الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس الانتحار أتعبتني، فما أفضل طريقة للتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 23 سنة، وأعاني من الوساوس منذ عمر 16 سنة، عاصرت أنواعاً كثيرة من الوساوس، بدأت بوساوس صغيرة مثل الوضوء والصلاة، ثم وساوس الترتيب والخوف من الموت، والوساوس الحالية مزعجة جدًا، بدأت قبل شهرين، أحس أن أفكاري مبعثرة، وأني سوف أصبح مجنوناً، ولن أفهم كلام الناس، وأنسى نفسي، وكنت متأكدًا أنني سوف أجن، حتى دخلت في نوبة هلع، وبعدها بأيام صرخت بكل قوة وقلت هذه أفكار وأوهام وسوف أنتحر إن لم تختف، أصبحت تتكرر فكرة الانتحار في رأسي ويقنعني الوسواس بأنك ترغب في الانتحار، وإذا لم تنتحر ستعيش في ألم وعذاب، وأنا لا أرغب في ذلك.

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مزمل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك الشفاء والعافية، وأشكرك -يا أخي- على ثقتك في استشارات الشبكة الإسلامية.

أخي: الحمد لله تعالى أنت تخلصت أو اختفت عنك الوساوس الدينية المتعلقة بالوضوء والصلاة، وكذلك وساوس الترتيب والخوف من الموت، بمعنى أن وساوس الأفعال تقريبًا قد انقضت، والآن تُهيمن عليك وساوس الأفكار، خاصة الخوف من أنك سوف تُصبح مجنونًا، وأنك لن تفهم كلام الناس، وأنك سوف تنتحر، أو أن فكرة الانتحار أصبحت تراودك نسبةً لما يأتيك من أفكار.

أخي الكريم: أنا أبشرك بأن الوساوس الفكرية سهلة العلاج أكثر من وساوس الأفعال التي كانت تنتابك، إذًا أنت انتقلت لمراحل أفضل من حيث نوعية الأعراض، حتى وإن كانت مزعجة بالنسبة لك.

طبعًا فكرة الانتحار هي فكرة سخيفة، ولا يمكن للمسلم أن يقدم على شيء من هذا أبدًا، طبعًا تحتاج لعلاج، ومعظم العلاج الذي تحتاج له هو علاج دوائي، هذا النوع من الوساوس بالفعل يحتاج لعلاج دوائي مركّز، ومن أفضل الأدوية التي تستعمل في علاج حالتك دواء يُسمَّى (سيرترالين) يُدعم بدواء يُسمَّى (رزبريادون)، وكلا الدوائين متوفرين في السودان.

طبعًا سيكون من الأفضل لك أن تراجع طبيباً نفسياً؛ لأن المتابعة أيضًا مهمّة، والطبيب سوف يصف لك الدواء، لكن إذا كان من الصعوبة عليك أن تُراجع الطبيب أنا سوف أذكر لك الأدوية، وتفاصيلها وجرعاتها، وهي أدوية سليمة، حاول أن تتحصّل عليها.

الدواء الأول هو (سيرترالين)، هذا اسمه العلمي، تحتاج أن تبدأه بجرعة نصف حبة، أي خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تجعل الجرعة حبة كاملة يوميًا أي خمسين مليجرامًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها مائة مليجرام يوميًا، يفضّل تناوله نهارًا، حيث إنه دواء ممتاز جدًّا ولا يُسبب كسلاً أو نعاساً إلَّا في حالاتٍ نادرة، وإن حصل هذا ففي هذه الحالة يتم تناول الدواء مساءً.

جرعة المائة مليجرام هي الجرعة الوسطية، ومن وجهة نظري سوف تكون هي الجرعة العلاجية كافية بالنسبة لك، ويمكنك أن تستمر عليها لمدة عام، وهذه ليست مدة طويلة أبدًا، حيث إن الوساوس ظلّت معك منذ حوالي سبع سنوات، ونحن نريد أن تختفي تمامًا، وبعد انقضاء العام إذا كانت تتابع مع طبيب سوف يوضح لك الطبيب الخطوة التي تليها، وإن أردت أن تتواصل مع إسلام ويب هذا أيضًا فيه خير -إن شاء الله تعالى-.

أمَّا الدواء الآخر فيُسمَّى (رزبريادون)، هذا الدواء داعم، والسيرترالين هو الدواء الأساسي، جرعة الرزبريادون هي أن تبدأ واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم تجعلها اثنين مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

أخي: بجانب هذه العلاجات الدوائية لابد أن تُحقّر الأفكار الوسواسية، وعليك بتطبيق بعض التمارين السلوكية، هنالك تمرين نسمّيه بـ (توقف الأفكار)، هذه الأفكار تواجهها من خلال أن تقول: (أقف، أقف، أقف، أنت فكرة حقيرة، أنت فكرة سخيفة، أنا لن ألتفت إليك أبدًا)، ولا تُحلّل الفكرة الوسواسية، ولا تحاورها أبدًا، إنما انتهي عنها واجتهد في طردها والتوقف عنها.

الرسول -صلى الله عليه وسلم- نصح الذين اشتكوا من الوساوس من الصحابة أن يقول الواحد مِنهم: (آمنت بالله)، وأمر بالاستعاذة والانتهاء عن تلك الوساوس، فقال: (فليستعذ بالله ولينته)، ينتهي بمعنى ألَّا يُحاور الفكرة، ويُكرر قول (لا إله إلَّا الله)، هذا هو الدواء الناجع لهذه الوساوس -بإذن الله- كما يقول العلماء الأفاضل، وهو من الأشياء الطيبة الجميلة.

وهناك تمرين آخر نسميه بـ (التنفير)، وهو أن تربط هذه الفكرة الوسواسية بشيء مخالف لها، تأتي بفكرة قويّة شديدة تُحقّر هذه الفكرة الوسواسية.

كل هذا مفيد إن شاء الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً