الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أنا مصابة بمرض نفسي أم عقلي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سأبدأ في الموضوع مباشرة، أنا فتاة عمري 17 سنة، أعاني من أحلام اليقظة منذ الطفولة -تقريبا منذ أن كان عمري 5 سنوات- فقد كنت أمضي اليوم كله في أحلام اليقظة؛ لأنني كنت انعزالية وليس لدي إخوة في مثل عمري كي ألهو معهم، كنت مدمنة رسوم متحركة، وعندما أغوص في أحلام اليقظة أتخيل نفسي أنني أعيش معهم، وللأسف لازمتني المشكلة حتى عمري هذا.

بدأت أشعر بخطورتها عندما لم أعد قادرة على التوقف في التفكير، فمنذ أن أستيقظ وعقلي يبدأ في التفكير، أصبحت أحس أنه متعب، وأصبحت كثيرة النسيان وشاردة الذهن طوال الوقت، فقد فقدت السيطرة على التركيز، لم أعد أستطيع التركيز كثيرا، خصوصا عندما يتحدث إلي شخص بجدية، أركز قليلا ثم يبدأ عقلي بالتفكير في أمور أخرى، وأصبحت أجد صعوبة في فهم دروسي واستيعاب ما أقرأه حتى وإن كان سهلا، أحس أن عقلي لم يعد يستجيب لي، أو أنه لا يستطيع التفكير في ما هو جدي، حتى صلاتي عندما أصلي أحلم بتلك الأحلام فلا أخشع، وعند قراءتي القرآن نفس الشيء لساني فقط من يتحدث وعقلي غائب.

أنا مصابة ببعض الوساوس سألخصها بالوسواس القهري، وعندي رهاب الأشباح لا أستطيع الجلوس بمفردي في البيت أو النوم في الليل وحدي، أنا -الحمد لله- ملتزمة بصلاتي، وبقراءة القرآن، والأذكار من صغري، وأصلي الصلوات في وقتها، لكن أحيانا في صلاة الفجر عندما أستيقظ ولا أجد أحدا قد استيقظ في المنزل لا أستطيع النهوض للصلاة من الخوف، ولا أصلي الصلاة حتى الصباح، لدي رهاب اجتماعي، أنا مضطربة ولست طبيعية نهائيا.

أرجوكم انصحوني، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.

أحلام اليقظة حين تستمر وتكون مكثفة دليل على وجود قلق نفسي، والقلق ليس كله مرضيًا، القلق طاقة مهمة جدًّا للإنسان حتى ينجح، وحتى يكون لديه دافعية من أجل التنفيذ والإجادة لمتطلبات الحياة.

الحمد لله تعالى أنت الآن في سنة أولى جامعة، وهذا يعني أنك مواكبة تمامًا لمراحلك التعليمية من ناحية العمر، أسأل الله تعالى أن يوفقك وأن يُسدد خطاك.

إذًا لديك شيء من القلق النفسي، وهذا جعل أحلام اليقظة تتكاثف وتستمر، والوساوس كثيرًا ما تكون مرتبطة بالقلق، وكذلك المخاوف، لكن في حالتك هذه كلها أشياء بسيطة جدًّا، الوساوس بسيطة والمخاوف بسيطة، الأساس هو القلق، وهذا إن شاء الله تعالى من خلال الإرشادات التي سوف نوجهها إليك سوف تتحسّن أمورك تمامًا.

أولاً: يجب أن ندرك تمامًا أن أفكار الإنسان تكون في طبقات، هنالك طبقات عليا، وهنالك طبقات دنيا، حسب الأهمية، الذين لديهم أحلام يقظة كثيفة نجدهم دائمًا لا يُحددون أسبقياتهم الفكرية، بمعنى أن موضوع قد لا يكون ذا أهمية كبيرة قد يأخذ الحيز الأعلى في طبقات التفكير. هذا يتم التخلص منه من خلال حسن إدارة الوقت.

إذًا أوَّل مطلب علاجي نلفت انتباهك له هو أن تُحسني إدارة وقتك، لا بد أن تكون لك برامج يومية، تحددي فيها النشاطات والأمور التي يجب أن تقومي بها، حسب الأسبقية وحسب الأهمية.

من المهم جدًّا أن تحرصي أن تنامي ليلاً مبكِّرًا، ثم تستيقظي لصلاة الفجر، وقطعًا سوف تحسين بطاقات عظيمة جدًّا، والبكور وقت مهم يجب أن تستفيدي منه، بعد الصلاة والاستعداد يمكنك أن تدرسي لمدة ساعة مثلاً قبل الذهاب إلى الجامعة، هذا الوقت فيه خير كثير، فيه بركة كثيرة، وفيه تركيز واستيعاب كبير جدًّا. وحين يكون هذا الإنجاز صباحًا سوف تجدين أن بقية اليوم قد تيسّر لك كثيرًا، لأن المردود الإيجابي الداخلي أصبح لديك من خلال الإنجاز الصباحي، وبعد ذلك ترجعين مثلاً من الجامعة، ترتاحين قليلاً، تتناولين طعام الغداء، تبدئين مثلاً المذاكرة مرة أخرى، تمارسين تمارين استرخائية، تمارين رياضية، تتواصلين اجتماعيًّا، ترفهين عن نفسك بشيء طيب وجميل، الجلوس مع الأسرة، صلواتك في وقتها، الأذكار، وردك القرآني.

إذًا اجعلي طبقات فكرك تكون حسب أهمية الأشياء، هذا يصرف انتباهك عن أحلام اليقظة، كما أن تمارين الاسترخاء وكذلك التمارين الرياضية تمتصُّ كثيرًا القلق والتوتر وأحلام اليقظة التي لا داعي لها.

التدريب على تمارين الاسترخاء سيكون مهمًّا جدًّا، إسلام ويب لديها استشارة رقمها (2136015) يمكن أن ترجعي إليها، وتتحصلي على الإرشادات المهمة لتطبيق التمارين الاسترخائية، كما أنه توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب، أرجو أن تستفيدي منها.

الأمر الآخر وهو مهمٌّ جدًّا: أن تصرفي انتباهك عن الفكر الوسواسي من خلال تحقيره وعدم الالتفات إليه.

أنت تحتاجين لدواء، لكن لا بد أن تخبري أسرتك حول موضوع الدواء، أو تذهبي إلى طبيب حتى يصرفه لك بموافقة الأهل، الدواء سليم، غير إدماني، وفاعل جدًّا، وممتاز، اسم الدواء (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري هو (زولفت) أو (لوسترال)، أنت محتاجة له بجرعة بسيطة جدًّا، خمسة وعشرين مليجرامًا – أي نصف حبة – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم حبة واحدة (خمسين مليجرامًا) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام، ثم يتم التوقف من الدواء، الدواء سليم جدًّا، وغير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً