الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب العادة انعزلت عن العالم وأصبحت انطوائياً.

السؤال

السلام عليكم.

ابتليت بمشاهدة المواد الإباحية والاستمناء، وأثر ذلك فيَّ كثيرًا، وبصراحة كنت رياضيًا؛ فقد كنت كل صباح أمارس العدو، والتمارين المسائية في الفنون القتالية، وكنت أحب مطالعة الكتب، وكنت دائمًا نشيطًا وسعيدًا مع الأصدقاء، والآن عمري 21 سنة لم أعد مهتمًا.

أنا في حالة اكتئاب، وعزلة حقيقية كأن العالم انتهى بالنسبة لي، ومع أنني مراهق إلا أنني الآن لدي مشاكل نفسية، وجسدية، واجتماعية، لم أستطع أن أعمل، وأصبحت كسولاً وأتأخر، حتى في الشوارع عندما أعجب بفتاة، لا أستطيع حتى النظر في عينيها، ينتابني شعور بالتوتر وسرعة دقة القلب، والخجل، والندم الشديد، مما يحدث لي؛ ربما لأنني لم أكن لهذه الدرجة، الآن أرى نفسي عجوزًا وليس شابًا.

أظن أني في حالة خاصة وشديدة الخطورة، أردت العلاج النفساني، لكني لم أستطع؛ لأني خجول وغير قادر على الاعتراف أمام شخص بذلك.

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.

أولاً: الحمد لله تعالى أن وفقك للالتزام بما يحبه ويرضاه، والابتعاد عن ممارسة تلك السلوكيات التي كنت عليها في الفترة السابقة أو الماضية من العمر.

ثانيًا: كما ذكرت أن الإنسان معرض للخطأ، والمشكلة تكون في التمادي في الخطأ والإصرار عليه، واعلم أن الله تعالى يغفر الذنوب جميعًا وأنه هو الغفور الرحيم، ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويصفح ويتجاوز عن سيئاتهم إذا تابوا إليه ورجعوا من قريب، كما قال في كتابه الكريم: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: 17]، وقال: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25]، وقال: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135]

ومن شروط التوبة الندم على ما فات، وعدم الإصرار على الذنب، والإقلاع عن الذنب، فإن قمت بالإقلاع عمَّا كنت عليه، والندم على ما فات، والإصرار على عدم الرجوع لهذه السلوكيات؛ فبإذن الله سبحانه وتعالى ستقبل توبتك ويُبدّل الله سبحانه وتعالى السيئات حسنات، كما قال سبحانه: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70].

ثالثًا: فيما يختص بعدم إدامة النظر في عيون النساء، والشعور بالخجل أو التوتر، فإذا كان ذلك يمنعك من الاستمرار في هذا السلوك، فربما يريد الله بك خيرًا؛ لأن الله تعالى أمرنا بغض البصر عن محارم الله، فكل ما وجد الإنسان وسيلة تُساعده على غض البصر يحمد الله على ذلك، ولا نعتبر ذلك ضعفًا، بل هو قوة تحجبك عن الوقوع في الشر وتدفعك إلى الخير بإذن الله.

رابعًا: نقول لك: ركّز الآن في دراستك ولا تنتبه لما يشغلك عن هذه الدراسة، واعزم على تحقيق النجاح والتفوق، وستنقضي هذه المرحلة، ولا تجد وتحصد إلَّا ما زرعته، وليس ذلك عيبًا أن تطرح مشكلتك للمختصين في المجال، فربما تجد مَن يساعدك وتجد عنده العلاج لما تعاني منه، ولا شك أنه سيفهم مشكلتك فهمًا جيدًا، وأنت لست الشخص الوحيد الذي لديه هذه الأعراض أو هذه المشاكل، فهناك أناس كُثر لديهم نفس الأعراض، وعندما سارعوا وذهبوا إلى الطبيب أو إلى المختصين وجدوا الحلول، وانتفعوا بذلك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك في دراستك، وفي دنياك وأخراك، وأن يعصمك من كل شرٍّ، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن فاعل خير

    انصح هذا ان يدعو لوالديه فان بر الوالدين يحبه الله.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً