الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبني شاب ولكنني اكتشفت الكثير من الفوارق بيننا، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة جامعية في علم الإحياء الجزيئية، وطالبة شرعية، والحمد لله أني من عائلة ملتزمة، تفهم دنياها كما جاء من دينها.

كانت دواعيّ للارتباط دوافع أني فعلا في زمن الفتن هذا وخاصة أني ببلد المجتمع فيه منفتح جدا، مدركة أن الارتباط بالشخص المناسب بالطريقة الصحيحة سيجعلني على الصراط المستقيم، ويلبي كل دوافعي الأخرى الجسدية والفكرية والعاطفية.

بعدما تقدم لي شاب وهو أول شاب يتقدم إلى المنزل لم أكن أنوي الارتباط فعلا بهذه السرعة، ولكن ارتحت له وسألنا عنه والإجابات جميعها كانت جيدة، وجلساتي معه في الرؤية الشرعية أيضا كشفت عني بعض الأمور، منها اختلافنا الفكري تماما، هو عقله بالتجارة تماما وأنا في الأمور الفكرية والعلمية، تمت الأمور بعجلة تقريبا وتم عقد القران.

أنا الآن اكتشفت بأن أمران يصعبان علي جدا وهما تأخير الصلاة والاستهانة بها، ونوع من الكبر أني أنا فلان الفلاني بكل موضوع يتم الحديث به، أكثر ما أفكر فيه أن المقياس الأساسي كما قال رسولي صلى الله عليه وسلم هو أن أرضى عن دينه وخلقه، وأنا أشعر أني غير راضية عنه لهذين الأمرين؛ لأن هناك صفة أيضا وهي أسلوبه الحاد جدا.

متعبة وبدأت أقصر في دراساتي، وقصرت بالقرآن، وأفكر أن أوقف دراسة الشريعة، وبنفس الوقت بدأت أتعلق به، وأنا مشاعري تجاهه جدا صافية وأن فيه من الرجولة، وأنه يريد إنسانة ملتزمة تسانده كما يقول، وخائفة أن لا يسمح لي بمساعدته أصلا وأن أتأذى أكثر فأكثر!

جربت الانفصال عنه وأخبرت الجميع بذلك، وعمل المستحيل لأجل العودة إليّ.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير، وأن يهدي هذا الشاب لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

نحن لا نُؤيّد فكرة الاستعجال في إنهاء العلاقة، خاصة بعد أن سألتم عن الشاب ووجدتم فيه خيرًا، وجلست معه فوجدتِّ منه الارتياح، ولكن لا بد من تصحيح الخلل، خاصة مسألة الصلاة والاهتمام بها. إذا كان هو راغبا في أن يعود إليك ويعمل المستحيل فاجعلي شرطك الوحيد المواظبة على الصلاة.

أمَّا ما تشعرين به من الكبر فأنتم في مرحلة الخطبة أو في المرحلة الأول للارتباط، ومن الطبيعي أن يحاول إظهار ما عنده من ميزات، وقد يُبالغ في الكلام عن نفسه وأهله، وهذا قطعًا أمرٌ غير محمود، لكن ما ينبغي أن تشغلي نفسك به طويلاً، فليس من الحكمة أيضًا أن يذكر أشياء سالبة عن نفسه أو أن يُشعرك بالضعف، بل أنت بحاجة إلى رجل معتز بنفسه واثق بنفسه بعد ثقته بالله تبارك وتعالى.

عليه: يبقى الإشكال الأساسي والوحيد، هو مسألة المحافظة على الصلاة، والارتفاع في مستوى التديُّن. أمَّا بالنسبة للاختلاف الفكري، كونه يريد التجارة، وكيف ستسير الحياة إذا لم يكن فينا مَن يرضى بالتجارة، وهي عمل الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وكبار وكِرام الصحابة، لكن ينبغي ألَّا تكون التجارة على حساب الدين، أو على حساب الأسرة. هذا الذي ينبغي أن نركّز عليه، لكن ليس من الضروري أن يُفكّر بنفس الطريقة التي أنت عليها، والرجل الأشياء المطلوبة منه مختلفة عن المرأة.

طبعًا كان وُدّنا أن يكون بينكما تقارب حتى في هذه الناحية، لكن يصعب على الفتاة أن تجد شابًّا يُطابقها مائة بالمائة، ويصعب عليه أن يجد فتاة بلا نقائص، ويصعب عليها أن تجد شابًّا بدون نقائص، فنحن بشر والنقص يُطاردنا، فأرجو أن تنظري إلى المسألة نظرة شاملة في إطار الفرص المتاحة، وفي إطار الشباب الذين يطرقوا الباب أصلاً، يعني: هذا نموذج أصبح نادرًا أن يأتي البيوت من أبوابها ويطلب الفتاة بطريقة رسمية وحريصًا على المتدينة، هذه كلها إيجابيات أرجو أن تُحشد وتُذكر، ثم ضعي ما شئت من السلبيات مقابلها، وبعد ذلك تنظري وتتأمّلي، وشاوري أهلك، خاصة الرجال اطلبي منهم أن يقتربوا منه أكثر، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير.

في النهاية نحب أن نؤكد أنك صاحبة القرار، لكننا فقط نريد أن نُعطيك الأسس الصحيحة، ونريد أن نقول: على وجه الأرض كل الرجال ليس فينا رجل كامل، فكلنا ناقص، وكذلك النساء، والمعيار النبوي للرجل: (إنْ كَرِهَ منها خُلقًا رضيَ منها آخر)، والمعيار النبوي للمرأة: (إن كَرِهَتْ منه خُلقًا رضيتْ منه آخر)، فنحن نُسدِّدُ ونقارب، ولا أرى التشديد إلَّا على مسألة الصلاة والمحافظة عليها والحرص عليها، وأرجو أن تصل له النصيحة باعتبار أنه سيكون له أبناء وأنك ترغبي في هذا، وأن رغبتك في أن يكون مُطيعًا لله حتى تُنشئوا البيت على طاعة الله.

إذا كان هو مستمرًّا ومُلحًّا فأرجو ألَّا يُغلق الباب في وجهه ويُعطى فرصة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة