الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإباحيات والعادة السرية أثرت على تركيزي وأفقدتني الثقة بنفسي!

السؤال

السلام عليكم.

كنت مدمنا سابقا للإباحية والعادة السرية، وقد توقفت عنها منذ وقت طويل، ولكن صاحبني مع تركها بعض الأعراض التي ترافقني حتى الآن، وهذه الأعراض هي: قلق وتوتر، مع نبض سريع للقلب وارتجاف قليل في اليدين والجسد كله، وقد فقدت الثقة في نفسي قليلا إلا أنني ما زلت متماسكا، وأيضا تشتت العقل كثيرا وعدم التركيز، والنوم الكثير بحيث لا أستطيع التحكم فيه، وثقل في اللسان قليلا حتى أصبحت أتأتئ في الكلام، وضعف الذاكرة، وضعف عام في الجسد كله، والتهاب القولون في بعض الأحيان.

مع العلم أن هذا لم يحدث بسبب الإباحية نفسها، ولكن بسبب ما مررت به من أيام صعاب أحارب فيها هذه الخبائث، وكانت كلما تغلبت علي صعقت أنا من الداخل حتى دمرتني كليا، ولكن الحمد لله استطعت التغلب عليها بفضل الله، وأرجو منكم علاجا نفسيا يساعد على الراحة النفسية، وعلى اختفاء هذه الأعراض في أقرب وقت.

وجزاكم الله خيرا على مجهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mostafa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا، ونرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

نحن سعداء جدًّا بالبشريات الجميلة التي نقلتها لنا، وهو أنك توقفت تمامًا عن مشاهدة المواد الخلاعية وتوقفت عن العادة السرية، نسأل الله تعالى أن يتقبّل توبتك، وأن يكتب أجرك على هذه الخطوة الجميلة والطيبة في حياتك.

أيها الفاضل الكريم: هذا إنجاز يجب ألَّا تُقلِّل من شأنه أبدًا، يجب أن تحس بالرضا التام على أنك هزمت الشيطان وهزمت شهوات النفس، وارتقيت بنفسك إلى درجاتٍ أعلى، وهذا حقيقة تصرُّف جميل وعمل رفيع، الحمد لله تعالى على ذلك. هذه نقطة وددت أن أبدأ بها.

والأمر الثاني: أنا أرى أن الأعراض التي تحدثت عنها -إن شاء الله تعالى- هي أعراض بسيطة، هو نوع من القلق التوتري، وربما يكون لديك شيء من عُسر المزاج البسيط.

أنا أعتقد بشيء من الترتيب لنمط حياتك سوف تستطيع أن تتخلص من كل هذه الأعراض، فمن المهم جدًّا أن تُحدد أهدافك في الحياة، ما الذي تريد أن تقوم به؟ أهداف قصيرة المدى، أهداف متوسطة المدى، وأهداف بعيدة المدى، وتضع لكل هدف آلياته التي سوف تُوصلك إليه.

والأهداف يمكن أن تكون بسيطة جدًّا، ولكنّها تُؤدي إلى إشباع نفسي كبير جدًّا، مثلاً: على المستوى الآني – أو القصير – لو قمت بزيارة مريض، هذا هدف عظيم جدًّا، سوف تحس بعده بكثير من الراحة النفسية والرضا، فالأهداف ليس من الضروري أن تكون ضخمة، لكن يجب أن تكون مُحددة.

وتحقيق الأهداف يتطلب حُسن إدارة الوقت، فأنا أريدك أن تُحسن إدارة وقتك، أن تتجنب السهر، أن تستيقظ مبكّرًا، تصلي صلاة الفجر في وقتها، وبعد ذلك تبدأ أنشطتك اليومية، ولابد أيضًا أن تمارس رياضة، أي رياضة (رياضة المشي، رياضة الجري، كرة القدم، السباحة) هذه كلها مفيدة جدًّا.

وتجنب الفراغ، أيا كان هذا الفراغ – الفراغ النفسي، الفراغ الذهني، الفراغ الزمني – مهم جدًّا، لذا عليك أن تقوم بواجباتك الاجتماعية، وأن تتواصل اجتماعيًّا. عليك بالقراءة، الاطلاع، الصلاة في المسجد مع الجماعة، صلة الرحم، أن تكون شخصًا مُؤثّرًا وإيجابيًّا في مجتمعك وفي أسرتك، وأن تُحقّر الفكر السلبي دائمًا، أي شيء سلبي يجب أن تُحقّره.

هذه النصائح مهمّة وضرورية، لأنها هي الوسيلة التي سوف تُوظف طاقات القلق الموجودة لديك لتتحوّل من طاقاتٍ سلبية إلى طاقات إيجابية.

أريد أيضًا أن أصف لك أدوية بسيطة جدًّا وطيبة جدًّا، -إن شاء الله تعالى- تُساعدك كثيرًا. الدواء الأول يُعرف باسم (دوجماتيل) ويُسمَّى علميًا (سولبرايد) أريدك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

أمَّا الدواء الثاني فيُعرف باسم (بروزاك) وربما تجده تحت اسم (فلوزاك) واسمه العلمي (فلوكستين) دواء رائع جدًّا لعلاج القلق والاكتئاب النفسي البسيط، كما أنه يُجدد الطاقات الجسدية، خاصة أنك ذكرت أن لديك ميولا كثيرا للنوم.

جرعة الفلوكستين المطلوبة هي أن تبدأ بكبسولة واحدة - أي عشرين مليجرامًا - يوميًا لمدة شهرٍ، ثم بعد ذلك تجعلها كبسولتين يوميًا - أي أربعين مليجرامًا - وهذه سوف تكون جرعة علاجية ممتازة جدًّا، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء. الفلوكستين دواء ممتاز جدًّا - كما ذكرتُ لك - وهو سليم ولا يُؤدي إلى التعود أو الإدمان، وإن شاء الله تعالى تجد منه خيرًا كثيرًا، خاصة إذا تناولت الدواء بانتظام -الفلوكستين بجانب الدوجماتيل- وطبقت ما ذكرناه لك من إرشاد نفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك كثيرًا على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً