الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قبلني شخص وصرت لا أطيق نفسي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

ذهبت لمقابلة شخص، فحدث أن مسك برأسي وقبلني، ومن يومها وأنا لا أطيق نفسي، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً وسهلاً بك -أختي الكريمة-، سُررتُ لاستشارتكِ وثقتكِ بنا.
إن وقوع الإنسان في الخطأ هو أمر طبيعي يتوافق مع طبيعة الإنسان، فهذه ليست مشكلة بحد ذاتها، إنما المشكلة تكمن في استمرار الإنسان في الخطأ وعدم العودة عنه، أما أنتِ أختي العزيزة فطمئني قلبكِ، حيث مراسلتكِ لنا هي أكبر دليل على رغبتك في عدم تكرار ما حدث معكِ.

تمنيتُ لو أنك قمْتِ بتزويدنا بمعلومات أكثر قد تُغني الاستشارة، مثلاً هل هو:
- لقاؤك الأول مع شخص لا تعرفينه، وقام بالتحرش معك، ففي هذه الحالة أنصحك بانضمامك لدورات تدريبية على مهارات الدفاع عن النفس، التي على كل فتاة التحلي بها لتحمي نفسها من التحرش الذي قد تتعرض له، وهذه النوعية من التدريبات قد انتشرت في السنوات الأخيرة حيث تجدينها متوفرة سواء على الإنترنت أو على أرض الواقع في بعض المراكز، وأيضاً أنصحك أن لا تُقابلي شخصاً غريباً على انفراد وخاصة أنك لا تعرفين شيئاً عنه وعن أخلاقه.

- أم يوجد تعارف مُسبق ولقاءات سابقة بينكما، وقد يجمعكما علاقة عاطفية، ففي هذه الحالة:
• من المؤكد أنّ ما حدثَ معكِ تحملين مسؤوليته أيضاً، فخلوتك مع شخص تجمعكما عاطفة هي بلا شك تؤدي إلى نتائج غير مُسيطر عليها، وخاصة أن تأجيج المشاعر بعيداً عن أية مظلة شرعية يجعل من الصعوبة التحكم بها.
• وإن ما حدث معك مع شخص أجنبي، لا تربطكما علاقة شرعية، هو بلا شك لا يرضي الله وخارج عن الحدود الشرعية التي رسمها لنا ديننا، وهذا ما جعلكِ تنزعجين من نفسك ولا تطيقينها، وهذا برأيي مؤشر إيجابي، فمن تقوى المؤمن أن يشعر بالذنب ولوم الذات عند قيامه بأية ذنب، ولكن في المقابل من جمال وروعة ديننا أنه يفتح الباب لأي مؤمن قد ارتكب ذنباً أن يتوب إلى الله باتباعه شروط التوبة، وهي التوقف عن القيام بالذنب، والندم الشديد على القيام بالذنب، والعزم والإصرار الفعلي على عدم العودة لاحقاً إلى ارتكاب الذنب.
• وبعد قيامكِ بالتوبة واتباعك لكامل شروطها، أريدكِ أن تتأكدي وتتيقني أن الله عفو توّاب، فإنْ صدقْتِ في توبتك فالله تعالى سيرضى عنك ويبدل سيئاتك إلى حسنات، وتذكري الآية الكريمة من سورة الفرقان التي تقول: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (70) .
• بعد التوبة ستسترجعين نظرتك الإيجابية إلى نفسك، فيكفي أن تعلمي أنك من أحب الناس إلى الله، كما قيل في الحديث الشريف " كل بني آدم خطّاء، وخيرُ الخطّائين التوابون". (الترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه)
• من استيفاءك لشروط التوبة أن تقطعي التواصل نهائياً مع هذا الشاب، لتحمي نفسك من تكرار نفس الموقف، وإذا كان الشاب يريدك فعلاً بالحلال وهو أيضاً قد قام بفعلته نتيجة ضعف منه وتابَ عن ذلك، فاتركي له الفرصة ليثبت لنفسه ولك صدق توبته، وجديته بالتقدم إليك رسمياً عن طريق أهلك، وتأكدي أن الشاب الذي يريد فتاة بالحلال تجدينه يتصرف معها على أساس أنها زوجته المستقبلية التي يخافُ عليها حتى من نفسه.
• تذكّري عزيزتي أن الإنسان ضعيف بفطرته وغرائزه، لذا من المهم جداً ومن الحكمة برأيي أن نبتعد عن مقدمات الذنوب، مثل الخلوة، وتأجيج المشاعر دون مظلة شرعية، لذا قد يكون ما حدث معك هو نعمة لكِ حتى تمنعي نفسك من الدخول بمواقف مشابهة قد تؤدي بك إلى نتائج وخيمة أكثر مما حدث.
• أخيراً قد يكون ضعفك وعدم مقاومتك في هذا الموقف ناتج عن حاجاتك الجنسية والعاطفية غير المُشبعة، وذلك بسبب عدم زواجك إلى الآن، ولكن دعيني أطمئنك من خلال الحديث الشريف الذي يقول: (إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه) رواه أحمد وصححه الأرناؤوط، لذا فكّري مع نفسك أنك -بإذن الله- سيكرمك الله بالزوج الصالح والحياة الزوجية السعيدة، ولكن حينها لا يوجد أجمل من أن تنظري لنفسك نظرة رضا بعيدة كل البعد عمّا تشعرينه الآن، وهذا يتحقق فقط بتركك للحرام إرضاء لوجه الله.

ختاماً: أتمنى أن تكوني قد وجدتِ الفائدة في إجابتي لك، وأتمنى أيضاً أن لا تترددي في مُراسلتنا مُجدداً إن أردتِ إضافة أية استفسارات أخرى وللاطمئنان عنكِ.

أدعو الله الكريم أن يُريح قلبكِ وأن يسعدكِ في الدارين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً