الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلق وضيق نفس واختناق عند الأكل.

السؤال

السلام عليكم

مشكلتي عمرها سبع سنوات، وتتلخص مشكلتي بأني لا أستطيع أن آخذ نفساً عميقاً تلقائياً إلا بعد محاولات، فالتنفس أصبح عملية غير تلقائية، وأشعر بأن النفس قصير وسريع، وعندما آخذ النفس العميق أرتاح، وأحياناً آخذه بسرعة، وأحياناً أتعب حتى أستطيع أن أتنفس بعمق.

قمت بإحراء كافة الفحوصات والتحاليل وتبين أن لدي غازات بالبطن، ولكن المشكلة أني أحياناً أحس بضيق تنفس لا يصاحبه شعور بألم البطن، لأني أصبحت أميز جيداً بين ضيق التنفس من الغازات أو من أي شيء آخر، قال لي الأطباء: إن مشكلتي نفسية، وصرفوا لي (ايلاترولت) ولم آخذه لأني أقلق من الأدوية النفسية.

أنا أشعر بتعب ووهن كبير، وأنا الآن بعمر 34 سنة، ووزني 40، فأنا لا آكل؛ لأني أشعر إذا أكلت سأختنق أكثر، ولا أعرف آكل، وأنا لا أتنفس بشكل طبيعي، وهذه المشكلة متزامنة معي طول اليوم، ولكن لا أستيقظ في الليل منها.

أرجوكم الرد علي سريعاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

لديك استشارات سابقة – أختي الكريمة – وكان هناك حديث عن التهابات القولون العصبي، والاكتئاب النفسي، وها أنت الآن تتحدثين عن الصعوبة في التنفس، وهذه الظاهرة معروفة جدًّا، وأنا سأشرحُ لك ببساطة شديدة ما تعانين منه:

الإنسان القلق يكون لديه توترات داخلية في بعض الأحيان، بمعنى أن القلق ليس من الضروري أن يظهر في شكل أعراض نفسية، وقد يظهر في شكل أعراض جسدية، ويتحول هذا القلق والتوتر النفسي إلى توتر عضلي، وأكثر العضلات التي تتأثّر هي عضلات القولون وعضلات القفص الصدري، لذا تحسّين بهذه الكتمة بالثُّقل في الصدر والصعوبة في التنفس، وعدم تلقائية التنفس. حقيقة وصفك دقيق وقد أعجبني كثيرًا.

إذًا الحالة القلقية النفسية التوترية البسيطة أدَّت إلى هذه الحالة التي نحب أن نسمِّيها (حالة نفسوجسدية)، أرجو أن يكون هذا الأمر واضحًا، وهذا الشرح المبسّط مفيدًا لك.

العلاج: أولًا يجب أن تطمئني أن هذه الحالة ليست خطيرة، ويجب أن تصرفي انتباهك عنها، ولا تُركّزي عليها، أنت الحمد لله عليك مسؤوليات منزلية، عليك مسؤوليات اجتماعية، فحاولي أن تستمتعي بحياتك، وأن تكوني شخصًا فعّالاً، أن تلتزمي بواجباتك الدينية، أن تكوني دائمًا متفائلة، وعليك بالتواصل الاجتماعي، عليك بممارسة رياضة المشي، فهي مفيدة جدًّا.

أنت أيضًا محتاجة للتدرُّب على تمارين الاسترخاء بصورة معمَّقة، خاصة ما يُعرف بالتمارين التنفس التدرُّجي، الشهيق والزفير، بقوة وبُطئ وتدرُّج وعُمق، مع التأمُّل الإيجابي، هذه تمارين رائعة وتناسب حالتك تمامًا. فإمَّا أن تذهبي إلى أخصائي نفسي محترف ليُدرِّبك عليها، أو يمكنك الاستعانة ببعض البرامج الموجود على اليوتيوب والتي توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء بصورة صحيحة. كما أن إسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) أرجو أن تطلعي عليها وتطبقي ما ورد فيها من إرشاد، فهي بالفعل مفيدة.

أمَّا بالنسبة للعلاج الدوائي: فأنت محتاجة له، ويجب ألَّا تتخذي موقفًا سلبيًّا من الأدوية، إذا كان الدواء سليمًا وصحيحًا وفعَّالاً ووصف من خلال طبيب مقتدر، وهو لا يُسبب الإدمان، ولا يُؤدّي إلى ضررٍ على الهرمونات النسائية؛ فيجب ألَّا يرفض، لأن الإرشادات السلوكية التي أرشدتُّك إليها سوف تفيدك بنسبة ستين بالمائة (60%)، أمَّا الأربعين بالمائة (40%) الأخرى فهي الفائدة التي سوف تجنيها من استعمال الدواء، ونحن نريد لك إن شاء الله تعالى الارتقاء الكامل بصحتك النفسية، نريد مائة بالمائة (100%).

أنا سأصف لك دواء واحد، دواء بسيط جدًّا، اسمه (سيرترالين)، وهذا الدواء له عدة أسماء تجارية، منها (زولفت) و(لوسترال)، فأرجو – أيتها الفاضلة الكريمة – أن تتناوليه.

الدواء الذي وصفه لك الطبيب جيد، لكن السيرترالين أفضل وأسلم وأفعل، تبدئي في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا، لأن الحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا – تتناولينها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعليها حبتين يوميًا – أي مائة مليجرام – لمدة شهرين، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء. هو دواء سليم ومفيد، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، وأسأل الله العلي القدير أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً