الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد طريقة ناجعة أدعو بها إخوتي وأخواتي ليتركوا المعاصي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيراً على مجهوداتكم، استفدت -ولا زلت أستفيد- من هذا الموقع الجيد، فأسأل الله أن يبارك فيكم، ويحفظكم من كل سوء.

سبب رسالتي هي أني أريد طريقة صحيحة شرعاً لأنصح بها إخوتي وأخواتي في الدين، واتباع طريق الله، والاستقامة على الصلاة والأخلاق الحسنة.

أعمل كل جهدي في إرشادهم ونصحهم، لكن دون جدوى، اكتشفت أن بعضاً من إخوتي يتحدثون مع البنات، وأخواتي مع الرجال، فعلى علمي أن هذا لا يجوز، ويسمى علاقة غير شرعية، أظل أنصحهم وأنبههم، لكن دون جدوى، فأرجو منكم طريقة تؤثر في عقولهم، وتجعلهم يستحضرون مراقبة الله لهم، ولا أنكر أني كلما دعوتهم ونصحتهم يعملون بنصيحتي، لكن لوقت قصير فقط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذه الاستشارة التي تحمل روحًا من الخير، نسأل الله أن يهدينا جميعًا، وأن ييسّر الهدى علينا، وأن يجعلنا سببًا لمن اهتدى.

وهنيئًا لأسرتك بهذه الرغبة في الخير، ونبشّرُك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من دعا إلى هدىً كان له من الأجر مثل أجور مَن تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا)، ونبشّرُك ببشارة النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا – طبعًا: أو امرأة – خيرٌ لك من حُمْر النِّعم)، فكيف إذا كان مَن تريدين هدايته أخٌ شقيق أو أختٌ شقيقة، ونبشِّرُك بقوله تعالى: {ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين}، فالدعوة إلى الله من أفضل مقامات الدّين، ولولا الدعوة إلى الله لما قام دين، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يستخدمنا في خدمة هذا الدين، وأن يثبتنا ويثبتك ويسدد خطاك.

وسعدنا أيضًا لأنهم يستمعون للنصح، ويتأثرون به حتى لو كان الوقت قصيراً، فهذا دليل على أن بذرة الخير موجودة، والمطلوب هو زيادة النصح والاستمرار عليه، مع تغيير الأساليب والطرائق، وأحسن من ذلك أن تحاولي أن تكون هناك دعوة فردية، من أجل أن تأخذيهم إلى العلم الشرعي، ليكونوا هم أيضًا ناصحين لغيرهم، فإن الإنسان إذا تعلَّم شريعة الله علَمَ ما عليه من أحكام الشرع؛ فإنه سيتحوّل إلى داعية إلى الله تبارك وتعالى، كما أن الفقيه أو الفقيهة أشدّ على الشيطان من ألف عابد.

استمري في النصح، وتذكري أن النصح داخل العائلة مع الوالدين ومع الإخوان ينبغي أن يكون في منتهى اللطف، ونأخذ هذا من دعوة الخليل إبراهيم لوالده: (يا أبتِ ... يا أبتِ ... يا أبتِ ... يا أبت ...) يُظهر الرغبة في الخير، يُظهر الحرص لهم، وأرجو أن تُقدّمي لجميع من تدعينهم من إخوانك خدمات، تُظهري لهم المعاملة الحسنة، ولا تُقصّري في مساعدتهم حتى في أمور الحياة، في دراستهم، في ترتيب أغراضهم، في الوقوف إلى جوارهم، فإن هذا له أثرٌ كبير.

واعلمي أن الطريق إلى قلوب الناس يحتاج إلى مهارات، فاجعلي ما عندهم من المحاسن وما فيهم من الإيجابيات مدخلاً إلى نفوسهم، امدحي ما عندهم من حسنات، وبيِّني لهم أن أمثالهم من الفضلاء والفاضلات لا يليق به مثل هذه الأعمال ومثل هذه التجاوزات، انطلاقًا من منهج القرآن: {يا أخت هارون ما كان أبوكِ امرأَ سوءٍ وما كانت أُمُّكِ بغيًّا}، فإن الإنسان إذا علم شرف أصله، وشرف مكانته ومكانة أسرته، وأنهم ليسوا أهلاً، ولا يشبهون الذين يقعون فيما يُغضب الله؛ فإن هذا ممَّا يُعين على الطاعة.

وكوني عونًا لهم على الشيطان، وليس العكس، ولا تُظهري الضجر واليأس إذا وجدت أن النصح قد تأخّر لبعض الوقت، أو أن الاستجابة كانت قصيرة، واعلمي أن الاستجابة الطويلة تحتاج إلى تغيير للبيئة، وتغيير للرفقة، فكوني إلى جوارهم، وصادقيهم، وحاوريهم، واجتهدي في النصح لهم، واطلبي معونة الوالدين إذا كان الوالد أو الوالدة على علم بما يحدث، وحاولي أيضًا أن تكسبي الوالد والوالدة، فإن وقوفهما معك وتأييدهما لأسلوبك ممَّا يعينك على مزيد من النجاحات.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونشرفُ جدًّا بتواصلك مع الموقع، ونسأل الله أن يجعل منك الداعية الصالحة الناصحة المصلحة، وأن يتقبّل منَّا ومنك صالح الأعمال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً