الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرجو تقديم نصيحة لفتاة تعلقت بشاب عن طريق الإنترنت

السؤال

السلام عليكم

لدي مشكلة في عواطفي، فإنا لا أعرف الكره أبداً، لكنني أراه فيمن حولي، وأحب الناس وأحب عمل الخير ولا أستطيع عمله؛ لأن أهلي لا يسمحون للفتاة بالعمل حتى في الأعمال الخيرية، وأحب التحدث إلى الناس، أو إلى أي شخص يفهمني لكن لا يوجد أحد يسمعني لا من أهلي ولا من أصدقائي.

لا أحد يفهمني حتى الوالدة، وهي المفروض أقرب شخص لي.

وأحب شخصاً من كل قلبي لكنه لا يعرف؛ لأن خجلي وحيائي لا يسمح بأن أقول له: إنني أحبه، وقد تعرفت عليه عن طريق الإنترنت، وأحس أنه شخص صادق، لكنه لا يعرف شكلي، ولم أتحدث معه بالصوت لكنه يفهمني، وأحس بأنه صادق ومؤدب، وأنا خائفة، فساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ السائلة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

نسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن ينفع بك بلاده والعباد، وأن يُعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.

فإن حبك لعمل الخير من أعظم الطاعات، فاصدقي الله يصدقك، وأبشري بما يسرك، ولا يزال الإنسان بخيرٍ ما عمل الخير ونوى الخير (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى).

ومن جمال هذه الشريعة أنها فتحت كل الأبواب إلى الخيرات، فإذا تعذر عليك العمل بطاعة الله فاجتهدي في غيرها، ولن يحرمك الله بفضله من الأجرين، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للصحابة وهم في الغزو في سبيل الله: (إنكم خلفتم بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم)، وفي رواية: (إلا شركوكم في الأجر) ثم علل سبب ذلك فقال: (جسهم العذر).


ولعل أهلك أرادوا لك مزيداً من الصيانة والحفظ والرعاية، وهكذا يفعل من يملك جوهرة غالية، فاحمدي الله على ذلك، واحملي ما يفعله أهلك على أحسن الوجوه، وانظري للأمر من هذه الزاوية، فالعبرة بمقصدهم لا بعملهم، وقد يُخطئ الإنسان في عمله أحياناً ولكن يشفع له صلاح النية ونقاء الطوية والرغبة في إرضاء رب البرية.

وأرجو أن تُشغلي نفسك بالقرآن والذكر، وتجنبي الحديث إلى الرجال الأجانب، وابحثي لنفسك عن صديقات صالحات، وابحثي لنفسك عن هوايةٍ نافعة، واحذري من شرور الإنترنت، ولا تنخدعي بالكلام المعسول، حتى تعرفي موقف المتكلم من الرسول ورعايته للآداب والأصول، واجعلي للعقل مكاناً إلى جوار العواطف، وعمري قلبك بحب الله، ثم اجعلي حب الله منطلقاً لك، فالمؤمنة تحب ما يحبه الله، وأقرب الناس إليها أكثرهم لله طاعة ولرسوله اتباعاً.

وإذا كان هذا الشاب مناسباً ومطيعاً لله، فيمكن أن تدليه على أوليائك ليتقدم لطلب يدك، ويأتي البيوت من أبوابها، وننصحك بسرعة قطع هذه العلاقة، والاجتهاد في تصحيحها، ووضعها في إطارها الشرعي، حتى تكون تحت سمع وبصر الأهل، وحتى تتحقق الرؤية الشرعية التي هي الأساس للحب الحقيقي الشرعي، فإن الأرواح جنودٌ مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، وربما تنقلب المشاعر رأساً على عقب بعد الرؤية الشرعية، ولذلك فنحن ننصحك بعدم الجري وراء السراب، ونحذرك من الاستمرار في هذا الطريق الخفي، فإن العواقب لا تؤمن، والشيطان حاضر، فاتق الله في نفسك وفي أهلك، وحافظي على ثقتهم فيك، واعلمي أن الفتاة مثل الثوب الأبيض (والبياض قليل الحمل للدنس) ومهما كان الخطأ صغيراً فإنه يظهر ويشوه صورة الفتاة.

واعلمي أن هذا الشاب سوف يزداد بك تعلقاً إذا راعيت آداب الشريعة، وسوف يعلم أن لك دينا وأصلا وأهلا، وسوف يزيد إكرامه لك واحترامه.

ونسأل الله أن يحفظك، ونشكرك على مشاعرك الطيبة ورغبتك في الخير ومساعدة الناس، ولا تبالي بما يفعله الناس، وكوني مؤمنة صادقة، فإن المؤمن كالنخلة يرميها الناس بالحجارة فتعطيهم أطيب الثمار.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً