الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي وأبي لا يعدلون بيني وبين أختي.

السؤال

السلام عليكم..

لا أدري من المخطئ؟ أنا أم أبي وأمي؟

لقد كنت وأنا صغيرة مشاغبة، وكثيرة الصياح ومتعبة، وكانت أمي تدعو علي باستمرار، وكان أبي يقول لي: سأظل دائماً غضبان عليك، فتعلمي من أختك الأكبر منك. كانت أختي الكبرى هادئة الطباع، تسمع الكلام بسهولة، أما أنا فلا، وإلى الآن أنا عنيدة بعض الشيء، وأحب أن أعاكس إخوتي.

وأغضب أمي أحياناً بغير قصد، وبغفلة مني، فهذا طبعي، أحب المشاكسة وجعل الأصوات تملأ البيت، ولكن عندما تكون أمي مريضة، أو تغضب مني، فإني أذهب فوراً لإرضائها، ولكن أبي لا يصدق ذلك عندما تحكي له أمي، ويعتقد دائماً أنني مشاغبة.

ويحملني مسئولية بعض الأمور، على الرغم من دفاع أمي عني، لكنه يقول لها: لا، لا، هي كذلك، كما أنه دائماً يعايرني بمؤهلي البسيط، ويقول لي: ما هذه الكلية التي تخرجت منها؟ هل نفعتك؟ لقد قلت لك سابقاً أن تدخلي كذا وكذا.

أشعر دائماً أنه يفضل أختي الكبرى علي، حيث أنه في مناسبة ما، قدمها لتتصور معه، ولم يقل لي حتى تعالي أنت الأخرى، لا أدري ماذا أفعل؟ فأنا بدأت أشعر أنه لا يهمني، وأنه رجل كأي رجل، لا أحبه ولا أكرهه!

حتى أنني عمري ما كرهت أختي، بل أتمنى لها كل طيب، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة: ... حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله بركاته، وبعد:
فإن العدل بين الأبناء من شريعة رب الأرض والسماء، وبدون ذلك لا يمكن أن يكونوا لآبائهم في البر سواء، وغياب هذا الحق يزرع العداوة والبغضاء ويورث قطيعة الرحم والشحناء.

وقد جاء الصحابي الجليل بشير بن سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك أعطيته؟ قال لا يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: فأشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور، وقال له: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، وقال أيضاً فأرجعه، وقال له: أتحب أن يكونوا لك في البر سوء قال: نعم قال: فلا أذن)

وقد نقل القرآن آثار إحساس الأبناء بتفضيل أحد إخوتهم عليهم في قصة يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام قال تعالى: ((إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا ))[يوسف:8-9].
وقد اعتذر العلماء لنبي الله يعقوب فقال بعضهم: كان ذلك مجرد شعورهم، وقيل: لأنه كان الصغير ومن العدل أن يعطى الصغير مزيداً اهتمام لضعفه وحاجته، وقيل: لظهور علامات النبوغ والنبوة عليه، ولكن الذي نشير إليه هو أثر شعور الأبناء بتمييز أحد إخوتهم عليهم.

والصواب أن يجتهد الوالد في العدل بينكم في مجلسه ولحظه وقبلاته واهتماماته، وقد قيل للمرأة الحكيمة: أي أولادك تفضلين؟ فقالت: (الصغير حتى يكبر، والمسافر حتى يعود، والمريض حتى يطيب).

وقيل للأخرى: أي أولادك تفضلين؟ (فقالت: هم كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها) علماً بأن العدل يقتضي أن يعطى كل واحد ما يكفيه حسب عمره وحاجته وهذا هو الفرق بين العدل والمساواة .

ونحن ننصحك باحترام مشاعر والديك والحرص على عدم إزعاجهما، وترك العناد والحرص على رضوان رب العباد.
ولا يخفى عليك أن المشاكل داخل البيت تسبب الضيق للوالدين فانتبهي لنفسك وحاولي تغيير هذا الأسلوب حتى لا يغضب عليك الوالد، واعلمي أن الاعتذارات المتكررة لا توصد الباب في وجه الأخطاء الجديدة.
وقد أسعدتني مشاعرك الطيبة تجاه شقيقتك وهذا يدل على ما في نفسك من عناصر الخير.

وأرجو أن تتأكدي أن مكانتك سوف ترتفع عند والديك بما يلي:-

1- اللجوء إلى من يجيب دعاه.
2- الحرص على طاعة الله علماً بأن بر الوالدين من طاعة الله.
3- الشفقة على إخوانك وتجنب الخصام معهم.
4- زيادة البر للوالد والصبر على ما يصدر منه وذلك لأن إعادة الثقة تحتاج إلى بعض الوقت.

وبالله التوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً