الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصاب بالتوتر والقلق لمجرد شعوري بأي ألم.

السؤال

السلام عليكم.

بداية أود أن أشكركم كثيرا على موقعكم، لأني أستفيد منكم كثيرا.

مشكلتي أنني فتاة شديدة القلق والتوتر بما يتعلق بصحتي أو صحة والدتي أو شخص أحبه، مثلا عندما أحس بشيء معين أو مرض ألجأ بسرعة إلى الإنترنت وأبحث عن الأعراض وأجد أمراضا شبيهة لحالتي فأخاف أن تكون قد أصابتني وأقلق، وتفكيري يصبح سلبيا، وأصل لمرحلة لا أريد التكلم مع أحد وأنعزل وأبقى أفكر.

مؤخرا ذهبت لطبيب بسبب آلام في ظهري ورقبتي، فقال عندك تشنج في فقرات الظهر والرقبة، وأوصاني بالتمارين، فبقيت متوترة وخائفة وأفكر ماذا سيحدث لي بعد ١٠ أو ٢٠ سنة، ربما ستسوء حالتي، مع أني لا أعاني من آلام شديدة ولكن تفكيري ومشاعر القلق تؤلمني أكثر من آلام جسدي.

وقرأت كتبا نفسية تقول أن التوتر هو سبب رئيسي للتشنجات، فأرجو أن تساعدوني في مشكلتي هذه، علما أنني أصلي وأقرأ الأذكار والحمد لله، وكذلك أعمل تمارين استرخاء وتقوية لمنطقتي الرقبة والظهر، وما زلت خائفة وأتوتر كلما أحسست بألم، أعتقد أن مشكلتي مشكلة نفسية، أليس كذلك؟ وما حلها؟

وشكرا جزيلا مقدما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Khadijah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وجزاك الله خيرًا على الثقة في هذا الموقع.

بالفعل المشكلة التي لديك هي مشكلة نفسية، وربما حتى لا ترقى إلى مشكلة حقيقية، هي ظاهرة بسيطة يظهر أنك لديك قابلية واستعداد للحساسية النفسية والقلق والتوتر وشيء من المخاوف، وهذا يجعلك في حالة من اليقظة النفسية المرتفعة جدًّا لالتقاط أي عرض مرضي، وقد يحدث لك ما نسمّيه بنوع من التماهي للأعراض، أي: قد تنطبق عليك أو على شخص بعض الأعراض التي أصابت شخصا آخر، أو قرأت واطلعت عنها، أو حدثت لمريض مُعيَّن أو لشخصٍ مُعيَّن توفاه الله ... وهكذا.

فهذا نوع من النقل النفسي، العدوى النفسية التي تتسرب إلى الكيان الوجداني عند الإنسان، وتجعله سريع الحساسية، سريع الوقوع تحت ما نُسمِّيه بالتأثير الإيحائي أو التماهي الإيحائي كما شرحتُ لك. هذا ليس مرضًا.

ومع أنها ظاهرة لكنها تحتاج إلى علاج، والعلاج – أيتها الفاضلة الكريمة – هو نفس الأسس التي ذكرتِها أنت: الحرص على تمارين الاسترخاء، التوكُّل، الدعاء، حُسن إدارة الوقت، وأن يسعى الإنسان لأن يعيش حياة صحية: من حيث تنظيم وقته، تنظيم غذائه، الحرص على النوم الليلي المبكّر، أن يكون الإنسان نافعًا ومفيدًا لنفسه ولغيره، التطوّر الشخصي فيما يتعلّق بالمهنة، التواصل الاجتماعي ... هذا كلُّه حقيقة يصرف انتباه الإنسان عن هذا النوع من العلة أو الظاهرة النفسية.

وطبعًا كل ما يُكتب في الإنترنت ليس دقيقًا، وحتى إن وجدت معلومات مفيدة ليس من الضروري جدًّا أن تنطبق على الإنسان، كلُّ إنسان له خاصِّيته، كلُّ إنسان له مكوناته النفسية والفسيولوجية التي تختلف من بقية الناس.

إذًا أنا لا أنصحك أن تُكثري من هذه الاطلاعات، وسوف يكون أيضًا من الجميل جدًّا إذا مثلاً كانت لك مراجعات دورية مع طبيب الأسرة أو أي طبيب تثقين به، مثلاً مرّة كل ثلاثة أشهر، أو حتى مرة كل ستة أشهر، مرتين في السنة، أن تُجرى لك الفحوصات الدورية، هذا وجد أنه مطمئنٌ تمامًا.

بالنسبة للتشنجات والتقلصات العضلية التي تحدث لك – كما تفضلت – في منطقة الظهر والرقبة، هذا ظاهرة معروفة جدًّا، التوترات النفسية تؤدي إلى توترات عضلية، وأكثر العضلات التي تتأثّر هي عضلات أسفل الظهر، وعضلات فروة الرأس، وعضلات الصدر، وعضلات الرقبة. فإذًا الأمر هو في حقيقته يمكن أن نُسمّيه (نفسوجسدي)، يعني: أعراض جسدية سببها هو القلق النفسي.

والعلاج سوف يكون على نفس الوتيرة التي ذكرناها لك من انتهاج نمط حياة صحي ثابت. وأيضًا سوف أصف لك دواء بسيطا مضادا لقلق المخاوف، هنالك عقار يُسمى (سبرالكس) واسمه العلمي (استالوبرام) سيكون دواءً طيبًا جدًّا بالنسبة لك، حيث إنه سليم، وغير إدماني، وغير تعودي، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية.

تبدئين بجرعة خمسة مليجرام فقط – أي نصف حبة، من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولينها لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحد يوميًا لمدة ثلاثة أشهر – أي عشرة مليجرام – ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

باراك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً