الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخوف من الأمراض وخاصة أمراض الأعصاب.

السؤال

السلام عليكم.

تعرضت لمرض ضغط الدماغ قبل عشر سنوات، وعالجته وذكر لي الطبيب أنني شفيت، ومارست حياتي الطبيعية، ولكن قبل سنتين تعرضت لصداع متكرر، إلا أنه أخف كثيرا من قبل، ومع الوقت أصابتني دوخة وتعب وقلة نوم، راجعت المستشفيات، وأجريت أشعة رنين وتصوير للعصب البصري، وذكر لي الطبيب أنني لا أعاني من شيء، ثم تعرضت صديقتي للتصلب المتعدد، ومنذ ذلك اليوم عشت في دوامة من الخوف وشعرت بكل الأعراض، وبدأت بتخيل أعضائي وهي تتوقف، أو أن أكون عاجزة، أو أتألم طيلة الوقت.

صرف لي دكتور المخ والأعصاب سبرالكس ودوجماتيل، وتحسنت حالتي كثيرا، وعشت أجمل سنتين بعد المخاوف الطويلة.

بعد سنتين أصبت بالكورونا، ومن بعدها أصبحت حالتي صعبة، فقد كنت خائفة كثيرا كأنني في كابوس حتى انتهى العزل واطمأننت على نفسي، لكن أصابتني حالة حزن وتعب وإرهاق، وتتابعت علي خلال ٥ أشهر الفائتة أمراض كثيرة، مثل: أنفلونزا حادة، طفيليات، وفطريات بالأمعاء، ثم آخرها دوخة ودوار شديد ملازم لي كلما استلقيت شعرت بالدوار.

راجعت طبيب أنف وأذن، وذكر لي أني سليمة، مما زاد مخاوفي أن يكون مرضا خطيرا لا يكتشف بسرعة مثل منيير أو تصلب.

لدي فوبيا من أي مرض لا يملك المرء التحكم فيه بنفسه أو يجعله متألما طيلة الوقت، فهل هذا يدل على عودة المرض النفسي لي؟ وهل الدوار الذي أشعر به أن المكان يدور يمكن أن ينشأ من الحالة النفسية؟ وما هي الاختبارات التي أجريها لأتأكد من سلامة أذني ودماغي؟ وهل يضرني تكرار الرنين؟ فقد قمت به مرتين خلال سنتين وأخاف من تكراره لكن أخشى أن هذا ضروريا.

ما رأيكم؟

طمئنوني فأنا في كرب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ amal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قلق المخاوف الوسواسي الذي تعانين منه يتركّز ويتمحور حول الأمراض، ويُعرف أن الخوف المرضي قد يتحوّل إلى توهم مرضي، وقد ينتهي الأمر بالإنسان إلى ما يُسمَّى بالمراء المرضي.

فالأمر واضح جدًّا في حالتك، هذه مخاوف لا أساس لها أبدًا، الأمراض موجودة، والأمراض متعددة، والأمراض كثيرة، لكن ليس هنالك أي دليل على أنك مُصابة بأيٍّ من هذه الأمراض التي تتخوفين منها، فاحمدي الله على نعمة الصحة، وعيشي الحياة بقوة، والمطلوب منك هو أن تعيشي الحياة الصحية، والحياة الصحية تتطلب:
1. ألَّا تقرئي عن الأمراض.
2. تُحسني إدارة و قتك، وأن تستفيدي من وقتك.
3. أن تكوني نافعة لنفسك ولغيرك.

4. تجنّب الفراغ الذهني والزمني يرتقي بصحة الإنسان النفسية والجسدية، ويتحول القلق والخوف من قلق وخوف سلبي إلى ما هو إيجابي، وحتى الوساوس يمكن أن تتحول إلى وساوس إيجابية، بمعنى أنها تُعلِّم الإنسان الدقة والانضباط فيما يُريد أن ينجزه.

5. أنصحك بأنك تكوني حريصة على الأذكار، الأذكار عظيمة جدًّا، أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ، هذه الأذكار من يقرأها ويتدبّرها ويتأملها ويكون مقتنعًا بها تنقله حقيقةً إلى فكرٍ إيجابي حول الأمراض وحول الصحة. فاحرصي فيها، وداومي عليها.

6. عليك أيضًا الانخراط في أي نوع من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة، فالرياضة هي باب ومفتاح من مفاتيح الصحة المتكاملة والجيدة.

7. مارسي تمارين الاسترخاء، تمارين الاسترخاء مفيدة، دائمًا نُشير إلى ذلك، ويا حبذا لو انخرطت في أحد هذه البرامج، أي برامج الاسترخاء، وحتى اليوجا إذا أسقطنا مفاهيمها الدينية فهي أيضًا جيدة ومفيدة جدًّا.

إذًا هذه هي الأشياء التي أودُّ أن أنصحك بها. والنصيحة الأخرى وهي مهمة جدًّا من وجهة نظري، وهي: أن تتجنبي تمامًا التردد على الأطباء، لكن الجئي إلى الكشف الدوري الثابت، طبيب الأسرة هو الذي يتفهم حالة المريض أكثر، أو من يتردد عليه من الأسرة، والدواء مع المتابعات الدورية - مثلاً كل ستة أشهر أو أربعة أشهر - يتم من خلالها الفحص الإكلينيكي السريري، وكذلك الفحوصات المختبرية، هذا أيضًا جيد ويُفيد في علاج التوهمات والمراء المرضي.

أيتها الفاضلة الكريمة: الرنين المغناطيسي طبعًا سليم، حتى إن قام الإنسان بعمله أكثر من مرتين في السنة لا إشكال فيه أبدًا، لا يحمل أي ثقل إشعاعي سلبي، لكن أنا لا أرى داعي له حقيقة أبدًا، كل الذي بك هو مخاوف مرضية، والخوف يجب أن يُحقّر، وتُطبّقي الآليات التي ذكرناها لك.

أنت فيما مضى استجبت على علاج (سيبرالكس) و(دوجماتيل) وكلاهما من الأدوية الجيدة حقيقة، فقط الدوجماتيل يُعاب عليه أنه ربما يُؤدي إلى ارتفاع في هرمون الحليب، أي الـ (برولاكتين).

الآن أنا أرشّح لك أن تستعمل عقار (زولفت) والذي يُعرف علميًا باسم (سيرترالين)، من الأدوية الممتازة جدًّا، وربما يكون أفضل من الـ (سيبرالكس) والـ (دوجماتيل). الجرعة في حالتك هي أن تبدئي بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم حبتين يوميًا لمدة شهرين، ثم حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً