الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الانطواء وقلة الثقة بالنفس، فما أسباب ذلك؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاة في العشرين من عمري، أشعر بأني أعاني من اضطرابات نفسية، حيث ينتابني شعور بالذنب واليأس والندم، والرغبة بالموت، لا أدري ما السبب؟

كما أنني تعبت من الذنوب والتوبة كل مرة، وأشعر باليأس في التخلص من هذه الذنوب نهائيا.

كما أعاني من مشاكل في الثقة في النفس، وليس لدي الكثير من الأصدقاء المقربين، كما أن الجميع يصفني بالانطوائية والعصبية ما يجعلني أقرر الابتعاد عن الآخرين والانغلاق على نفسي.

كما أنني أفكر كثيرا في كل موقف أمر به مع شخص معين، وأركز على الكثير من التفاصيل، فمثلا أفكر وأحلل ردات فعله، أو كل كلمة قالها وأسترسل في ذلك، مما يصيبني بالإجهاد .

حاولت ألا أكترث بكلام الآخرين، لكن لم أستطع؛ فأنا شديدة الحساسية تجاه هذه الأمور، وأكره أن يصفني أحد بهذه الصفة، ولا أدري ماذا أفعل؟

أطمح في التفوق والنجاح في مجال تخصصي، لكن أشعر بالقلق وسوء الظن وقلة التوفيق، كما لو أن الله يعاقبني بسبب ذنوبي وسوء ظني به، فأنا لا أفرق بين الابتلاء والعقاب، فهل ما أمر به هو ابتلاء أم عقاب من الله؟

أعاني- منذ شهرين تقريبا- من تساقط في الشعر بشكل مخيف، فهل هذا بسبب وزني؟ علما بأن وزني 37 كيلو!

فمنذ عدة سنوات وأنا ألاحظ أن وزني لم يتغير كثيرا -بالرغم من سني- أي لم أتعد 40 كيلو في حياتي، ولم ألحظ هذا التساقط في شعري إلا في هذه الأشهر القليلة فما هو السبب؟ وأخاف أن أكون مصابة بالاكتئاب.

فهل ما أمر به هو شؤم المعاصي، وهل يستمر شؤم المعصية لما بعد التوبة؟ أشعر بحيرة شديدة.

أفيدوني أرجوكم .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا ومرحبًا بك -غاليتي ريهام.

بنيتي: رغم كل ما وجدته من آلام في استشارتك إلا أنَّني وجدت نور أمل في طلبك المساعدة لتعود ثقتك بنفسك التي افتقدتها بسبب كثرة الذنوب والمعاصي؛ مما أفقدك طعم الحياة، وأصبحت غير راضية على نفسك، ومترددة في قرارتك،وقلقة، وأصبحت تشكين بكل كلمة تسمعينها من هنا أو هناك؛ وهذه الحالة التي تعانين منها هي الشعور بالذنب، وهذا بعض ما يعاني منه الشباب بعد ارتكاب المعاصي :

-الشعور بالفراغ وفقدانهم للطموح.
-فقدان القدرة على التركيز أو تحمل أي مسؤولية.
- تكره نفسها والمجتمع.
-فقدان الثقة بالنَّفس، وتصبح عصبية وتُفضل العزلة الاجتماعية.
-تعاني من الاكتئاب وتفقد الرغبة في إكمال دراستها.
-تخاف من المستقبل، وتكره الزواج، وتشعر بالفشل.

وتمعني في هذه الآية الكريمة: "ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه"، فأنت أتبعت النفس الهوى وخطوات الشيطان التي سلمت نفسك لها.

بنيتي: إنَّ الله رؤوف بعباده، ونحن بحاجة إليه، وهو غنيّ عنّا، واعلمي أنَّ الله جلّ جلاله يفرح بتوبة العبد إذا تاب إليه توبة نصوحة أحبّه الله وستر عليه، وأنَّ ما يعينك على شعورك بالثقة بنفسك هو: توكلك على الله بعد التوبة، وأن تلزمي الطاعات من صوم وصلاة، وتأكدي أنَّ الله سوف يزيل عنك هذه الغيمة السوداء؛ لتشعري بالراحة وكأنّك ولدت من جديد شرط أن تبعدي نفسك عن المعاصي.

فكري بطريقة إيجابية، وأبعدي كل فكرة تنكّد عليك يومك، وقولي لنفسك ورددي الكلام الذي يعطيك القوة والثقة والإرادة والعزيمة مثل: "لن أغضب ربي بعد اليوم - يجب أن أصبح فتاة مميزة... وهكذا".

اختاري الصحبة الصالحة التي تعينك على تقويم سلوكك، وشاركي في حلقة لتحفيظ القرآن الكريم لتكون لك خير طريق، وركزي على دراستك الجامعية لتكوني فتاة مسلمة يفخر بها المجتمع الإسلامي وينتفع بها.

مارسي بعض أنواع الرياضة، وتعلمي الاسترخاء والتأمل، واشكري الله على ما خلق لنا من نعم في هذه الدنيا، وتجنبي السهر قدر المستطاع.

أما بالنسبة إلى نقصان الوزن الزائد، وما تعانينه من تساقط للشعر:
فإن ذلك يستدعي مباشرة مراجعة الطبيب للتقيم وتشخيص أسباب نقص الوزن المستمر، فالصحة النفسية تنعكس على الصحة الجسدية، وبإذن الله تعالى إذا أخذت بالنصائح وعملت بها ستلاحظين بعد فترة وجيزة تغيراً جذرياً في حياتك.

وأخيرًا: كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: "فالمؤمن يتقلب بين مقام الشكر على النعماء، وبين مقام الصبر على البلاء، وإن مع العسر يسرًا".

أسأل الله الغفور أن يهديك إلى الصراط المستقيم، وأن يرزقك الشعور بالطمأنينة والراحة والثقة، وأرجو أن تطمئنينا عنك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً