الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج القلق الوسواسي مع شيء من الاكتئاب الظرفي

السؤال

حضرة الدكتور محمد عبد العليم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة اللهِ.

بارك الله فيك على الاهتمام والرد على استشارتي رقم (250121)، واسمح لي يا دكتور أن أبين لك السبب المباشر لحالة الاكتئاب التي أعاني منها، والتي كان من المفترض أن أذكرها في استشارتي السابقة، لكني لم أذكرها.

السبب يا دكتور أن عندي انحناء بسيط في العمود الفقري وبروزاً في عظم الكتف، وهذا البروز يجعلني أتضايق وأحرك كتفي باستمرار، وهذه مشكلة قديمة منذ الصغر، لكن أؤكد لك يا دكتور أنها لم تسبب لي اكتئاباً في يوم من الأيام، مع أنها كانت في أحيان نادرة جداً تزعجني لا سيما في فصل الصيف عندما كنت في الأردن؛ لأن طبيعة اللباس في الصيف يكون خفيفا بحيث تبرز المشكلة بعض الشيء، أما في الربيع والشتاء حيث يرتدي الإنسان معطفاً وما شابه؛ فأشعر بالراحة لأنها تختفي، وعندما بدأت العمل في السعودية بدأت المشكلة تؤرقني بالفعل؛ لأن السنة بطولها صيف، وأخذت تتطور وتتفاقم حتى تحولت إلى حالة اكتئاب شديدة، يا دكتور أصبحت معها غير قادر على التركيز في شيء ولو لفترة بسيطة دون أن يتخلل ذلك التفكير في مشكلتي.

أرجو منك يا دكتور أن تعذرني على الإطالة، وأن يتسع صدرك لسماع مشكلتي.
توجهت يا دكتور في الإجازة قبل الماضية إلى د.تيسير صبري (أخصائي جراحة العمود الفقري) الذي أكد لي بدوره وبعد الكشف علي أن نسبة الانحناء عندي ضمن المدى الطبيعي، وأن ذلك لا يستدعي أي عمل جراحي، لكنه في نفس الوقت أكد لي أنني مضطرب ومتوتر، حيث كان ذلك بادياً علي بوضوح بسبب التفكير الدائم في هذه القصة، وأنه يجب علي على الفور مراجعة الأخصائي النفسي.
وبالفعل عملت بالنصيحة، مع أنني شعرت براحة لم أشعر بها طوال سنة قضيتها في السعودية، وذلك لأنه أخبرني أن مشكلتي طبيعية .
توجهت إلى الطبيب النفسي الذي عمل لي تحليل شخصية، وشرحت له مشكلتي، وبدأ معي العلاج حيث وصف لي: (Lecital_solian)، وأخبرني أنه سيعطيني علاجاً لمدة تسعة أشهر طوال تواجدي في السعودية، لكني أخذته لمدة شهر، وتوقفت لأني شعرت بتحسن، والآن وبعد أن مضى على تركي للعلاج حوالي سنة ونصف أنا أعيش نفس المأساة القديمة، والمشكلة أنني تزوجت منذ شهرين، ولا أريد أن أتعب زوجتي معي، فيكفيها تعب الغربة وفراق الأهل.

أرجو منك يا دكتور مساعدتي، إذا كان بالإمكان وضع برنامج علاج لي، فأنت تعرف كم هي مكلفة مراجعات الأخصائي خاصة في السعودية، وأنا أؤكد لك ثانية أن هذه هي مشكلتي الحقيقية وسبب اكتئابي، فوالله ما عرفت الاكتئاب في حياتي إلا بعدما أعرت قضية ظهري اهتماماً كبيراً، وأود إخبارك يا دكتور أنه تمر علي أيام تخف فيها حدة الاكتئاب كثيراً، وأيام أخرى تزيد، بحيث أنني أتمنى الموت، كما أود أخبارك أن حدة الاكتئاب تتفاوت بحسب اللبس الذي أرتديه، بحيث إذا شعرت بأن اللبس مريح ولا أحرك كتفي أرتاح ويخف الاكتئاب، وإذا كان اللبس غير مريح كأن يكون ضيقاً ويسبب لي حركة مستمرة ترى حدة الاكتئاب تزيد، لدرجة أنني قد أبدل ملابسي، هل هذا اكتئاب يا دكتور أم يمكن اعتباره وسواساً قهرياً؟

وأخيراً أشكرك يا دكتور على سعة صدرك، وأرجو منك النصح والتوجيه بخصوص الدواء الأنسب لحالتي والجرعات العلاجية، وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك.
ملاحظة: أدناه المعلومات الشخصية الخاصة بي لعلها تكون مفيدة في تشخيص الحالة وعلاجها.

العمر: 33.
الديانة:الإسلام.
الحالة الاجتماعية: متزوج ثم أرمل، والآن متزوج للمرة الثانية.
الحالة الاقتصادية: جيدة والحمد لله.
العمل: أعمل منذ سنة 1998 وحتى الآن، وناجح في عملي.
الأصدقاء والعلاقات الاجتماعية: أصدقائي كثر، وأحبهم ويحبونني، وعلاقاتي مع الناس جيدة، وأنا والحمد لله عندهم موضع حب واحترام بشهادة الجميع.
الحالة الصحية: بحمد الله لم أعاني من أي أمراض عضوية خطيرة أو مزمنة أبداً، ولم أخضع لأية عمليات جراحية.
طبيعة العمل: مهندس برمجيات كمبيوتر.
الهوايات: أتصفح الإنترنت والقراءة والتنزه في المناطق الخضراء ذات الأشجار والمياه.
ما أحب أن أتواصل مع الأصدقاء والإخوة والأخوات دائماً بالزيارات المتبادلة، وأحب الصدق والإخلاص بين الناس، وأحب أيضاً أن تكون أجواء البيت عندي مريحة، وما عندي مشاكل مع زوجتي، وهذا حاصل والحمد لله، أكره الكذب والفرقة والخلافات بين الناس.

ملاحظة: كانت حدة الاكتئاب تخف جداً، وأحياناً تتلاشى أثناء تمتعي بإجازتي السنوية في الأردن.
بعض الصفات الشخصية التي أكرها في نفسي: شكاك، فمثلاً أكرر عد النقود أكثر من مرة، حساس جداً، فمثلاً إذا سمعت انتقاداً من أحد، أو أن شخصاً ما غضب مني تنتابني حالة من الاكتئاب تجعلني غير قادر على التركيز في شيء أو حتى الأكل والنوم، متردد، فمثلاً عند شراء ملابس ومع وجود تشكيلة واسعة منها أمضي وقتاً طويلاً في المقارنة حتى يمكنني الاختيار، عصبي وأحياناً لأسباب تافهة، أحاول دائماً المقارنة بين أي إنسانة جميلة أراها ويعجبني شكلها وبين زوجتي، وهذه قضية مزعجة، بالرغم من أني على قدر من التدين، وإني كنت أدعو الله دائماً أن يرزقني زوجة صالحة ذات خلق وجمال، وإني أيضاً استخرت الله قبل أن أتزوج، والحمد لله زوجتي متدينة خلوقة، وخريجة جامعة علوم طبية ومطيعة، ولكن هذا الحاصل، مع أني أعتقد أن هذه المشكلة واقع فيها كثير من الرجال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ass حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بعض الناس يكون حساساً بصورةٍ مفرطة لدرجة تجسيم وتضخيم التغيرات الجسدية البسيطة، وهذا هو الذي أراه في حالتك، مما سبب لك القلق الوسواسي وشيء من الاكتئاب الظرفي.

الطريقة المثلى لعلاجك يا أخي هي تجاهل الأمر، والإصرار على ذلك، وأنا حتى لا أؤيد مطلقاً أن تلبس ملابس خاصة لإخفاء ما تراه عيباً؛ حيث أن الطبيب المختص قد أكد لك خلاف ذلك -أي أن انحاء الظهر في المحيط الطبيعي والمقبول-.

أنت رجلٌ -والحمد لله- لديك أشياء جيدة وإيجابية في حياتك، وليست لديك أي إعاقة اجتماعية تُذكر.

فيما يخص مقارنة الزوجة بالأخريات من النساء، فأرجو أن تدعو الله أن يعينك على غض البصر، وعليك أن تكون رقيباً على نفسك.

العلاج الدوائي سوف يُساعدك كثيراً، والـ (Solian) أو (الدوجماتيل Dogmatil) بجرعة 50 مليجرام صباحاً ومساء يُعتبر من الأدوية الجيدة جداً، أضف إليه أحد الأدوية المضادة للقلق والوساوس والاكتئاب، مثل (فافرين Faverin) بجرعة 50 مليجرام ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى 100 مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر.
أما (الدوجماتيل) فيمكن أن تستمر عليه لمدة أطول (تسعة أشهر إلى عام).

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً