الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عند ممارستي لمجهود بدني ما أصاب باختناق

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب أعاني من القولون العصبي، ونوبات الهلع، والوسواس القهري، وكل أعضائي سليمة حسب الطبيب، وقررت الدخول إلى صالة الرياضة للتحسين من حالتي النفسية المحطمة.

بعد الانتهاء من ممارسة مجهود بدني ما وعند الرغبة في استرجاع الأنفاس ألاحظ ضيقاً في القفص الصدري والاختناق، حتى يكاد يغمى علي، وأبدأ بالتجشؤ كثيراً، وأخاف من السكتة القلبية في ذلك الحين، وقررت عدم العودة لممارسة الرياضة خوفاً من هذا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

إن شاء الله حالتك بسيطة جدًّا، أنت لديك أعراض جسدية ولا يوجد لها سبب عضوي، وهي قطعًا مرتبطة بنوبات الهلع والوسواس القهري؛ لأن الهلع والوسواس القهري تعتمد على مستوى القلق، إذا كان مستوى القلق مرتفعًا فتظهر هذه النوبات.

إذًا أنت لديك في الأصل قلق نفسي، والقلق يمكن أن يكون طاقة إيجابية جدًّا، لأن الإنسان الذي لا يقلق لا ينجح، لا يؤدِّي ما عليه، فالقلق طاقة ممتازة مفيدة، لكن حين يحتقن أو يتراكم أو يزداد عمَّا هو مطلوب يؤدِّي إلى نوباتٍ مثل الهلع والوسواس والتوترات الأخرى، وهذه التوترات النفسية تتحوّل إلى توترات عضلية، وأكثر عضلات الجسد التي تتأثّر هي عضلات القولون –والذي يُسمِّيه الناس بالقولون العصبي، والتسمية الصحيحة هي: القولون العُصابي، أي الناتج من زيادة في القلق– وبعض الناس يأتيهم ضيق في النفس، وبعضهم يأتيهم شعورًا بالكتمة في الصدر كما حصل لشخصك الكريم، والسبب في ذلك أن عضلات القفص الصدري أيضًا تتأثّر بالتوتر النفسي، يحدث لهذه العضلات توتُّرًا ممَّا يجعلك تحسّ بالضيق والاختناق.

وصفك وصف جميل وطيب جدًّا، وأنا أؤكد لك أنه ليس لديك أي مرض عضوي، ليس لديك الحمد لله مشكلة في الصدر أو الرئتين أو القلب، هذا كله بعيد تمامًا. وحتى من ناحية الحالة النفسية ليست خطيرة -إن شاء الله تعالى-، وحالتك هذه نسمِّيها بحالة (نفسوجسدية).

أعجبني تمامًا أنك اتخذت الرياضة كأحد الوسائل العلاجية المهمّة، لكن يظهر أنك لم تأخذ الموضوع بطريقة متدرِّجة، فالرياضة تتطلب أن تكونَ متدرِّجةً جدًّا، تبدأ بتمارين الإحماء، ثم تدخل مثلاً في بعض التمارين التي تعتمد على المشي فقط، وهكذا، تبني المعدّل الرياضي بالتدريج، إلى أن تصل إلى الدرجة الأعلى المنشودة.

لا تترك الرياضة أبدًا، لكن أريدك أن تُبطئ قليلاً في ممارسة الرياضة، يعني لا تبذل جُهدًا كبيرًا، ابدأ بالتدريج، وفي خلال أسبوعين إلى ثلاثة يمكن أن تصل إلى قمة الأداء، وسوف تستشعر الفائدة العظيمة التي سوف تجنيها من الرياضة.

أريدك أيضًا أن تمارس تمارين الاسترخاء، هذه تمارين ممتازة جدًّا، يتأمَّل فيها الإنسان فيما هو إيجابي، ويدخل فيما يُسمَّى بالاستغراق الذهني –أي: التأمُّل الجميل السلس،- ويكون هذا في حالة من الهدوء، وأفضل التمارين هي تمارين شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها، وكذلك تمارين الشهيق والزفير –أو ما يُعرف بتمارين التنفُّس التدرُّجي-. توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، كما أن إسلام ويب لديها استشارة رقمها (2136015)، أرجو أن تطِّلع على هذه الاستشارة وتُطبِّق ما بها، وسوف تستفيد منها كثيرًا.

أريدك أيضًا في النواحي العامَّة في الحياة: أن تنظِّم وقتك، أن تجتهد في دراستك، أن تنام ليلاً نومًا مبكِّرًا، وتستيقظ مبكِّرًا، وتؤدي صلاة الفجر في وقتها ومع الجماعة، ثم تنطلق في الحياة، تُجهّز نفسك، تشرب الشاي، تذاكر قليلاً، تقرأ وردك القرآني، ثم تذهب إلى مدرستك أو جامعتك، وسوف تجد أنك قد استقبلت اليوم بصورة ممتازة جدًّا.

لا بد أيضًا أن تتواصل اجتماعيًّا، أن ترفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأن تكون بارًّا بوالديك.

هذه هي الحلول النفسية والسيكولوجية، وأنت أيضًا تحتاج لدواء بسيط جدًّا يُسمَّى (سبرالكس) واسمه العلمي (استالوبرام)، تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام– تتناولها لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة (عشرة مليجرام) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً