الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منذ الصغر وأنا أعاني من الخوف والنظرة المظلمة؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 40 عاما، منذ الصغر وأنا أعاني من الخوف ليس من الموت، ولكن إذا سمعت أن شخصا مات أشعر بحالة خوف شديدة وتوتر وتخيلات تمنعني من النوم، أما في الأيام الأخرى فأعاني من توتر شديد، ونظرة مظلمة للمستقبل، وتردد دائم من الدخول في مناقشات مع الناس، وعزلة، وعصبية من أقل شيء.

بصراحة لم أذهب إلى طبيب نفسي، ولكن سألت صيدليا؛ فوصف لي مودابكس تحسنت قليلا، ولكن لم يزل الخوف من سماع خبر وفاة أحد، وبعد فترة اختفى تأثير مودابكس، فنصحني بتناول سيسيرين منذ يومين، وأتمنى منك يا دكتور مساعدتي إذا كان يوجد دواء أفضل من ذلك.

مع العلم أني الحمد لله أصلي، ولكن متعب نفسيا، أتمنى أن تشخص حالتي.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي الكريم: هذا نوع من قلق المخاوف ذي الطابع الوسواسي، والمخاوف حول الموت كثيرة جدًّا، الإنسان قد يخاف من موته، أو قد يتأثر بموت الآخرين، وتُهيمن عليه بعض المخاوف.

طبعًا هذه أفكار قلقية توتريّة تحمل الطابع الوسواسي، يُعامل مع مثل هذا النوع من الخوف بالتحقير التامّ، واستبداله بفكرٍ أفضل، استبدله بفكرٍ يُذكّر بالموت، بأن الموت حق، وأن أجل الله إذا جاء لا يُؤخّر، وأن كل نفسٍ ذائقة الموت، وفي نفس الوقت تسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لمن توفّاهم الله، وتسأل الله كذلك بأن يجعل حياتك زيادة في كل خير، وأن يجعل الموت راحة من كل شر، وأن يحسن الخاتمة..هذا هو المطلوب.

يجب أن تكون لديك قناعة تامّة أن هذا وسواس، أن هذا قلق توتري، وأنه مضيعة للوقت، ويجب ألَّا يشغلك، وفي ذات الوقت تبدأ تفكّر في أشياء أكثر فائدة، يجب أن تجعل الطبقات الأولى من فكرك ذات أهمية، تتعلَّق بعملك، بشؤونك الأسرية، بالعبادة، تتعلَّق بالتخطيط للمستقبل، لا للأشياء التي لا قيمة لها، استبدال الفكر بفكرٍ أكثر منفعة وجدّيَّةً هو أحد وسائل العلاج المطلوبة في مثل هذه الحالات.

كما أريدك أيضًا أن تُعبّر عن نفسك، ألَّا تميل إلى الكتمان، الميل للكتمان يُؤدّي إلى التردد، يُؤدّي إلى الانفعالات السلبية، ويُؤدي إلى العزلة، ويُؤدي إلى العصبية، كل الذي ذكرته ناتج حقيقة من عدم التفاعل الذاتي الإيجابي، وعدم الميل لما نسميه بالتفريغ النفسي، فأرجو أن تُعبّر عن نفسك يا أخي.

وهنالك نصيحة مهمَّة جدًّا، وهي: أن تحرص على الواجبات الاجتماعية، لا تتخلَّف عن أي واجب اجتماعي، تُشارك الناس في أفراحهم، تُلبي الدعوات، تحرص تمامًا على أن تُقدّم واجبات العزاء، تزور المرضى ... هذه كلها مهمَّة جدًّا، وتُروّض النفس، وتُساعد على ارتقائها، وتُصحح من صحتك النفسية، اجتهد في عملك؛ فهذا أيضًا أحد الأسس الضرورية لتطوير الذات والسعي لإنمائها.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الـ (سيسرين Seserine) هو نفسه الـ (مودابكس Moodapex) والاسم العلمي هو (سيرترالين Sertraline)، وهذا دواء جيد، لكن يحتاج لبناء الجرعة بالتدرُّج، تحتاج لحبتين كجرعة علاجية - أي: مائة مليجرام - وهذه جرعة ممتازة جدًّا، تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضها إلى حبة واحدة - أي خمسين مليجرامًا - يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول السيرترالين.

وهذا الدواء يمكن أن تُدعمه بعقار آخر، عقار مضاد للقلق، سوف يُساعدك كثيرًا، وهو دواء بسيط جدًّا، متوفر، يُسمَّى (موتيفال Motival) تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً