الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أخبر ابنتي عن والدها الذي لاتعرفه دون أن أجرحها؟

السؤال

السلام عليكم..

انتهى زواجي بالطلاق بعد إساءة وتعنيف زوجي وعائلته لي خلال العام والنصف اللذين كنا متزوجين فيهما، وحصولي على حضانة ابنتي.

ابنتي لم تتعرف على والدها، فأهلي يرفضون أن يدخلوه البيت؛ لأنه لا يدفع النفقة، ولتاريخه في الإساءة إليّ، وهي لا تعرف أي شيء عنه حتى اللحظة لأننا افترقنا قبل أن تتم ابنتي الشهر.

ابنتي فطنة، وستدخل الروضة أبكر من قريناتها، عمرها الآن ٣ سنوات و٧ أشهر، لا أعرف كيف أخبر ابنتي عن والدها؟ لأن عليها الآن أن تبدأ التعريف عن نفسها باسمها الكامل، ليست لديها فكرة على الإطلاق عن، ولماذا ليس موجودًا في حياتنا؟

كيف أخبرها عنه بطريقة صحيحة لا تشعرها بأنها أقل من غيرها؟ أعرف أنها ستسألني الكثير من الأسئلة.

أفيدوني فأنا في حيرة من أمري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خلود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ابنتنا الفاضلة – في موقعك، ونشكر لك هذا السؤال، ونحيي اهتمامك بأمر هذه الطفلة، ونسأل الله أن يهدي زوجك وأهلك إلى ما يُرضي الله تبارك وتعالى، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.

لا شك أن الطلاق يؤثّر على الأبناء والبنات، لكنه ليس نهاية المطاف، وبعد الطلاق يظلّ الوالد والدًا للطفلة، وتظلّ الأمُّ والدة لها، وينبغي أن يكون هذا الواقع واضحًا، ومن حق الفتاة إذا كبرت أن تُحسن لوالدها ولوالدتها، بصرف النظر عن تقصير هذا أو ذاك، لأن البر عبادة لربِّ البريّة، والذي يُحسن ينال الجزاء من الله، والذي يُقصّر من الوالدين تجاه أبنائه يُسائلُه ربُّنا الكريم، فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيته.

وما حصل من زوجك وأهله من تقصير لا يُبيح لأهلك إبعاد هذا الرجل عن ابنته، وأنا أريد أن أقول: هناك جهات شرعية تضمن لهذه الطفلة حقها في الرعاية والإنفاق والاهتمام، والشرع يهتمّ بهذا الجانب، قد تكون الأسرة غنية وليست بحاجة لهذا، ولكن الشريعة لها أحكام في غاية الأهمية، وهي: ضرورة أن يشعر هذا الأب – وكلُّ أبٍ مستهتر – بأن عليه واجبات تجاه هؤلاء الأطفال الصغار وتجاه الأسرة التي كوّنها ثم يريد أن يتخلى عنها.

مهما كان من تقصير الأب لابد أن تُعرِّفُوا الطفلة، ونحن نحيي فكرة السؤال، وأرجو أن تعرفَ الطفلة اسمها كاملاً، ثم تُحسني في بيان أن الله لم يُقدّر الاستمرار بينك وبين والدها، لكنّه موجود، ونتمنى إذا كان هناك مجال أن يتواصل أفراد الأسرة مع الموقع حتى يعرفوا أهمية هذا الأمر، أهمية أن تعرف والدها، وأن يتعرَّف عليها، والحمد لله الدولة تضع قواعد وضوابط شرعية إذا كان يريد أن يراها، إن كان يريد أن يتحمّل بعض المسؤوليات تجاهها، وهذا من الأمور المهمّة جدًّا التي ينبغي أن يتكلم فيها العقلاء، وما ينبغي أن نجعل إساءته - وإن كانت مؤلمة - سببًا لإبعاد الطفلة عن والدها أو لإبعاده عن طفلته.

نسعد بتواصلك مع الموقع وبإضافة دعوة أهلك إلى التواصل مع الموقع، حتى يعرفوا دورهم في إيصال هذه الفكرة لوالد الطفلة.

أكرِّر لك دعوتي بكثرة الدعاء لهذه الطفلة.

الأمر الثاني: التعريف الكامل لها باسم والدها، وبيان أن العلاقة لم تستمر، بل تحسين صورة هذا الأب في عينها، لأن هذا من الأمور المهمّة، وبيان أنها إن شاء الله ليست بحاجة إذا هو قدَّم لها أم لم يُقدّم، فأنتم تحبوها ولن تقصّروا معها.

من المهم جدًّا أن يقوم أحد أخوالها أيضًا بالاهتمام بها لتوفير هذا الجانب في حياتها، فالطفلة تحتاج فيها حياتها إلى امرأة وإلى رجل، لأنها تأخذ من الطرفين، والخال سيقوم بهذا الدور، فمكانة الخال رفيعة جدًّا، ولذلك أرجو أن يكون هذا الدور موجودًا أيضًا تجاه هذه الطفلة الصغيرة.

أما إخبارها فقد يكون الوقت مبكّرًا، ولكن من المهم من الآن أن تعرف اسمها الصحيح، وبعد ذلك أيضًا نتمنى أن تتواصلوا مع موقعكم حتى تصلكم بعض الإرشادات المهمة والمواد المهمة في تعليم الطفلة، معنى الطلاق، وما يترتب عليه، وكيفية التواصل، وماذا يعني هذا، وحمايتها أيضًا من الأضرار والآثار النفسية في مستقبل أيامها ممَّا حدث من فراق بين والدها ووالدتها.

نحن سعداء جدًّا بهذا الاهتمام بهذا الأمر الذي جاء في وقته، وهذا ممَّا يُعيننا ويُعينك إن شاء الله على الوصول للطريقة الصحيحة، ونأمل أن تكتبوا لنا حتى نعرف أسباب الانفصال، وإمكانية مثلاً إعادة هذه العلاقة، هل الزوج نادم ومتأثر؟ هل يحاول أن يتواصل مع ابنته أم لا؟ هل الجهات الرسمية تواصلتم معها حتى تُسهّل هذه المسألة؟

أسئلةٌ كثيرةٌ الإجابة عليها تُساعدنا وتساعدك في وضع الحلول المناسبة.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً