الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق والوسواس المرضي، أرجو التشخيص ووصف العلاج.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ أربعة أشهر -بالتحديد في الليل- جاءني ضيق تنفس فجأة، شعرت بالخوف الشديد، كنت أفكر أنه سيزول، لأنني شعرت به وزال وحده، ولكنه استمر مع بعض الأعراض مثل سرعة ضربات القلب والنهجة، وثقل في الصدر وحرقان، خفت أن تكون ذبحة صدرية فذهبت لدكتور القلب، قال إنني بحالة جيدة ولكن هناك نسبة ارتخاء في الصمام المترالي، وارتفاع بسيط في الضغط.

منذ ذلك الوقت وأنا أقيس الضغط في اليوم حوالي عشر مرات، وأنتقل من مرض لآخر، وتناولت أدوية لعدة أمراض مثل التهاب المثانة، والعدوى البكتيرية في المعدة، وكل مرض أخاف أن يكون -لا قدر الله- مرضا خبيثا.

أنا في دوامة المرض منذ أربعة أشهر، وعملت ct على الصدر وكانت سليمة، وعملت cbc كان الليمفوسيت عال 48 وبقى 52.

بعدها بأسبوعين دخلت في دوامة الليوكيما من قلق وخوف، وأخذت جرعتين لجرثومة المعدة، ولم أجر التحليل، ولكن في الجرعة الثانية شعرت بأصوات في البطن، مع غازات كثيرة جدا، ومعي شبه إسهال منذ أسبوعين، وتغير في شكل البراز، فهل عندي شيء في القولون، أم قد تكون المضادات الحيوية قتلت البكتريا النافعة فحصل ذلك؟

لساني به تقرحات، وأحيانا يظهر طفح جلدي بسيط، فهل أنا مريض عضوي أم نفسي؟ أنا في دوامة لا أعرف كيف أخرج منها، وهناك أشياء أخرى حدثت نسيتها، ولكنني تركت دراستي وصلاتي، وفرغت وقتي كله للبحث في الأمراض على الإنترنت، وأخاف من عمل التحاليل لخوفي من الإصابة بمرض خبيث.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

أنا أؤكد ومنذ البداية أنك لا تعاني من مرض عضوي، ولا تعاني أيضًا من مرض نفسي، لديك ظاهرة نفسية هي المخاوف المرضية، وهذه ينتج عنها قلق، وينتج عنها خوف، وينتج عنها وسوسة، وكما تفضلت يكون الإنسان في حالة من اليقظة والاستنفار الذاتي من أجل التردد على العيادات والبحث عن الأمراض والقراءة حولها.

طبعًا هذا وضع غير صحي، ويجب أن يتم تغييره تمامًا، هذا نمط حياة مزعج، هذا نمط حياة معطّل، والمطلوب منك هو: أولاً ألَّا تتردد على الأطباء، أن يكون لديك قرار صارم في هذا السياق، نحن لا نحرمك أبدًا من التأكد من صحتك، وهذا يمكن أن يتم من خلال الفحص الدوري، كل ثلاثة إلى أربعة أشهر في السنة تذهب وتقابل طبيبك -طبيب الأسرة أو الطبيب الباطني- من أجل إجراء الفحوصات الدورية، هذا مهم.

والأمر الثاني هو: ممارسة الرياضة، الرياضة إذا مارسها الإنسان بانتظام تعطي شعورًا إيجابيًّا جدًّا حول الصحة النفسية والصحة الجسدية، وهذا قد أثبت حقيقة أن الرياضة بالفعل تؤدي إلى إفرازات كيميائية إيجابية جدًّا على مستوى الموصِّلات العصبية في الدماغ، وعلى مستوى المكونات الكيميائية والهرمونية والأنزيمات الأخرى في الجسم.

فإذًا هنالك ثوابت علمية تُوضح أن الرياضة هي وسيلة من وسائل العلاج.

أيضًا تنظيم الطعام، مجرد تنظيم الطعام بصورة صحية حسب ما هو مُتاح هذا أيضًا يعطي الإنسان شعورًا إيجابيًا.

الصلاة في وقتها، والحرص على الأذكار -خاصة أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم والاستيقاظ- هذه تُجدد الطاقات النفسية الإيجابية، فلا تحرم نفسك من هذا الخير أبدًا.

الأمر الآخر: الترفيه عن النفس، مهمٌّ جدًّا أن يُرفّه الإنسان عن نفسه، طبعًا الرياضة فيها ترفيه عن النفس لمن يلتزم بها، لكن يجب أن تبحث عن منافذ أخرى: الجلوس مع أصدقائك، مشاهدة برامج ممتازة في التلفزيون مثلاً، هذه كلها إضافات مهمّة جدًّا بالنسبة لك.

ونحن دائمًا نعتبر الحاضر له قوة، والماضي فيه ضعف، والمستقبل فيه أملٌ ورجاء، فعش الآن قوة الحاضر، بأن تُجدد طاقاتك، بأن يكون لك العزم والقصد والترتيب الصحيح من أجل التميُّز الدراسي، وتنظيم الوقت هو فنٌّ من الفنون، والذي يُنظم وقته ويُديره بصورة صحيحة ينجح نجاحًا باهرًا -بإذن الله تعالى-.

وأول خطوات تنظيم الوقت هي: النوم الليلي المبكّر، وعدم السهر، وتثبيت وقت النوم. هذا يُتيح لك الفرصة أن تستيقظ مبكّرًا وتحس بطاقات نفسية وجسدية ممتازة، تُصلي الفجر، بعد ذلك يمكن أن تدرس، بعد أن تشرب الشاي وتستحم تدرس لمدة ساعة مثلاً، هذه الساعة قد تكفيك تمامًا؛ لأن البكور فيه بركة، والمواد الكيميائية الإيجابية تُفرز في الصباح، وأنت بالتالي نمت نومًا طيبًا جميلاً؛ حصل فيه ترميم كامل لخلاياك الجسدية والدماغية، فهذه أول خطوات إدارة الوقت الصحيح.

أيضًا -وحتى تكتمل الصورة- أريد أن أصف لك أدوية بسيطة جدًّا، الدواء الأول يُسمَّى (دوجماتيل) واسمه العلمي (سولبرايد) أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرين، هذا الدواء بسيط جدًّا جدًّا، يُفيدُ في الأعراض النفسوجسدية، مثل النوع الذي تعاني منه.

والدواء الآخر هو السبرالكس، وهو مضاد ممتاز لقلق المخاوف الوسواسي، أنت أيضًا تحتاج له بجرعة صغيرة، تبدأ بجرعة خمسة مليجرام -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- تتناولها لمدة عشرة أيام، بذلك اجعلها حبة كاملة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أرجو أن تأخذ بكل هذه النصائح العلاجية، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً