الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد علاج ضعف شخصيتي بالقرآن الكريم، فبم تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشفاء بالقرآن موجود وملموس، وأنا مؤمن بهذا الشيء -الحمد لله-، ولا أريد سوى العلاج بالقرآن، فأنا أريد سورة لتقوية وتعزيز الثقة بالنفس وأيضا تقوي الشخصية.

وأيضا أنا أعاني من ضعف في الشخصية في بعض المواقف، وأريد سورة من القرآن تحسن من شخصيتي، وتمدني بالطاقة والقوة النفسية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
لم يكن هنالك أحد يشكو في الزمان الأول من شيء اسمه ضعف في الشخصية، فهذه كتب الإسلام تعج بالسير والتراجم، وتلك تراجم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، فلم نجد أن أحدا منهم أتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله إن شخصيتي ضعيفة.

ضعف الشخصية شيء وهمي، تأثر البعض بما يقرأ فيما يكتب حول هذا الموضوع وتنمى في النفس ذلك الخوف والوهم، وقد يكون عند الشخص نوع من الخجل والحياء، أو التردد من فعل بعض الأعمال وهذا أمر طبيعي للغاية، فالحياء علامة من علامات الإيمان، والتردد ينتج عن قلة الخبرة يعالج بسؤال من له خبرة، ويحتاج من الشخص إلى الإقدام، فمن يريد أن يعمل لا بد أن يحصل منه خطأ، ومن لم يخطئ فلن يتعلم، ولذلك قيل ما خاب من استشار ولا ندم من استشار.

السبب الذي جعل الصحابة ومن بعدهم لا يشتكون من شيء اسمه ضعف في الشخصية هو ارتباطهم المباشر بالقرآن والسنة؛ لأن الإيمان وقوته يقوي القلب ويطمئنه، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

عليك أن تجتهد في تطبيق الآداب الإسلامية باعتدال دون غلو وتجعلها سلوكا يوميا لشخصيتك، وبهذه الطريقة ستتغلب على كل ما تشكو منه بإذن الله تعالى.

ابتعد عن القراءة في المسائل النفسية التي يكتبها الغربيون، فكثير مما يكتب نوع من الهوس الذي لا يستند إلى علم وخاصة ما يكتب حول الأمور النفسانية، فقد يصيبون في مسائل ولكنهم يخطئون في الكثير منها، ومن يقرأ ويجد بعض الأعراض عنده يقول أنا مصاب بهذا الداء وهو في الحقيقة ليس فيه شيء، ولعلك تدرك أهمية الحالة النفسية في إبعاد أو جلب الكثير من الأوهام النفسية.

ليس هنالك سورة خاصة لتقوية وتعزيز الثقة بالنفس ولكن القرآن الكريم كله شفاء، والتدرج في السلوكيات مهم للغاية، فالكرم بالتعود، والصبر بالتصبر، والحلم بالتحلم والشجاعة كذلك، فعليك أن تعود نفسك على جميع السلوكيات التي تجعلك مقداما منها الإقدام والشجاعة والجرأة وكل ذلك في إطار الشرع.

القرآن الكريم بكل سوره يمد الجسم بطاقة عجيبة، فلو أنك جعلت لنفسك جزءا من القرآن يوميا تقرؤه لذهب ما تعانيه -بإذن الله-، ولك أن تقرأه كاملا، أو تقرأ بعد كل صلاة ورقتين فتختم الجزء مع صلاة العشاء.

اجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح فذلك مما يجلب الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الاستجابة وسل ربك أن يصرف عنك الأوهام والوساوس وكل ما تعاني منه وأكثر من دعاء (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً