الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل هذه غيبة أم وسواس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

كنت جالسا فرأيت أولاد جيراننا فدعوت لهم بالهدى ولي بالثبات، ثم شعرت بأنهم قد يكونون صالحين، فقلت يا رب: إن كانوا صالحين فثبتنا، وإن كانوا عكس ذلك فاهدهم وثبتني.

تأتيني وساوس بأنني قد قلت إنهم على الأغلب غير صالحين، أحاول أن أتذكر ماذا قلت بالضبط، لكني لا أصل لشيء، أحيانا أقول هذه وساوس، وأحيانا أقول هذه غيبة، ويجب علي التوبة، ولا أعرف الحقيقة.

أرجو منكم الرد في أسرع وقت، فهذا الموقف يتكرر كثيرا، أتوب منه ثم أعود إليه، فهل أنا ظالم؟ علما أني أحيانا أغتاب الآخرين فعلا، وأتوب إلى الله، فهل هذه غيبة أم وسواس؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ aead حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب. نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك أيضًا حرصك على الابتعاد عن تزكية نفسك والثناء عليها، وهذا شيء حسن، ولكن ينبغي أن تحذر من أن يجرّك الشيطان إلى الوساوس فيتسلّط عليك بها، فإنه إذا تمكّن من ذلك سيوقعك في أنواع من المضايق وأنواع من العنت والمشقة، فاحذر من الانجرار وراء الوسوسة.

وما ذكرته من دعائك لأبناء الجيران بالهداية ليس من الغيبة في قليلٍ ولا كثير، فإن طلب الهداية من أعظم المطالب، بل هو أعظم المطالب التي نطلبها من الله تعالى، وهي الدعوة الوحيدة الواجبة، يعني: لا يجب علينا أن ندعو الله تعالى إلَّا بهذه الدعوة، لأن الله فرضها علينا في سورة الفاتحة في صلاتنا، في كل ركعة نقول: {اهدنا الصراط المستقيم}، فكلُّنا محتاج للهداية، والدعاء بها مطلوب، فأكثرْ من الدعاء لنفسك ولأحبابك من الجيران وغيرهم بهذه المسألة العظيمة، وليس في دعائك بالهداية لأحد غيبة له.

وما تراه من نفسك من وقوع في المشقة والعنت بسبب كلماتك هذه هو من تأثيرات هذه الوساوس، فاصرف ذهنك عن التفكير فيها، ولا تلتفت إليها، فخير علاجٌ للوساوس هو الإعراض عنها.

وقد أحسنت – أيها الحبيب – أنك إذا وقعت في الغيبة المحققة – وهي ذِكرُك للإنسان في غيبته بما يكرهه – هذه الغيبة يجب على الإنسان أن يتوب منها، ولكن هل يلزم أن يتحلَّل من الإنسان الذي اغتابه ويطلب منه المسامحة أو لا يلزم ذلك؟ كثير من العلماء يقول بأنه إذا لم تصله هذه الغيبة فلا ينبغي لك أن تُكلّمه وتطلب منه المسامحة، لأنك إذا كلّمته بذلك تأذّى فتكون أسأت إساءة ثانية.

فإذًا إذا وقعت في الغيبة المحققة فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى بالندم على ما فعلت، والعزم على ألَّا ترجع إليه في المستقبل، وأكثر من الاستغفار لمن اغتبته، وذِكْرَه بما يُحب في المجالس التي ذكرتَه بما يكره. فإذا فعلت ذلك تكون -إن شاء الله- قد أدّيت حقه عليك.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات