الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل حالتي ثنائي القطب أم اكتئاب أحادي؟

السؤال

السلام عليكم.

تم تشخيص حالتي باضطراب القلق العام قبل 3 أشهر، كنت أخاف من عدم النوم، بحيث كنت لا أستطيع النوم لمدة يومين، وأجد صعوبة جداً في الدخول في النوم، وذهبت للطبيب النفسي، ووصف لي دواء الميرتازابين المعروف بالريميرون نصف حبة قبل النوم لمدة شهر، وأنا شخصيا لا أستطيع النوم إلا بعد صلاة الفجر حتى مع أخذ الدواء.

الدواء ساعدني في النوم لكني لا أستطيع النوم قبل الفجر، وهذه المشكلة التي سببت لي القلق والاكتئاب، لأني طالب مقبل على الجامعة، وأخاف أن تستمر حالتي بحيث لا أستطيع الذهاب إلى الجامعة ومواصلة مهامي اليومية.

أعاني من قلق وحزن واكتئاب في بعض الأيام، حتى بعد أن أصبحت أنام بعد الفجر، بعد شهر من أخذي للدواء فقد مفعوله، وأصبح لا يؤثر على جسمي، بحيث لا أنام، فأخبرت الطبيب، فخفض جرعة الدواء إلى ربع الحبة لكي يساعدني على النوم، وبعد تناول ربع الحبة 7.5 مجم الذي ساعدني على النوم لكن طبعا بعد الفجر، أصبت بالقلق والاكتئاب ومزاج متقلب طوال اليوم، فهل لدي ثنائي القطب، أم هو اكتئاب أحادي؟ بحيث أن الاكتئاب يذهب ويرجع، ويكون مزاجي طبيعيا، وأحيانا أعاني من تقلبات المزاج في نفس اليوم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
النوم حاجة بيولوجية غريزية فطرية طبيعية – أخي الكريم - نعم في حالات القلق والتوترات والاكتئاب وعدم القدرة على التكيف ربما يضطرب النوم بأن يُصبح نومًا غير صحي، نومًا غير منعش، أو قد يقلُّ في كميته أو في كفاءته، ويُصبح نومًا لا يستمتع به الإنسان، ولا يحس بطاقاتٍ متجددة.

حالتك أعتقد أن الخوف من عدم النوم هي مشكلتك الأساسية، وهذا النوع من المخاوف القلقية مخاوف وسواسية حقيقة، فأنا أريدك أن تُصحح مفهومك عن النوم بـ:
- أن النوم حاجة بيولوجية، والنوم يجب أن يبحث عنك ولا تبحث عنه، فقط أنت تُمهّد له، وذلك من خلال أن تعيش حياة صحيّة.
- أن تمارس الرياضة بكثافة خاصة في فترة النهار، الرياضة مهمة جدًّا لتحسين النوم.
- أن تتجنب تناول الشاي والقهوة بعد الساعة السادسة مساءً.
- أن تتجنب النوم في وقت النهار.

وتعودك على النوم بعد صلاة الفجر هي عادة، عادة مكتسبة أكثر ممَّا هي حاجة بيولوجية. أنت عودت نفسك على هذا النسق وسرت عليه، والنوم النهاري إن كان بعد الفجر أو بعد ذلك يحرم من النوم الليلي الطيب والجميل.

من المهم جدًّا أن تذهب إلى الفراش في وقتٍ ثابت، ولا تكون هنالك تقلُّبات وتأرجحات في وقت النوم، الساعة البيولوجية عند الإنسان إذا وضعناها في مساراتها الصحيحة يأتينا النوم.

الحرص على الأذكار، أذكار النوم، وأن تُكثف من التمارين الاسترخائية بجانب الرياضة، تمارين الاسترخاء خاصة قبل النوم بنصف ساعة مهمّة جدًّا، ومَن يؤديها بصورة ممتازة – خاصة تمارين التنفس المتدرجة التأمُّلية – يجد نفسه قد نام. يمكن للطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي أن يُدربك على هذه التمارين، أو يمكنك أن تتعلم تطبيقاتها من خلال تصفح أحد المواقع الجيدة على اليوتيوب، وهي كثيرة جدًّا ومفيدة.

ومن المهم جدًّا أن تستفيد من القلق كطاقة إيجابية، تحدثنا عن الرياضة، تجتهد في دراستك، تُجيد وقتك من حيث توزيعه، والصلاة في وقتها، الورد القرآني، الترفيه على النفس بما هو طيب وجميل.

فإذًا الأمر يجب أن يكون رزمة كاملة متكاملة، وألَّا نقطّع حياتنا قطعًا قطعًا، شيء للنوم وشيء للأكل، لا، الحياة كلها مكوّن واحد، والإنسان إذا جعل حياته حياة إيجابية على الأسس التي ذكرتها سوف تنام نومًا إن شاء الله طيبًا ومُريحًا.

إذًا هذه هي الإجراءات السلوكية الخاصة بالنوم. بعد ذلك نأتي للدواء. الدواء: أنا أعتقد أن تتناول عقار (زولبيديم Zolpidem)، أن تتفق مع الطبيب لتتناول الزولبيديم بجرعة عشرة مليجرامات لمدة عشرة أيام، ثم تتناول الزولبيديم بجرعة خمسة مليجرامات لمدة أسبوع، ثم تتوقف عنه. الزولبيديم دواء منوّم، فعّال جدًّا، ممتاز جدًّا، وغير إدماني، وسوف يجعلك تنام نومًا جيدًا وفاعلاً.

يأتي بعد ذلك تناول عقار (ميرتازابين Mirtazapine) هو دواء جيد، نقي ونظيف، لكن أنا أعتقد أنه في مثل عمرك عقار (إميتربتالين Amitriptyline)، وهو عقار قديم جدًّا، قد يكون هو الأفيد، بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا مثلاً، سوف يكون مفيدًا. أو عقار (ترازدون Trazodone) بجرعة خمسين مليجرامًا، أيضًا سيكون مفيدًا جدًّا، يُضاف له عقار آخر وهو الـ (كويتيابين Quetiapine) بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا.

إذًا تناول الإميتربتالين بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا، أو الترازدون بجرعة خمسين مليجرامًا مع عقار كويتيابين بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً سيكون مزيجًا دوائيًا بسيطًا وفاعلاً جدًّا ومفيدًا. طبعًا لا تحتاج أن تتناول الإميتربتالين والترازدون مع بعضهما البعض، أحدهما يكفي تمامًا.

فيا أخي الكريم: انظر في هذه التركيبة الدوائية البسيطة والتي سوف تغنيك تمامًا -إن شاء الله تعالى- عن الميرتازبين، وكما ذكرتُ مسبقًا فإن عقار زولبيديم سيجعلك تنام نومًا سلسًا وجميلاً وسليمًا، لكن لا تتناول الزولبيديم لفترة طويلة، اتبع المدة والجرعة التي ذكرتها لك، وهذه سوف تكون خطة علاجية فاعلة وسليمة -بحول الله وقوته-.

أيها الفاضل الكريم: أنا لا أرى أنه لديك مؤشرات حقيقية على ثنائية القطبية، وحتى الاكتئاب الذي لديك هو اكتئاب قلقي، و-إن شاء الله- ليس شديدًا وليس مُطبقًا، بل على العكس تمامًا هو من النوع المتأرجح الذي يأتي ويذهب، وثنائية القطبية منتفية في حالتك من وجهة نظري.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً