الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتعبتني مشاعر القلق والخوف من الفقد

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما هو علاج التعلق والخوف من الفقد؟

وكيف يمكن التخلي عن استباق الأحداث بما لا يسر ويحزن القلب؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك –أختنا الفاضلة– عبر الشبكة الإسلامية، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

تبحثين عن علاجٍ للقلق وللخوف من الفقدان الذي يمكن أن يحدث في المستقبل، والذي يُسبِّبُ لك الحزن فيما يمكن أن يحدث من أحداث في المستقبل.

أختي الفاضلة: هناك ما نسمّيه بالقلق الاستباقي أو التوقعي، وهو التوتر والقلق النفسي من أمرٍ يمكن أن يحدث في المستقبل، فنحن نقلق ونتوتر مع أن هذا لم يحدث بعد وقد لا يحدث.

أختي الفاضلة: لقد أعطانا الله تعالى نعمتان عظيمتان اختصّ بهما البشر، ونحن قد نعاني منهما عندما لا نُحسن التعامل معهما بالشكل المناسب.

النعمة الأولى هي: القدرة على التذكُّر، فلدى الإنسان قدرة عجيبة على تذكُّر أمورٍ حصلت في الماضي، فنجد كثيرًا من الناس يتألَّمون من أمرٍ حدثَ معهم في الماضي ربما من أشهرٍ أو سنواتٍ أو حتى عقود.

النعمة الأخرى: قدرة الإنسان على استشراف المستقبل، وعلى التفكير في الأيام القادمة، فأيضًا نجد بعض الناس يتألَّمون ويقلقون لأمرٍ لم يحدث بعد وقد لا يحدث، أو على الأقل لن يحدث بالطريقة التي تخيّلناه فيها.

أختي الفاضلة: يُفيدُ هنا أن نستشهد بقوله تعالى في سورة الحديد: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}، وهنا الآن الاستشهاد من الآية التي تليها: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ}.

فإذًا كيف لا نقلق كثيرًا على ما حدث معنا في الماضي، وكيف نُبالغُ في الفرح بما لدينا، وكيف نقلق لأمرٍ لم يحدث بعد، كما قال الله آمرًا النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ)).

أختي الفاضلة: كنتُ أحب أن أعرفُ أكثر عن حياتك وتفصيل برنامجك اليومي، وكيف تقضين الوقت، فهذا يمكن أن يُساعدنا، وخاصة لو ذكرتِ لنا ما الذي تخشين وقوعه وتتحسّسين منه، وتريدي الاستعداد لمواجهته.

أختي الفاضلة: ندعو الله تعالى لك، وأنتِ ادع الله تعالى ليحفظك ويهوّن عليك ما تأتي به الأيام، والذي أسميته (الفقد)، فطبيعة الحياة أنها متغيّرة، وكما قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}، وكما قال العرب: (بقاء الحال من المحال).

فطالما أنك تبحثين عن كيف تستعدّين لأمرٍ سيحصل في المستقبل؛ فهذا يدلُّ على قدرتك على التكيُّف بالشكل المناسب، وبعون الله تعالى ما سيحصلُ سيحصل، و-بإذن الله تعالى- سيكون معك يُصبّرك على قابلات الأيام.

أدعو الله تعالى لك بالصحة والعافية وراحة البال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً