الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجرت أصدقائي بسبب معاصيهم ولكنني اشتقت إليهم، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

كان لدي أصدقاء أحبهم جداً، وتركتهم بعد أن جلست أناصحهم كثيراً، كانوا لا يصلون، ويتكلمون مع النساء عبر مواقع التواصل.

قمت بتركهم، فهل صحيح ما فعلت؟ فقد أتعبوني جداً، ثم بعد سنة أصبحت أشتاق لهم جداً، ولا أستطيع أن أنساهم، وأصبحت أفكر بهم غالب الأوقات، لأن صحبتنا دامت 7 سنوات.

أريد أن أرجع لهم وأناصحهم أكثر، لكني تركتهم لمدة سنة كاملة، أخاف أن يرفضوني، وما الحكم إذا رجعت لهم؟ وما الطريقة المثلى؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يقول الله عز وجل: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) فهذا أمر رباني بالابتعاد عن الصحبة الغافلة خشية الميل لهم، والانتكاسة بعد انتهاج طريق الأصلح، لا سيما وأن مناصحتهم لا تثمر باستجابة أو هجر للباطل والمعاصي.

لا أوضح من تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم خطورة صديق السوء في حديث: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك، أو ثوبك، أو تجد منه ريحاً خبيثة).

الابتعاد عن أصحاب السوء نجاة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)، قال ابن كثير في تفسير الآية: أي: كل صداقة وصحابة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله عز وجل، فإنه دائم بدوامه.

أما عن اشتياقك لهم، فهو أمر طبيعي كوننا بشراً يحمل بين جنبيه المشاعر، نشتاق، ونتذكر، ونحب، وواجب الفرد المسلم هو ترويض تلك المشاعر وتهذيبها، فالإسلام لا يتجاهل تلك المشاعر ولا يأمرك بإلغائها، بل يوجهك إلى ترويضها من خلال اتجاه (المجاهدة) وفقا لقول الله تعالى: (وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)، والاتجاه الآخر هو توجيه المشاعر إلى مكانها الصحيح بـ (الاستبدال)، وهذا بملء فراغ القلب الذي يحدث بمشاعر جديدة تعوّض الفقد الذي حدث.

قد قال الإمام الشافعي (فَفِي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ رَاحة) وفي ذلك البيت أسس الاستبدال، وهي (التخلية والتحلية) فالتخلية بالترك، كي تبرد فورة مشاعر القلب بالترك والابتعاد والمجاهدة، ومع الوقت ستفتر العلاقة، أما التحلية فتكون بتغيير الصُحبة وإيجاد بديل صالح لهم يسد ثغرة المشاعر وحاجة الإنسان إلى الاجتماع.

نصيحتي لك أخي الحبيب، أن اصبر وجاهد نفسك، وحاول أن تضع نفسك في بيئة صالحة تُعينك وتصبرك على الطاعة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً