الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من شد في الرقبة والحلق وغصة في الحلق مع كتمة نفس.

السؤال

السلام عليكم.

شكرا لكم على جهودكم.

أنا منذ فترة أعاني من عدة أعراض، لدرجة أن نفسيتي تعبت مما أعاني منه، بدأ الموضوع ببواسير ولكن الآن أفضل -ولله الحمد-، ولكن ما زالت أعاني من شد في الرقبة والرأس والحلق، مع وجود كتلة واقفة في الحلق، أو غصة أو مثل فقاعة في حلقي، مع ضيق في التنفس، أحس كأن شيئا ثقيلا على صدري، شخصت أنه ارتجاع مريء صامت، أخذت الأدوية لفترة ولكني لم أتحسن عليها، عملت تحليلا لجرثومة المعدة، والنتيجة أنها موجودة، أخذت العلاج المناسب لها، وغدا آخر يوم في العلاج.

ولكن موضوع شد الحلق والرقبة وكتمة الصدر أحس به إلى الآن، أحيانا أتحسن وأحيانا يزداد أكثر، فجأة أحس بخنقة وأنني سأموت، ومع انتشار موضوع الكورونا زاد عندي القلق، وأحس أن أعصابي تعبت، وأحس بشد في ظهري، كل الأحاسيس تظهر مرة واحدة وتختفي، ولكن الموضوع يتكرر معي ثلاث أو أربع مرات في اليوم، الموضوع متعب بالنسبة لي.

عملت أشعة مقطعية على الصدر منذ ثلاث شهور، في بداية الموضوع كانت سليمة، وصورة الدم سليمة أيضا، والغدة الدرقية وأنزيمات الكبد، وعملت سونارا على الجهاز الهضمي كل النتائج سليمة، أما علاج الجرثومة ما زلت أتناوله (نيسكيوم وفلادزول وكلاسيد)، أتمنى من حضرتكم أن تفيدوني؛ لأنني تعبت ولا أعرف هل الأعراض التي أعاني منها نفسية أم ارتجاع المريء صامت؟

فأنا لم أتحسن رغم تناول العلاج، وعلاج الجرثومة سأنتهي منه قريبا، وشد الرقبة وغصة الحلق وكتمة الصدر وضيق التنفس ما زال موجودا، فأحيانا أضطر إلى التثاؤب لكي أتنفس، ألاحظ عندما أستيقظ من النوم صباحا تكون حالتي جيدة إلى حد ما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

لديك أخي الكريم استشارة سابقة، رقمها (2429325) أجاب عليها الأخ الدكتور عطية إبراهيم محمد بتاريخ 4/5/2020، فأرجو أن تأخذ بتوجيهاته.

الآن أنا تدارستُ رسالتك هذه، وبعد التمحيص أستطيع أن أقول لك أن الأعراض التي لديك نُسمِّها بالأعراض النفسوجسدية، يعني أنه لا يوجد لديك سبب مرضي عضوي حقيقي، إنما الذي لديك هو قلق وتوترات نفسية داخلية ومخاوف مرضية، هذه أدّت إلى توترات جسدية، ظهرت في شكل توترات عضلية، حدث هذا في الجهاز الهضمي، الشعور بالغصة في الحلق دليل على انقباض عضلات المريء في بعض الأحيان، الثقل في الصدر دليل أيضًا على انقباض عضلات القفص الصدري ... وهكذا.

كل أعراضك – أيها الفاضل الكريم – سببها القلق والتوتر الداخلي، وموضوع ارتجاء المريء: نعم هو علّة عضوية، لكن القلق يزيد منه.

فأنا أريدك أن تعالج نفسك من خلال تغيير نمط حياتك، أولاً: أرجو ألَّا تتردد كثيرًا على الأطباء، يمكنك أن تذهب مثلاً مرة كل ثلاثة أو أربعة أشهر إلى طبيب الأسرة أو إلى أي طبيب باطني تثق فيه، وتجري فحوصات عامَّة، مرة أو مرتين في السنة. هذا مبدأ طبي سليم.

ثانيًا: اجعل نمط حياتك نمطًا فعّالاً ونشطًا، واجعل الرياضة جزءًا من حياتك، الرياضة تقوّي النفوس كما تقوّي الأجسام، والأعراض النفسوجسدية - أو ما تُسمَّى بالأعراض السيكوسوماتية، مثل النوع الذي تعاني منه - علاجها في الرياضة وفي تجنب الفراغ، وحسن إدارة الوقت، وتجنب النوم النهاري، والاعتماد على النوم الليلي المبكّر.

إذًا هذه أسس علاجية مهمَّة جدًّا أرجو أن تتبعها.

الأمر الآخر: أريدك أن تُكثر من التواصل الاجتماعي، لأن التواصل الاجتماعي حقيقة يُشعر الإنسان بقيمته الذاتية، ويزيد من مهاراتنا الاجتماعية أيضًا.

صلة الرحم يجب أن تكون جزءًا أساسيًّا في التواصل الاجتماعي. تلبية الدعوات، زيارة المرضى، المشي في الجنائز، تلبية الدعوات – الأعراس مثلاً – هذه كلها أشياء مهمّة جدًّا لتأهيل الإنسان نفسيًّا.

وأنصحك أيضًا أن تعبّر عن ذاتك، لا تحتقن، أحيانًا الإنسان قد يسكت عن بعض الأمور التي لا تُرضيه حياءً أو تجنُّبًا، لكن الأصل في الأمور هو أن يُعبر الإنسان عن نفسه في حدود الذوق، والتعبير يكون أولًّا بأول، لأن ذلك يُجنب الإنسان الاحتقانات النفسية التي إذا حدثت ربما تتحول إلى توترات سلبية مثل النوع الذي حدث لك.

بقي – أخي الكريم – أن أقول لك أنك محتاج إلى علاج دوائي بسيط، هنالك دواء يُسمَّى (سيرترالين) واسمه التجاري (لوسترال) أو (زولفت) وربما تجده تحت مسميات تجارية أخرى، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم حبتين يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناوله.

وتدعّم السيرترالين بدواء آخر يُعرف باسم (دوجماتيل) واسمه العلمي (سلبرايد) تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله.

كلا الدواءين سليم وممتاز، ولا يؤدي إلى الإدمان، ولا التعود، وليس لهما تأثير سلبي على مَن يتناوله، إلَّا أن الدوجماتيل قد يرفع من هرمون الحليب نسبيًا، لكن بهذه الجرعة أعتقد أنه لا يؤدي إلى ذلك، والسيرترالين قد يرفع الشهية نحو الطعام، لكن يمكنك التحكم في تناول الطعام وتنظيم ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تركيا ahmed

    شكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً