الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس دينية غريبة، فكيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كانت لي استشارة قبل هذه، وكانت إجابتكم كافية جدا، وعملت بالنصائح ما عدا استعمال الدواء، والحمد لله تحسنت حالتي، ولكن أصابتني حالة أخرى غريبة، وأعتقد أنها وساوس دينية ذات طابع غريب.

قبل فترة كنت شخصاً تاركاً للصلاة، وأحياناً أصليها، وأحياناً أصلي فرضاً وأترك فرضاً، ولكن قبل 5 شهور تبت إلى الله، وعزمت على نفسي أنني لن أترك أي فرض مهما حصل، وفعلاً استمررت على الصلاة وقراءة القرآن بين الحين والآخر.

الغريب أنه في اليوم العاشر من رمضان طرأت لي فكرة أنني منافق، وبعدها شعرت بأن عملي رياء، وهذه كلها كانت في يوم واحد، ولكم أن تتخيلوا كمية المعاناة التي عانيتها، ولكني صبرت، ورغم تسلط الوساوس إلا أنني تجاهلتها.

بعدها بأيام بسيطة أتاني وسواس، والله إني أتمنى أن أموت على أن أبوح به، وهو وسواس الشك في وجود الله، والشك في الدين، والشك في الصحابة والرسول، أشعر انهم لم يكونوا موجودين أصلا، لا أعلم هل هذا شك أم شبهة؟ وأنا أحاول جاهدا دحر هذه الفكرة، إلا أنها مسيطرة علي لدرجة أنني لم أعد أعرف هل هذا اعتقاد أم مجرد وسوسة إلى يومنا هذا؟

الحمد لله لم أترك صلاتي أبداً، وأنا محافظ على صلاة الفجر في جماعة، ومحافظ على السنن الرواتب؛ لأني أعتقد أنها الحائل الوحيد بيني وبين الكفر، لكن في نفس الوقت أشعر أنها لن تفيدني، وأشعر أني أعوذ بالله كفرت!

عند سماعي للقرآن والآيات التي تتحدث عن أمور أراها اليوم تحصل يأتيني شعور غريب لا أعلم كيف أصفه، أشعر بضيق تنفس وأشعر أنني سـأهلك، أرجوكم مدوا يد العون لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي: كلّ ما عبّرت عنه من أفكارٍ مزعجة بالنسبة لك هي وساوس قهرية، ولا شك في هذا الأمر أبدًا. يجب ألَّا تحمِّلْها أي تأويلات أخرى، ونصيحتي لك وبصورة قاطعة جدًّا هي أن تأخذ العلاج الدوائي، مجاهداتك للتخلص من الوسواس على أسس سلوكية مقدّرة جدًّا، بل هي ممتازة جدًّا، لكن نعرف تمامًا أن بعض الأفكار الوسواسية لا يقضي عليها إلَّا الدواء مع الجُهد السلوكي، فأرجو أن تتناول العلاج الدوائي؛ لأن المكوّن البيولوجي فيما يتعلق بالسببية بالنسبة للوساوس أمرٌ مثبت، يحدث الكثير من التغيُّر في كيمياء الدماغ – خاصة على مستوى الموصِّلات العصبية – والتي يأتي على رأسها مادة الـ (سيروتونين).

أخي الكريم: الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، (وما جعل الله من داءٍ إلَّا جعل له دواء، فتداووا عباد الله، علمه من علمه وجهله من جهله)، وما دمت – يا أخي – تثق فينا، وهذا أمرٌ حقيقة نقدّره تمامًا؛ هذا يجب أن يُشجّعك حقيقة لأن تتبع الإرشاد كاملاً، ويأتي على رأس هذا الأمر تناول العلاج الدوائي، وإن أردتَّ أن تقابل طبيبًا نفسيًّا فهذا أيضًا أمرًا جيدًا.

لكن الصورة واضحة جدًّا، الحالة واضحة جدًّا، أنت تقدّمت وتحسّنت بصورة جيدة ومضطردة، لكن هنالك عقبات، هنالك وقفات وسواسية، هنالك تحليلات وسواسية، وهي مؤلمة جدًّا للنفس، والدراسات كلها تُشير أن الأفكار الوسواسية تستجيب للعلاج الدوائي بصورة رائعة أكثر من الاستجابة للأفعال الوسواسية أو الطقوس الوسواسية، هذه تكون استجابتها أفضل للعلاجات السلوكية التطبيقية، أمَّا الدواء فقد يُساعد في علاج هذا النوع من الوساوس، لكن قد لا يقضي عليها، أمَّا الأفكار فهو يقضي عليها تمامًا، والحمد لله تعالى الدواء الذي وُصف لك هو دواء سليم وفاعل وغير إدماني، أسأل الله تعالى أن ينفعك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً