الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القرب من الله وأداء العبادات بداية الطريق الصحيح نحو النجاح

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب في إحدى الجامعات حيث أنني أعاني من مشكلة وهي أني أدرس وأتعب في بعض الأحيان في الدراسة ولكن النتيجة دائماً سلبية ومتدنية، وأنا لا أخفي عليكم أنني لا أصلي، ولكن لدي زملاء لا يدرسون، وتأتي نتائجهم جيدة، وبصراحة هم أشد مني بعداً عن الله، ودائماً يشتمون الذات الإلهية، حتى قبل الامتحان يشتمون الذات الالهية بدلاً من الدعوة له.

وأنا عندما أنوي الصلاة أحس بالثقل ولا أصلي، وأيضاً هل هذا الذي يحدث لي له علاقة بالحسد إن كان أحد يحسدني؟ لأنني أتمتع بأنني من أفضل الأشخاص من الناحية المادية بين زملائي، وأرجو أن تجدوا لي الحل لأنني مكتئب كثيراً.

وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابن الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يرزقك النجاح، وأن يلهمك السداد والرشاد.

فإن العاقل لا ينظر إلى من هم دونه في الدين، ولا يغتر بكثرة الهالكين، وقد اقتضت حكمة الله أن يعطي الدنيا للكفار والمسلمين، والشاكرين والجاحدين؛ لأنه سبحانه غني عن شكر الشاكرين ومدح المادحين ((وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ))[النمل:40]، وهو سبحانه لا يعطي الدين إلا لمن أحبه من العالمين، فطوبى للمرحومين.
وإذا أعطى المسلم من الدنيا فتلك نعمة تستوجب الشكر، وإذا حرمها فتلك بلية تتطلب الصبر، ((وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ))[البقرة:216]، و(عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) .

أما الكافر والمنافق فهو كالحمار، لا يدري لماذا ربطه أهله، ولا لماذا أرسلوه، فهو لا ينتفع من النعم ولا يرتدع بالنقم، ولأن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، فإنه سبحانه يعطيها لكل أحد، ولو كان لها قيمة لما سقى الكافر منها جرعه ماء.

وإذا رأيت الله يعطي الإنسان رغم معاصيه، فاعلم أنه مستدرج، قال تعالى: ((فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ))[الأنعام:44-45]، ولاحظ قوله تعالى: ((فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ)) من الرزق والنجاح الظاهر للناس، ثم ينزل بهم انتقام الجبار، فإذا هم بائسون من كل خير.

فلا تنخدع بحال السفهاء، واسجد لمن يجلب الخير ويدفع الضراء، واجتهد في دراستك، وألق دلوك مع الدلاء ثم توجه إلى الله بالدعاء، وعود نفسك الرضى واشكر أيام الرخاء، واعلم أن الكسل عن الصلاة من صفات المنافقين الذين قال عنهم رب العالمين: ((وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا))[النساء:142] واجتنب الذنوب فإنها تقعد عن الطاعات، وتجلب النحس والحسرات.

وأرجو أن تتذكر أن نعم الله مقسمة، فهذا أُعطي مالاً وذلك أعطي علماً، وثالثاً أعطي مالاً وولداً، ولكنه حرم العافية، والسعيد هو الذي يعرف نعمة الله عليه ليؤدي شكرها، فسبحان من يعطي ويمنع ((يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا))[الشورى:49-50].

فلا داعي للاكتئاب، واشكر ربك الوهاب، واستغفر وتب من تقصيرك، واعلم أن الله هو التواب، وواظب على الصلاة وافعل الأسباب، واطلب دعاء الوالدين والأحباب.

وكرر المحاولات، وأكثر من التضرع والدعوات، وكن عوناً للفقراء وأهل الحاجات، ليكون في حاجتك رب الأرض والسموات، وطهر قلبك من الغل والحسد والخيانات، وغض الطرف وتجنب المنكرات، واتق الله في سرك وتجنب ذنوب الخلوات.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً