الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اعاني من ضعف التركيز وتشوش في الأفكار.

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من ضعف شديد في التركيز منذ سنوات، وازداد الأمر إلى أني لا أستطيع التركيز عندما يتحدث أحد معي، وأحيانا أطلب منه التكرار، وأحيانا أقرأ الشيء أكثر من مرة حتى أستوعبه، وعندما أجلس للمذاكرة أرغب في الحركة، فأذاكر وأنا أمشي حتى تتألم قدماي، وكذلك لا أركز في الصلاة.

أيضا مشكلتي أني أقاطع من يحدثني رغما عني، ويكون كلامي غير مرتب وبنبرة عالية ومتوترة، وهذا يضايقني ويجعلني غير مرتاح عندما أتكلم مع أحد، أيضا أشعر بتقلب المزاج كثيرا، وأغلب الوقت أكون متوترا، حتى وأنا ألعب الكرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

رسالتك واضحة جدًّا، فاضطراب التركيز الذي تعاني منه وعدم المقدرة على الانتباه وتكرار الأشياء وقراءة بعض الأشياء أكثر من مرة لتذَكُّرها مع وجود التململ الحركي الذي تحدثت عنه: هذه أعراض قلق نفسي ولا شك في ذلك، ولا أرى أنك تعاني من اكتئاب حقيقي، لكن ربما يكون لديك درجة بسيطة جدًّا من عُسر المزاج، وهي التي جعلتك تكون سريع الاندفاع والانفعال، ولا تتحمّل المضايقات كما كنت تفعل فيما مضى.

أخي الكريم: النفس تحتقن كما تحتقن الأنف، ولا بد أن نفتح محابس النفس لنتجنب هذا الاحتقان، وهذا يتأتّى من خلال التعبير عن النفس، لا تكتم، كل ما يدور في خلدك وفي خاطرك حاول أن تُعبّر عن ذاتك، والتفريغ النفسي يُعتبر علاجًا رئيسيًا، أضف إلى ذلك التفكير الإيجابي، حاول أن تتخلص من كل فكرٍ سلبيٍّ، وتستبدله بفكرٍ إيجابي.

النقطة الثالثة: أكثر من الاستغفار، الاستغفار أمرٌ عظيمٌ جدًّا، يمتصّ هذه الطاقات الغضبية، ويا حبذا أيضًا لو طبَّقت ما ورد في السنّة النبوية عن كيفية التعامل مع الغضب، يوجد في كتاب (الأذكار) للإمام النووي كلامٌ جميلٌ حول كيفية التعامل مع الغضب وإدارته حسب ما نصحنا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فأرجو أن تطلع على ذلك الكتاب خاصة في موضوع الغضب، وأرجو أن تأخذ بذلك.

طبعًا الرياضة مهمّة جدًّا في حالتك، الرياضة تجعل الإنسان حقيقة إيجابي الاندفاعات، وقليل الغضب، وتُحسّن التركيز، وهي قطعًا تُقوّي الصحة النفسية كما تقوّي الصحة الجسدية، وفائدة الرياضة الآن أُثبت أنها تقوم على أسس علمية، اتضح أن هنالك مواد دماغية إيجابية لا تُفرز إلَّا من خلال ممارسة الرياضة.

واطلعتُ أيضًا من فترة قريبة على ورقة علمية ممتازة جدًّا نُشرت في أمريكا، بحث محترم حقيقةً، يُشير أن الصوم المتقطع أيضًا يُريح النفس والبال ويُحسّن التركيز، والصوم المتقطع حقيقة أنا رأيتُه مثل صيام يومي الاثنين والخميس وصيام الأيام البيض، شيء من هذا القبيل. طبعًا المؤلف لهذه الورقة أو الباحث هو غير مسلم، ولا أعتقد أنه لديه فكرة كبيرة عن شهر رمضان مثلاً والصيام عند المسلمين، لكن أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الصوم فيه فائدة كبيرة جدًّا للصحة النفسية.

أخي: مارس أيضًا تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس التدرّجي مهمّة جدًّا، الشهيق الزفير، وإسلام ويب لديها استشارة رقمها (2136015) أوضحنا فيها الكيفية التي يمكن أن يمارس بها الإنسان هذه التمارين، كما أنه توجد إرشادات مفيدة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء.

إذًا هذا هو الذي أنصحك به، وأضف على ذلك: يجب أن تحرص على التواصل الاجتماعي، وألَّا تتخلف عن واجباتك الاجتماعية، برّ الوالدين يُضيف إضافات عظيمة للصحة النفسية للإنسان، وذلك بجانب احتساب الأجر.

هذا هو العلاج الإرشادي، وأريدك أيضًا أن تتناول دواء بسيط جدًّا، مُزيلٌ للقلق، الدواء يُسمّى (دوجماتيل) واسمه العلمي (سولبرايد)، أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله. دواء بسيط وسليم، وأسأل الله أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً