الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع وسواس النظافة؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني كثيرا عند خروجي من المرحاض، عند غسل يدي، فأستعمل الحنفية وتطول فترة غسلي، وعندما يكون الماء غير متوفر من الحنفية يزداد وسواسي فلا أعرف كيف أغسل بالإناء، حيث أني لا أثق بأن يدي تعقمت من الجراثيم بعد غسلها في الإناء، حيث الصابون يرجع للإناء، وأرى الماء أصبح أكثر بياضا من الصابون، وعندما أكمل الغسل لا أستطيع الأكل أو لمس أي شيء حتى يأتي الماء من الحنفية، فأشعر بالراحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

نعم –أخي– أعتقد أنه لديك درجة بسيطة من وساوس النظافة والخوف من الأوساخ أو الاتساخ، والمبدأ الرئيسي لعلاج الوساوس هو أن يُعرِّض الإنسان نفسه لمصدر وسواسه دون أن يستجيب استجابة سلبية، بمعنى: أن تعرِّض نفسك للأوساخ وتكون استجابتك استجابة إيجابية، بأن تغسل يديك مثلاً بمستوى معقول، ولا تكون هنالك مبالغة في غسل اليدين، حيث إن الإكثار لا يؤدي إلى المزيد من النظافة، على العكس تمامًا قد يؤدي إلى تقرُّحاتٍ في الجلد، وهذه التقرُّحات تكونُ مدخلاً للجراثيم هي نفسها، وقد شاهدنا هذا، شاهدنا من حصل لهم تسمُّم دموي شديد لأن الجراثيم قد دخلت من خلال الفتحات والجروح التي أوقعوها على أنفسهم جراء النظافة الزائدة عن حدِّها.

فأنا أريدك أن تستوعب هذه الحقيقة استيعابًا جيدًا، وأريدك أن تطبق بعض التمارين، مثلاً: قم بلمس أسفل حذائك، والمسح عليه بقوة براحة يدك، طبعًا الحذاء مصدر للأوساخ، وبعد ذلك أحضر كوبًا من الماء وليس أكثر من ذلك، لا يزيد عن 300 مليلتر أبدًا، كمية الماء يجب أن تكون محددة، وتغسل يدك، المرة الأولى غسلة عادية، وثم غسلتين بالصابون والماء، ولا يستغرق عملية الغسل أكثر من دقيقتين.

قم أيضًا بتطبيق تمرين آخر، مثلاً تُدخل يدك في سلة الأوساخ والمهملات، وتقوم بفركها وتحريكها في داخل السلّة مع النفايات، وقطعًا هذا مكان للأوساخ ومكان للجراثيم، ويجب أن تُدرك ذلك، بعد ذلك تحضر كمية من الماء أيضًا لا تزيد عن ثلاثمائة مليلتر، وتقوم بثلاث غسلات فقط.

إذًا طبِّق هذه التمارين يوميًا بمعدل ست إلى سبع مرات، يمكنك أن تُعرِّض نفسك لأنواع مختلفة من الأوساخ، بعد ذلك طبّق الأمر في الواقع، ولن تجد أبدًا صعوبة في التخلص من هذه الوسوسة.

أمَّا موضوع الفرق بين ماء الحنفية والماء الذي في قارورة أو في إناء: فليس هناك فرق أبدًا، يجب أن تقنع ذاتك أن هذا مجرد سخيف، ويجب أن تُهاجم الوسواس، يجب أن تحقّر الوسواس، ويجب ألَّا تُناقش الوسواس – أخي الفاضل الكريم -.

أريدك أيضًا ألَّا تُسرف في الوضوء، هذا وجدناه أيضًا يُساعد كثيرًا الناس الذين لديهم وساوس النظافة، فإذًا يجب ألَّا تُسرف في الوضوء أبدًا، وتذكّر أن الإسراف مذموم، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان لا يُسرفُ في الوضوء أبدًا، وكان يتوضأ بكمية من الماء قدّرها العلماء بواحد لتر إلَّا ربع، بمقاييس اليوم، فدرِّب نفسك على هذا، حتى ولو وضعت الماء في إبريق أو في قِنِّينة أو في أي شيء، ولا تتوضأ من ماء الحنفية؛ بهدف التدريب، طبِّق ذلك لمدة أسبوع إلى أسبوعين، بعد ذلك يمكنك أن تتوضأ بصورة عادية، وهكذا.

أريد أيضًا أن أصف لك دواء بسيطًا جدًّا، دواء يُعالج هذا النوع من الوسوسة، الدواء يُسمَّى (بروزاك) هذا اسمه التجاري، واسمه العلمي (فلوكستين)، ابدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة (عشرين مليجرامًا) يوميًا، لمدة أسبوعين، ثم اجعلها حبتين – أي أربعين مليجرامًا – يوميًا، لمدة شهرين، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً