الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم الخشوع في الصلاة والخوف والموت وعلاقتها بالوسواس القهري

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أنا كنت متدينة، وكنت أحاول أنصح الأخرين، وكنت في 17 من عمري، وفي رمضان كنت أصلي التراويح، ولكن في رمضان قبل الماضي جئت لأصلي التراويح ولكني شعرت أني أصلي بدون خشوع، وكنت أشعر أنني لا أستطيع إكمال الصلاة، وبدأت أشعر (أستغفر الله) أنني لا أصلي لأحد، وبدأت بعد ذلك عندما أذهب إلى الصلاة أشعر بخوف، وبعد ذلك بفترة ماتت إحدى أقاربي وبعد ذلك انصدمت، وبقيت أخاف على أمي بطريقة فظيعة. وبعد ذلك بفترة ماتت واحدة أخرى من أقاربي، وطبعاً تأثرت أكثر بموتها من الأولى بكثير.

بقيت أخاف أكثر من السابق، وإذا مرض أحدهم أتخيل أنه سوف يموت وتحولت حياتي إلى يأس، ولا أستطيع أن أذاكر ورسبت.

لأنني كنت لا أتخيل شيئاً سوى الموت، وكنت أبكي كثيراً لأنني كنت أتخيل أنني سوف أموت، وبعد ذلك أخذتني جارتي إلى شيخ وقال لي أنني موسوسة ومحسودة ومسحورة، ولم يعطني شيئاً سوى سماع القرآن وقراءة الأذكار وماء مقروءاً عليه القرآن للاغتسال، وبعد ذلك بقيت أتحسن قليلاً ولكن التفكير لا يفارقني، وبعد ذلك بـ(7) أشهر رجعت أشعر بأشياء أخرى منها:

أشعر أنني عائشة فقط وكل أحلامي انتهت، وأصلي بدون خشوع وأشك في كل من حولي، مثلاً لا أصدق أن السماء فعلاً اسمها سماء، وأوقات كنت أشعر أنني سوف أُجن من كثرة التفكير، وفي أشياء حرام، وأنا كل وقتي عائشة فقط بدون أمل، وليس في نظري إلا اليأس.

فأرجو من فضيلتكم أن تقوم بالرد على رسالتي وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعدك

أرجو أن أؤكد لكِ أن كل الأعراض والظواهر التي ذكرت في رسالتك، تدل على أنك مصابة بحالةٍ تعرف باسم الوسواس القهري، فكل هذه الشكوك والمخاوف، وحتى عدم الخشوع في الصلاة، هي حقيقة مرتبطة بهذه الوساوس القهرية، والوساوس القهرية هي أفكار أو أفعال أو طقوس أو خيالات تتسلط على الإنسان وتدخله في حلقة مفرغة من التفكير السخيف، والذي يؤثر على الصحة النفسية لدى الإنسان.

لا شك -وكما نذكر دائماً- أن الوساوس يجب أن تستبدل دائماً بالأفكار المخالفة أو المضادة لها، ولابد للإنسان أن يسعى حثيثاً على احتقارها وعدم الانصياع لها، وهذا ممكن بالإصرار والتكرار وعدم الاستسلام.

يوجد الآن والحمد لله مجموعة من الأدوية النفسية الفعالة جداً لعلاج الوساوس القهرية، والوساوس القهرية المرتبطة بالخوف تستجيب بصورةٍ أفضل لدواء يعرف باسم زيروكسات، وعقار آخر يعرف باسم سبراليكس، أفضّل حقيقة أن أصف لك العقار الأول وهو زيروكسات، وطريقة استعماله هي أن تبدأي بنصف حبة ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع هذه الجرعة بنفس المعدل، أي نصف حبة كل أسبوعين، حتى تصلي إلى حبتين في اليوم، وتستمري على هذه الجرعة لمدة خمسة أشهر، ثم بعد ذلك تبدأي في تخفيض الدواء بمعدل نصف حبة كل أسبوعين أيضاً حتى تتوقفي عنه.

الزيروكسات من الأدوية الممتازة والسليمة، والتي تعالج الوساوس والمخاوف وعسر المزاج بصورة فعالة، وهو قليل الآثار الجانبية، ويفضل أن تتناوليه بعد الأكل، فهذا يقلل من أي آثارٍ جانبية ربما يسببها، مثل سوء الهضم في الأيام الأولى للعلاج، ولكن كما ذكرت سابقاً هو دواء سليم جداً بصفة عامة، وإن شاء الله سوف تشعرين بالتحسن بعد بداية العلاج بأسبوع إلى عشرة أيام.

لا شك أن الجوانب السلوكية الأخرى مهمة بجانب الدواء العلاجي، وهي كما ذكرت لك في بداية هذه الرسالة، هي ضرورية لتحقير الفكرة الوسواسية واستبدالها بالفكرة المخالفة، ومحاولة تثبيت ذلك في داخل الكيان النفسي.

وشيء آخر هو أن الإنسان لابد أن يجعل العبادة هي همه الأول، والخشوع في الصلاة يتطلب الانتباه والاهتمام بها، وأن يجعلها الإنسان أعظم شيء وأهم شيء في حياته، ولا شك أن ذكر الله والخشوع يؤدي إلى الطمأنينة واختفاء الخوف بإذن الله.

نسأل الله لك الشفاء والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً