتفاخات، لم أعد أستطيع النوم بسبب معاناتي كل ليلة من آلام البطن والغازات، كما أنني أحس بحرارة من قدمي تتصاعد بجسمي ورعشة، وأحس كما لو أن قلبي سيتوقف.

أصبحت عندي فوبيا السكتة القلبية في أي لحظة، أي حركة، أي مشكلة، أي كلمة أترجمها وأفسرها بأن بعدها ستصيبني سكتة قلبية وسأموت، خصوصا في الآونة الأخيرة زاد خوفي كثيرا؛ لأن الأعراض تتزايد، أصبحت أحس بثقل على مستوى الفك الأيمن جهة الأذن فيرتبط فمي ويتثاقل.

كما أنه حتى في الأوقات التي تهدأ حالتي نوعا ما يتردد صوت في مسامعي أنني بعد هذا الموقف أو بعد أن ينام الجميع أو بعد أن أفعل شيئا محددا كنت أقوم به أو غيره، يأتي صوت داخلي يقول إنني بعدها سأموت ليعود بي إلى الخوف والهلع والدخول في تلك الدوامة مرة أخرى!

هذه الحالة وهذه المعاناة أثرث على نفسيتي بشكل بشع، أصبحت نفسيتي متعبة للحد الذي لم أعد أستطع أن أحدد مشاعري، أصبحت محبطة لدرجة أنه حتى الشعور بالفرحة لا أستطيع أن أستشعره؛ لأنه بمجرد الشعور بالفرح أحس بعدها بالخوف والهلع.

فقدت الشعور بالراحة والارتياح، فقدت كل شعور جميل، وهذا يتعبني كثيرا، أريد أن أخرج من هذه الحالة؛ لأنها تدمرني، اتصلت بالطبيبة هاتفيا أعطتني دوائين سيلونترا 10 ملغ (إيسيتالوبرام )، وسوليبيدال 50 ملغ (سولبيريد) حبة من كل واحد، فهل هذه الأدوية جيدة وستساعدني للعودة كما كنت.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أم عثمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

وصفك دقيق جدًّا لحالتك، وأستطيع أن أقول لك وبكل ثقة أن الذي تعانين منه يُعرف بـ (قلق المخاوف الوسواسي)، بدأت النوبات معك بنوبات هلع، والوسوسة حول الموت مرتبطة كثيرًا بنوبات الفزع والهلع، هذا كله نتج عنه نوع من عُسر المزاج الثانوي والذي لم يصل الحمد لله تعالى إلى درجة الاكتئاب.

هذه الحالات ليست خطيرة أبدًا، حالات بسيطة جدًّا، لكن أتفق معك أنها مُزعجة، ويجب أن تُعالج، وتغيير نمط الحياة هو من أفضل سُبل العلاج، يُضاف إليه بعض الأدوية البسيطة والسليمة.

نقص بنمط الحياة: أن يداوم الإنسان على ممارسة الرياضة، وترتيب إدارة الوقت بصورة صحيحة، وتجنب النوم بالنهار، والحرص على النوم بالليل مبكّرًا، والاستيقاظ المبكر، والتفاؤل، والتواصل الاجتماعي، والحرص على العبادات، خاصة الصلاة في وقتها، وأن يجعل الإنسان لحياته معنى، وأن ترفهي عن نفسك بشيء طيب وجميل.

وأن تصلي إلى قناعة أن نوبات الفزع هذه مهما كانت شديدة هي ليست خطيرة، وليس من الضروري أن تتكرر مرة أخرى، وإن تكررت تجربتك السابقة يجب أن تستفيدي منها بأن لا تنزعجي حول نوبة الهرع أبدًا.

تطبيق تمارين الاسترخاء بصورة سليمة، وتكونُ أيضًا جزءًا من نمط الحياة؛ فيها فائدة كبيرة جدًّا. توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، أو يمكن للطبيبة النفسية أن ترتّب لك مع أخصائية نفسية لتدرِّبك على هذه التمارين.

هذا من ناحية العلاجات السلوكية والنفسية والاجتماعية والإسلامية. يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي: لا شك أن عقار (استالوبرام) عقار رائع جدًا، ممتاز وسليم، لكن يتطلب الالتزام بالجرعة ولمدة علاجية مُحددة. في مثل حالات الهرع يجب ألَّا تقلّ مدة العلاج عن ستة أشهر.

الجرعة قد تصل إلى عشرين مليجرامًا في بعض الحالات، أمَّا إذا كنت مرتاحة على جرعة العشرة مليجرام فلا داعي لرفع الجرعة وزيادتها. إذًا استمري على الدواء، وتابعي مع طبيبتك.

بالنسبة للـ (سلبرايد): دواء رائع أيضًا، دواء ممتاز، يُقلِّل من القلق وحِدَّته، وتناوله بجرعة كبسولة واحدة أمرٌ جيدٌ جدًّا، ولا داعي لزيادة الجرعة؛ لان السلبرايد ربما يرفع من مستوى هرمون الحليب عند النساء، وهذا قد يؤدي إلى اضطرابات بسيطة في الدورة الشهرية، لكن لا أرى أن جرعة الخمسين مليجرامًا سوف يكون لها هذا الأثر، فاستمري حسب تعليمات طبيبتك، وأنا أُقِرُّ تمامًا هذه الرزمة العلاجية، وأسأل الله تعالى لك العافية الشفاء، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً