الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أستمر مع زوج كذاب ماضيه فاحش؟

السؤال

السلام عليكم.

بعد زواجي اكتشفت أن زوجي متزوج بأخرى قبلي، وهي سيئة السمعة، وكنت قد أنجبت قبل أن أعلم بالأمر وتقبلته، لأنه أخبرني أنه مجرد عقد قران، وبعد فترة اكتشفت أنه دخل بها، وأحدهم أخبرني أنه زنا معها قبل زواجه بها، وأنه كان يشرب الخمر ويتعاطى المخدرات، وترك كل ذلك منذ ارتباطه بي، فهل أكمل معه حياتي؟ كيف أتقبل ماضيه السيئ؟ علما أنه يكذب كثيرا ويحلف كذبا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

قد يكون للشخص ماض سيئ ثم يتوب ويستقيم حاله، ولذلك فإن الماضي لا يجوز ذكره بحال ولا تذكير الشخص به، بل يجب أن يشجع على الاستقامة والثبات على الدين، ولم يكن من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يذكر الناس بماضيهم السيئ، فبعض الصحابة كان يزني ويشرب الخمر ويعبد الصنم ويأكل الحرام بأنواعه، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- هو قدوتنا.

نوصيك أن ترفقي بزوجك وأن تحيطيه بحبك وعنايتك، وأن تعملي كل عمل يأسر قلبه ويجعله يتقبل منك كل توجيه، فأحسني من استقباله وتوديعه، وتفنني في طهي طعامه، واعتني بنظافة البيت بحيث يحب البقاء فيه، وكوني دوما بأحسن حلة، واجعلي منطقك يسعده، واجعلي وجهك ضحوكا مبتسما، وابتدئيه بالكلمات العاطفية، وأشبعي رغبته الجنسية؛ فذلك سيأسر قلبه -بإذن الله تعالى-.

أعينيه على الاستقامة والطاعة وأرشديه لمصاحبة الصالحين من الرجال، وأبعديه عن رفقاء السوء، وتناسي ماضيه تماما ولا تذكري له ذلك ولا تناقشيه أبدا، واحذري أن تحشريه في زاوية ضيقة؛ فإن ذلك قد يجعل ضعيف الإيمان يلجأ للحلف الكاذبة وتصبح اليمين عنده سهلة.

اجتهدا في تقوية إيمانكما من خلال كثرة العمل الصالح؛ فذلك سيقوي الإيمان في القلوب ويولد خشية الله ويمنع من الوقوع في الذنوب والمعاصي ويجلب لكما الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وتحيني أوقات الإجابة وسلي ربك أن يرزقه الاستقامة، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

ليس هنالك مبرر للطلاق، وعليك أن تجتهدي في إصلاحه، ولعل الله تعالى يقر عينيك بصلاحه، فمهما كرهت من سلوكياته السابقة فرب مكروه للشخص يكون له فيها خير كثير، وعسى أن يحب شيئا وفيه شر له، تعالى يقول تعالى: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسعادة آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات