الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اضطرابات في الجهاز الهضمي وقلق

السؤال

لا أعرف ما الذي أصابني، ولكني أحمد الله، فأنا أعاني الآن من مشاكل واضطرابات في الجهاز الهضمي.

ذهبت إلي ٣ أطباء مختلفين، وأخبروني أنها اضطرابات وستزول مع الوقت، وأخبروني أن الجهاز الهضمي سليم ولا يوجد به أية مشاكل.

بمجرد أن أعود للبيت من عند الدكتور لا أشعر بأي شيء، وكأني شفيت، وبعد ذلك يعود الاضطراب من جديد، وإن رقبتي أصبحت تعرق أثناء النوم، ولا أنام جيداً، بل أستيقظ من النوم مكتئباً، ومع قلق وتوتر.

شككت أنها غدة درقية، ذهبت للطبيب وهو صديق الوالد، وكنت ذهبت إليه عندما عانيت من بطني وشكوت له الأعراض، وأخبرني أن ما أعاني منه نفسي وليس بعضوي، وفحصني بالسماعة وقال: لا يوجد أي شيء، وأعضاؤك كلها سليمة، وأخبرني أن الأمر مؤقت وسيزول.

ما أعاني منه كالآتي: إمساك وأحياناً إسهال، وكثرة غازات في البطن، مع كثرة التشجؤ وأصوات في البطن، وقلق وتوتر ونوبة هلع خفيفة، ودوخة والشعور أنني لست على طبيعتي، وإحساس بالموت حساسية معدتي تجاه أي أطعمة بها مواد حافظة.

لدي تعرق اليدين وطنين بالأذن، وعندما تضطرب المعدة يصبح ريقي سميك والحموضة تؤلمني واكثر من التشجؤ الذي يصاحبه إخراج شيء يشبه المخاط، به فقاقيع وبعضاً من نقط الدم لونها أسود تستمر لمدة ساعة وأكثر ثم تختفي، وكأن شيئاً لم يكن، ومزاجي متقلب ساعة أنا سعيد وساعة أخرى أشعر بالحزن والرغبة في الصراخ، عالماً أن الأسرة دائمة المشاكل والخصام.

كل هذا حدث بعد أن انتهيت من دراستي للهندسة ومررت فيها بفترة ضغط عصبي وبدني، أصبحت أدخن بشراهة، وأحد الأطباء شك أنه قولون عصبي، وأعطاني مضطاد اكتئاب وقلق ودواء للقولون، ولكن لم أرتاح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدون تسم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وصفك لحالتك واضحٌ جدًّا ودقيق، وأنا أقول لك ومنذ البداية إن الذي تعاني منه حالة نفسوجسدية، لديك قلق وتوترات داخلية، أدَّت إلى ظهور الأعراض الجسدية التي تحدثت عنها، يُعرف أن أعراض الجهاز الهضمي مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحالات القلق الداخلي، خاصة القلق المقنّع، وهذه الأعراض حقيقة نسبةً لأنها كثيرة ومتنوعة – وأقصدُ بذلك أعراض الجهاز الهضمي – تُدخلُ الإنسان في المزيد من التوهمات.

أنا أقول لك: إن أعراضك بالفعل سببها القلق الداخلي والتوتر الداخلي النفسي، وهذا انعكس على أعضاء جسدك، وأدى إلى ما أدى إليه.

أنت يجب أن تعيش حياة صحيّة، وذلك من خلال:
1. تجاهل هذه الأعراض، ومهما كان الإلحاح من جانب هذه الأعراض، أو الإلحاح للذهاب إلى الطبيب يجب أن تُقاوم ذلك، لأن التنقُّل بين الأطباء يزيد من التوهمات المرضية.

2. عليك أن تمارس الرياضة بصورة منضبطة وجادة، لأن في الرياضة علاج لحالتك بنسبة تسعين بالمائة، الرياضة بجانب أنها تجعل الإنسان في حالة ذهنية وجسدية ممتازة جدًّا فهي تُزيل الأعراض النفسوجسدية، خاصة الأعراض المتعلقة بالجهاز الهضمي وأعراض الدوخة والطنين والقلق وحتى الهلع. فخذ هذا الأمر بجدية كاملة، وتخيّر الرياضة التي تناسبك، ومع أهمية الاستمرار فيها.

3. عش حياة صحية من خلال ترتيب غذائك، لا تنم في أثناء النهار، عليك بالنوم الليلي المبكّر، عليك بتنظيم الوقت، القراءة، الاطلاع، التواصل الاجتماعي، الصلوات يجب أن تكون في وقتها، لا تترك مجالاً للفراغ، لأن الفراغ يؤدي لهذه الوساوس المرضية، وانظر للمستقبل بأملٍ ورجاء، ويجب أن تكون لك تطلُّعات ومشاريع حياتية تسعى لتحقيقها.

هذا هو الذي تحتاج له، وهناك نقطة مهمَّة جدًّا، بل هي نقطة مركزية، أنا ذكرتُها في البداية، وهي: أن تتوقف عن التردد والتنقُّل بين الأطباء، خصص طبيبًا واحدًا كطبيب الأمراض الباطنة أو طبيب الأسرة، ويمكن أن تقابله مرة أو مرتين في السنة وليس أكثر من ذلك، وتجري فحوصات روتينية عامّة. إذا عشت الحياة الصحية التي أعطيناك أسسها – وهي معلومة – لن تحتاج إن شاء الله تعالى أبدًا من أن تُكثر من التردد على الأطباء.

لا شك أن مُحسّنات المزاج ومُزيلات القلق والتوتر والوسوسة والمخاوف سوف تكون مفيدة لك، لكن تغيير نمط الحياة على الأسس التي ذكرتُها لك هو العلاج الأساس، والدواء يُساعدك، وأنا حقيقة أنصحك بتناول دواء يُعرف باسم (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (لوسترال).

تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، وهذه هي الجرعة الوقائية للمدة المطلوبة، وليست مدة طويلة، بعد ذلك اجعل الجرعة نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين ، ثم توقف عن تناول الدواء.

لابد أن تتبع الخطوات العلاجية التي نصحناك بها، وبالترتيب الذي أوضحناه، لأن ذلك مهمٌّ وجزء أصيل في البرتوكول العلاجي الدوائي.

هناك دواء آخر داعم للسيرترالين يُسمَّى (دوجماتيل) واسمه العلمي (سلبرايد)، أريدك أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة في الصباح لمدة أسبوعين، ثم كبسولة صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم كبسولة يوميًا في الصباح لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

كلا الدواءين من الأدوية البسيطة والسليمة والفاعلة وغير إدمانية، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بهما، وأشكرك كثيرًا على ثقتك في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً