الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اضطراب الهلع وأحتاج لعلاج.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اكتشفت بأنه كان عندي اضطراب الهلع لمدة ست سنوات، أي منذ أن كنت بعمر ١٣ -١٨، وقد رجع الآن نفس الشعور.

مشكلتي بدأت في المرحلة المتوسطة عندما بدأت أسمع أنه من العادي أن تكون لدي حبيبة أو معجبة، فخفت؛ لأني لم أقتنع بذلك، وكانت هناك أكثر من فتاة تنظر إلي، فكانت تنتابني دوخة خفيفة، وتطور الأمر بعدها إلى خوف من أي نظرات.

انتهيت من المرحلة الثانوية والتي قضيتها كلها أحاول أن أتجنب فيها ذلك الأمر والشعور.

انتقلت لدولة ثانية، وبدأت دراستي الجامعية، وبدأت ألاحظ بأن هناك فتاة تنظر إلي، فخفت خوفا شديدا منها، ومن صديقاتها، وكل أحد له علاقة بها.

لكني بدأت أستوعب بأني أسأت الظن بها، وأن البنت عادية، لكن الخوف لا زال موجودا، وبدأت أواجهها وأن أفهمها وضعي، ولكني أخطأت بأني فعلت ذلك عن طريق الواتس بأن عندي رهاب، فلم أكن أفرق بين الرهاب والهلع، فكيف أتصرف؟ وهل هناك كتب تنصحوني بقراءتها ؟ لأنه من الصعب أن أكلم أهلي أني بحاجة لطبيب نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لم تذكري ما هي أعراض اضطراب الهلع التي كانت عندك، وما بدأت بشرحه بعد ذلك ليس من أعراض اضطراب الهلع، فأنت عندك نوع من المخاوف الوسواسية والحساسية الزائدة، ولذلك تخافين أو تتحسَّسين من العلاقة مع الأخريات، وهذا ما حصل معك، وفي النهاية -الحمد لله- أنك توصلت إلى أنك بالغت في الأحاسيس والمخاوف من نظرات البنت في الجامعة.

أيضًا لا توجد أعراض رهاب اجتماعي محددة، ولكن – كما ذكرتُ لك – عندك نوع من الحساسية تجاه العلاقة مع الآخرين، ونوع من المخاوف الوسواسية.

طبعًا لا أستحضر كتابا معينا، ولكن هناك الآن مواقع على الإنترنت تُساعد الناس، عليك الدخول والبحث عن طريق جوجل وكتابة (كيف أساعد نفسي على التخلص من أعراض الحساسية المفرطة) وسوف تأتيك بعض الإرشادات، فقومي بتطبيقها.

وأيضًا إذا كانت هناك طريقة للتواصل مع معالجة نفسية يكون أفضل، لأن هناك مهارات تقوية الذات تُعطى في شكل مهارات مختلفة، ويعطوك إرشادات لتطبيقها، ومن ثمَّ المتابعة مع المعالج النفسي، وأحيانًا يمكن أن تكون عن طريق الشبكة العنكبوتية، لصعوبة زيارة الطبيب النفسي كما ذكرتِ.

وفقك الله وسدد خطاك.
__________________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ عبد العزيز أحمد عمر -استشاري الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة الشيخ. الدكتور/ عقيل المقطري -مستشار العلاقات الأسرية التربوي
__________________________________________________

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

فكرة أنه يمكن أن يكون للفتاة حبيبة فكرة سخيفة؛ لأن ذلك لا يمكن أن يحقق ما تحتاجه النفس، وإنما يفعل ذلك المنحرفون سلوكيا الشواذ، ويـتأثر بهم من يقلدهم، أما أنت فلست من هذا الصنف إن شاء الله.

الفكرة التي علقت في ذهنك فكرة وسواسية مع وجود شيء من الخوف أن تكون بعض الفتيات اللاتي ينظرن إليك من هذا الصنف.

الأصل أن تتعاملي مع من حولك على الثقة والاستقامة لا على الانحراف حتى يبدو لك ما يخالف ذلك، وإلا فإنك ربما تشكين بأختك وأمك ومن هم أقرب إليك من تلك الفتيات.

يجب عليك أن تحتقري تلك الأفكار الوسواسية وألا تسترسلي أو تتحاوري معها؛ لأن ذلك يعمق الوسواس عندك، بل عليك أن تقطعي هذه الفكرة أول ما تأتيك، وأن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وأن تتحركي من المكان الذي أتتك وأنت فيه، ومن ثم عليك أن تشغلي نفسك بأي عمل يلهيك عن هذه الفكرة.

عليك بمصاحبة الصالحات، وألا تتخوفي من مخالطتهن؛ فإن الخوف يسبب لك الرهاب الاجتماعي، وهذا يمكن أن يتطور ما لم تخرجي عن الانطواء.

لا بد أن تكوني على ثقة بنفسك وأنك قادرة على التمييز بين من هي منحرفة سلوكيا ومن نظرتها نظرة إعجاب ومحبة، وأنت إن صاحبت الصالحات فلن تجدي هذا الصنف المنحرف.

أوصيك أن تكثري من تلاوة وسماع القرآن الكريم والمحافظة على أذكار اليوم والليلة؛ فذلك سيجلب لقلبك الطمأنينة وسيدفع عنك شر كل ذي شر.

اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح؛ فذلك سيقوي إيمانك وسيجلب لك الحياة الطيبة الهادئة كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

ما يؤكد أن ما تعانين منه مجرد وهم أنك قلت إنك كنت تشكين بفتاة ثم تبين لك أنك أسأت الظن بها، وهذا هو الأصل أنك تعانين من شكوك ووساوس ليس غير، فالواجب أن تكوني على يقين من هذا.

تعاملي مع من حولك بشكل طبيعي، وتواصلي مباشرة مع بنات جنسك، ولا بأس كذلك من بناء علاقات، لكن عليك أن تنتقي الصالحات كما أرشدنا نبينا عليه الصلاة والسلام بقوله: ((لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي)).

لا أنصحك أن تقرئي في هذه المرحلة عن هذه المسألة لا في الكتب ولا أن تبحثي في الإنترنت، وعليك أن تتعافي أولا من هذه الحالة، وعليك أن تقرئي في أهمية التواصل الاجتماعي وبناء العلاقات، وابدئي بأقربائك، وشيئا فشيئا ستصلين إلى مبتغاك بإذن الله تعالى.

لست بحاجة للذهاب إلى الطبيب إن أنت عملت بهذه الموجهات، فأنت ليس عندك مرض عضوي، وإنما مجرد وساوس تستطيعين تجاهلها وعدم الاكتراث بها، وأن تجتهدي في الانتصار عليها وهذا يكفي بإذن الله تعالى.

لا تغفلي الدعاء وأنت ساجدة، وتسألين الله تعالى أن يصرف عنك هذه الوساوس، وأن يعيذك من الشيطان الرجيم.

أكثري من دعاء ذي النون {لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ} فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ)).

نسعد بتواصك ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً