الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الاكتئاب وصعوبة في التركيز.. فما السبب والحل؟

السؤال

السلام عليكم..

عمري 29 سنة، أعاني منذ أكثر من 10 سنوات من أعراض لا أفهمها، وهي كالتالي:
صعوبة في التركيز، وضعف في التذكر، وسرحان، مما سبب لي إحراجا في التعامل مع الناس في عملي، وهذا أدى مع الوقت لحالات قلق شديدة وخوف اجتماعي، ومؤخرا أصبت بالاكتئاب، وقد أجريت جميع الفحوصات الطبية، وكلها سليمة.

ثم ذهبت إلى طبيب نفسي مؤخرا، ووصف حالتي بأنها قلق عصبي حاد مصحوب بتوتر، وأعطاني سيبرالكس 10 مللي، واستمريت عليه لمدة شهرين ونصف، ولكن لا نتيجة ملحوظة.

ثم ذهبت مرة أخرى، فقال لي مستحيل، وأنني غير ملتزم بالعلاج، وهذا غير صحيح تماما، وقلت له ذلك، فوصف لي استيكان 20 ، وأنا الآن مستمر عليه منذ أسبوع ولا نتيجة أيضا، سوى أعراض جانبية تؤلمني كثيرا، تململ، وعصبية، والشعور صباحا بتهيج شديد؛ وكأن الدم يغلي في عروقي، وأنكمش في نفسي وأفضل الانعزال في غرفتي.


ما أشعر به الآن أن التشخيص خاطئ، وأنني أعاني من ضعف الانتباه، وفرط الحركة، حيث أنني دائما بطيء التعامل مع الأشياء البسيطة اليومية، وأنسى كثيرا، وهذا ما أدى إلى قلقي وخوفي، وليس العكس.

والسبب الذي يجعلني أميل لذلك أن ابن اختي مصاب بهذا المرض، فمن الممكن أن يكون هذا تاريخ عائلي.

أرجو من شخصكم الكريم أن ترشدني ماذا أفعل؟ حيث أنني مقبل على الزواج، وهذا يؤثر على علاقتي جدا وأيضا في عملي.

والغريب أنه أحيانا تختفي هذه الأعراض فجأة دون سبب، وأصبح اجتماعيا، وتركيزي عال جدا، وأشعر بالسعادة، ولكن لا يستمر هذا أكثر من يوم ويعود المرض لأيام وأسابيع.

أريد أن آخذ دواء ريتالين عند اللزوم قبل اللقاءات والمناسبات، فما رأيكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك الشفاء والتوفيق والسدد.

أخي: القلق طاقة نفسية إنسانية إيجابية، تؤدي حقيقة إلى حُسن الأداء والنجاح، لكن إذا زادت عن المعدّل بالفعل يؤدي إلى اضطرابات كثيرة، منها ضعف التركيز، والشعور بالتوتر الداخلي، وهذا هو الذي حدث لك.

علاجك في المقام الأول ليس دوائيًا، الدواء يفيد بنسبة خمسة وعشرين إلى ثلاثين بالمائة (20 : 30%)، والطبيب قد اختار لك أدوية ممتازة جدًّا، اصبر على الدواء الذي وصفه لك الآن حتى يتم البناء الكيميائي، وفي ذات الوقت يجب أن تقوم بتمارين رياضية مكثفة، الرياضة تحرق الطاقات القلقية السلبية.

يجب أن تُطبق تمارين الاسترخاء، دع الطبيب النفسي يحولك إلى الأخصائي النفسي الذي يعمل معه ليُدرّبك على تمارين الاسترخاء، تمارين رائعة، تمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها، تمارين التنفُّس المتدرج (الشهيق الزفير) مع حبس الهواء في الصدر، تمارين التأمُّل، تمارين الاستغراق الذهني، هذه تمارين رائعة جدًّا، وأيضًا هي موجودة على اليوتيوب، ويمكنك أن تستفيد من ذلك.

الأمر الآخر يا أخي هو: أن تتجنب السهر، هذا مهمٌّ جدًّا، وتتجنب أن تتناول المثيرات - محتويات الكافيين: كالقهوة، والشاي - خاصة في فترة المساء؛ إذ أن النوم المبكر يُؤدي إلى تحسين التركيز؛ لأنه يؤدي إلى ترميم كامل في الخلايا الدماغية والخلايا الجسدية، والإنسان حين ينام مبكّرًا يستيقظ مبكّرًا وهو نشط، يُؤدي صلاة الفجر، ويبدأ يومه طيب النفس غير كسلان، ويبدأ يومه بكل أريحية.

الأمر الآخر يا أخي هو: أن تضع أهدافك في الحياة، ما شاء الله أنت معلِّم، وهذه مهنة عظيمة ومهنة جميلة جدًّا، طوّر نفسك مهنيًا، فكّر في دارسة الماجستير مثلاً، هذه الطاقات القلقية يجب أن تضعها في القنوات الصحيحة حتى لا تحتقن وتتحول إلى طاقات سلبية كما يحدث لك الآن.

أنصحك بالتواصل الاجتماعي يا أخي، وأفضل أنواع التواصل الاجتماعي صلة الرحم، وزيارة المريض، والمشي في الجنائز وتقديم واجب العزاء، وحضور الأفراح ... هذه كلها أمور استهلاكية إيجابية جدًّا للطاقة.

هذه هي نصائحي لك، ونحن الآن مقدمون على شهر رمضان، شهر الخير وشهر البركة، فيا أخي الكريم: استغل هذا الموسم لأن توجّه قلقك لتجعله إيجابيًا. إقدامك على الزواج أمرٌ عظيم وأمرٌ جميل، وإن شاء الله تعالى تعيش حياة سعيدة، لا يعقيك أبدًا.

التطبيقات التي ذكرتها لك هي العلاج الصحيح، زائد العلاج الدوائي، وعقار (ريتالين) لا يناسبك أبدًا - أخي الكريم - مَن الذي أرشدك للريتالين؟ الريتالين دواء تخصُّصي جدًّا، ولا يتم تناوله عند اللزوم، لا، لا يناسبك أبدًا، وهل تعرف أن الريتالين هو نوع من الأنفتامينات؟ ولا يُعطى إلَّا في حالات مُعينة؟ .. فأرجو أن تتوقف عن تناوله، لأنه لا يناسبك، واحذر من أن تتناول أدوية من تلقاء نفسك بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً