الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي تارك للصلاة والصيام ويرفض النقاش حول هذا الأمر!

السؤال

زوجي مسلم ولكنه تارك للصلاة والصيام، ويرفض الخوض في هذا الموضوع ولا يقبل النصيحة بتاتاً موضحاً أن هذه الأمور تخصه هو فقط، ولا يحق لأحد أن يتدخل أو يناقشه فيها!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يهدي زوجك ويردّه إلى الحق ردًّا جميلاً.

ثانيًا: نشكر لك حرصك على تغيير هذا المنكر وإسداء الخير وإيصاله لزوجك، ونسأل الله تعالى أن يُكلِّل جهودك بالتوفيق، وأن يجعل لكلامك سبيلاً وطريقًا إلى قلب زوجك ويُصلح أحواله.

ثالثًا: نرى –أيتها الأخت الكريمة– أنه لا بد من استعمال الأدوات التي تُؤثّر على هذا الإنسان وتلمُّس المداخل التي تُوصل إلى قلبه برفقٍ ولين، فإن (الرفق ما كان في شيءٍ إلَّا زانه، وما نُزع من شيء إلَّا شانه)، فالرفق جميل ونتائجه جميلة.

ومن الرفق –أيتها الأخت الكريمة– ألَّا يُناقش هذا الزوج بطريقةٍ مباشرة تستفزُّه ما دام يكره نوعًا مُعيَّنًا من النقاش، فينبغي أن نبحث عن الوسائل الممكنة في التأثير عليه، فإن كان له أصحاب أو أصدقاء أو أقارب يقبل منهم النصح، أو يستمع لما يُلقونه إليه من النقاش ومحاولة الإقناع، فينبغي الاستعانة بهم وتذكيرهم بأجر الدعوة إلى الله تعالى وتغيير المنكر، ونُصح الإنسان المسلم.

ومن الحسن في هذه الحالة إقامة العلاقات الأسرية مع الأسر التي فيها رجال من هذا النوع ليتأثّر بهم وبمجالستهم.

ومن الوسائل المفيدة أيضًا أن يحاول الإنسان إيصال الموعظة إلى قلبه بطريق غير مباشر، لا يفهم أنه هو المقصود بها، ومن المواعظ التي تُؤثّر وتُفيد في هذا المعنى التذكير بلقاء الله تعالى يوم القيامة، والحساب، والجزاء، والجنة وما أعدَّ الله فيها من الثواب للطائعين، والنار وما أعدَّ الله فيها من العقاب للعاصين، فإذا أسمعتموه هذه المواعظ ولو بطريقٍ غير مباشرة فإنه ربما يجعلها الله تعالى مفتاحًا لقلبه.

ومن الأدوات أيضًا الإكثار من دعاء الله تعالى أن يهديه، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبُها كيف يشاء، ولا ينبغي أبدًا أن نيأس من إصلاح الله تعالى لإنسان مهما كان فجوره وعصيانه.

فهذه هي الأدوات التي يمكن استعماله لإقناعه بالرجوع عن هذه الذنوب الكبيرة والموبقات العظيمة، فإن ترك الصلاة أعظم جريمة بعد الكفر بالله تعالى، بل بعض العلماء يرى بأنها هي كفر أيضًا، فهو على خطر عظيم بلا شك ولا ريب، ولهذا نحن ندعوك أن تستشعري عِظم الخطر الذي يتعرَّض له هذا الرجل باستمراره على هذه الحالة، وأن يكون استشعارك لهذا الخطر باعثًا لك نحو بذل أقصى ما تقدرين عليه في استنقاذه من هذا الخطر، ولك في ذلك أجرٌ عظيم، فإن أفضل ما تفعلينه هو تجنيبه الوقوع في نار جهنّم، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النِّعم)، وأنت خير من يصبر ويُعاني من أجل الوصول إلى هذا الهدف الكبير النبيل، ونسأل الله تعالى أن يُكلّل جهودك بالتوفيق والنجاح.

فإذا فعلتم ما أمكنكم من الأسباب فلم يبق بعد ذلك إلَّا التسليم لقضاء الله تعالى وقدره، والله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء ويُضلُّ مَن يشاء.

وأمَّا عن حكم بقائك معه زوجةً وهذه حاله؛ فإن كان لا يُنكر فرضية الصلاة ولا فرضية الصيام ولكنّه يتركها تكاسلاً فإنه لا يزال مسلمًا عند أكثر علماء المسلمين، ومن ثمّ لا يجب عليك أن تفارقيه ما دامت هذه أحواله، أمَّا إذا كان حاله قد تجاوز هذا وهو يُنكر أن الصلاة فريضة وأن الصوم فريضة ففي هذه الحال ينبغي أن ترفعي أمرك للجهات الشرعية في المحاكم الشرعية في بلادك ليجد لك القاضي طريقًا في التخلص من هذا الزوج، نرجو الله تعالى ألَّا يكون الحال قد وصل إلى هذه المرتبة.

وفقك الله لكل خير، وقدّر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات