الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبيعة الطفل لطفل آخر

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي طفل رائع غاية في الطيبة والذكاء، يبلغ من العمر خمسة أعوام، وله أخت شقيقة عمرها ثلاث سنوات.

المشكلة أن ابني له ابن عم يكبره بسبعة أشهر، ودائماً ما يملي عليه أوامر، وابني ينفذ كل ما يقوله له بالحرف.

مثلا يطلب منه أن يحضر كل لعبة، يأتي ابني ليأخذها لا ليلعب بها ابني عندهم، ولكن من أجل ابن عمه! وابني يلعب بلعب أخرى، وعندما يأتي ابن عمه عندنا يجلسه أمام الكمبيوتر ليلعب، وابني يجلس إلى جواره ويلف حوله في فرح، وعندما يحدث العكس ويذهب ابني إليه وخصوصاً أننا في بيت واحد لا يستطيع اللعب على الكمبيوتر عندهم؛ لأن ابن عمه لا يرضى.

ومن الممكن أن يظل ابني جالساً إلى جواره عندهم أمام ألعاب الكمبيوتر لمدة تصل لأكثر من ساعتين.

كان أحياناً يطلب من زوجة عمه أو يشكو لها ابنها، ولكنه منذ فترة كف عن هذا الطلب.

ماذا أفعل؟ أنا أخاف على ابني، وهل يا ترى لو كبر ابني على هذا هل له تأثير على شخصيته؟

ابني لا يندمج مع أخته إلا قليلاً، فكما تعلمون أن ميول الولد غير ميول البنت، وليس لنا جيران غير ابن عمه، ودائماً ما يطلب الذهاب إليه على الرغم من أن ابن عمه لا يطلب النزول عندنا إلا قليلاً، ساعدوني أرجوكم، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأرجو أن أؤكد لك أن ابنك ليس مريضاً، إنما هذه ظواهر تربوية ربما تكون نمت لديه شعور بالاعتمادية والتبعية للآخرين؛ لأنه لم يعط فرصة الاستقلالية والاعتماد على الذات، أو ربما أنه كان يتمتع بدلال مطلق في البيت من جانب الوالدين -ولا أريد أن أستعمل هذه الكلمة- ولكن هذا ربما يحدث في كل بيوتنا، خاصة بالنسبة للولد إذا كان هو الولد الأول أو الولد وسط البنات، وهذا نعرفه بالطفل الخاص.

أنا لا أعتقد أن لديه مشكلة كبيرة مع ابن عمه، ربما يكون اتخذ ابن العم هذا كقدوة له ويتبعه ويحاول أن يكون مرتبطاً به على هذا المنهج.

الوضع المثالي هو ألا يكون الطفل محتكَراً، بمعنى ألا يكون جل نشاطه ولعبه مع طفل واحد، هذا مبدأ لا نفضله كثيراً، نفضل أن يكون للطفل تفاعل مع مجموعة من الأطفال؛ لأن الطفل دائماً يتعلم من الأطفال، وإذا تم احتكاره بواسطة طفل واحد يكون مرد التعليم ليس بالمرد الجيد؛ لأن الطفل لا يجد فرصة التفاعل مع الآخرين، حيث تتعدد مناهج وسبل اكتساب المهارات المطلوبة لدى الأطفال في مثل هذا السن.

أنا أقدر تماماً أن ابنك لا يجد أطفالا آخرين، ولكن أعتقد أنه الآن في سن الدراسة وسوف تشكل له المدرسة انطلاقاً لتفاعله وتوسيع دائرة الأطفال من حوله، وهذا إن شاء الله سوف يعطيه نوعا من الاستقلالية.

الذي أرجوه منك هو أن تحاولي أن تجعلي هذا الطفل معتمداً على نفسه، أرجو أن تعطيه نوعا من الحرية والمجال ليقوم ببعض الأشياء حيال نفسه، على سبيل المثال: أرجو أن تعوديه على ترتيب فرشه في الصباح، وأرجو أن تعوديه على ترتيب ملابسه في دولابه ... وهكذا، هذه أشياء بسيطة جدّاً ولكنها تقوي من شخصية الطفل وتجعله أكثر اعتماداً على نفسه.

كما أنه يمكنك أن تقومي أنت بدور الطفل الآخر أمامه، وذلك بأن تكوني منقادة له، قولي له: يا ابني تعال نلعب، وحتى يمكنك أن تسمي نفسك باسم آخر، أي تتشبهي بطفل في عمره وتعطيه الفرصة بأن يقودك، هذا إن شاء الله أيضاً نوع من إنشاء نوع من القدوة الجديدة، والتي من خلالها يستطيع الطفل أن يستكشف مهاراته ومقدرته على أن يقود ولا يقاد.

بالتأكيد هذه تمارين لا يمكن أن تغير الطفل فيما بين يوم وليلة، ولكنها تتطلب الصبر والاستمرارية والممارسة الفعالة، ولابد أن أؤكد على ما ذكرته أولاً وهو أن الطفل دائماً يتعلم من الطفل، فأرجو أن تبحثي في الوسائل التي تمكن طفلك من الاختلاط بأطفال آخرين، ولا شك أن المدرسة ستكون هي المصدر الأساسي لتوسيع معارفه.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً