الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انعدام الودّ والحب تجاه الخطيب

السؤال

أبلغ من العمر ثلاثين عاماً، جامعية عزباء، أعاني الكثير من المشاكل، ومن أهمها أنني أشعر بالمسئولية الزائدة تجاه كل من أعرف، وأشعر دائماً بتأنيب الضمير في حال عدم قيامي بأداء أي شيء يطلبونه مني، ولأنني ألبي كل ما يريده الآخرون، فلقد أهملت نفسي ولم يعد لدي أي طموحات على الصعيد الشخصي، فإنني لا أخرج للعمل من منطلق حرصي على الاهتمام بأولاد أختي والاهتمام بوالدتي، خاصة بعد وفاة والدي، وقبل وفاته كنت أعمل ولكنني تركت العمل لمجرد بدء مرضه أي قبل حوالي 9 أشهر من وفاته.

لدي عقدة ذنب تجاه كل ما يحدث حولي، فإذا مرض أي شخص ممن حولي أشعر أنني السبب وراء ذلك، أو إذا فشل أحدهم في شيء أشعر أنه كان بمقدوري مساعدته.

أكثر ما يهدم علي حياتي هو موضوع بدأ معي قبل حوالي 5 سنوات، عندما تقدم شاب من أفراد العائلة لطلب يدي، بداية رفضت لعدة أسباب يصعب ذكرها الآن، ثم وتحت ضغط من أهلي ولأنني لا أحب أن أرفض لهم طلبا، جلست معه، ولكنني من لحظتها شعرت بعدم القبول تجاهه وشعرت بتعاسة، وضاق صدري من الموضوع، ولكن تحت إلحاح أهلي أيضاً وافقت، ولكني لم أنم ليلتها إلا بعد أن أبلغتهم رفضي! ومضى الموضوع بعد أن ترك في نفسي الكثير من الآلام النفسية، وذلك لعدة أسباب وظروف صعبة تزامنت مع ذات الموضوع، وبعد ما يقارب السنة ونصف طرح الموضوع مرة أخرى ورفضته ثانية، وبعد وفاة والدي بشهرين أي في العام الماضي، طرح الموضوع مرة أخرى وبين تأنيب أهلي لي؛ لأن والدي رحمه الله كان طلب مني الزواج بهذا الشاب ورفضت.

شعرت أنني ارتكبت جريمة بحقه - على الرغم من أن الجميع يشيد بمدى كوني ابنة بارة به - والحمد لله ـ فقد قدمت له كل ما أملك، وأجمل أيام حياتي التي كان من الممكن أن أقضيها مع صديقاتي أو حتى بالارتباط، كنت أرفض ذلك لحرصي على البقاء معه والاهتمام به - والله على ما أقول شهيد - ولكن ومن منطلق الخوف الشديد الذي انتابني ولشعوري القاسي بأنني أغضبت وكون الشاب على دين وخلق، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أبلغنا: (أنه إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) - طلبت التحدث معه هاتفيا على أمل أن يتسرب إلى قلبي شيئاً فشيئاً، ولكنه وبعد أول هاتف بدأ يأتي لزيارتنا يوماً بعد يوما، وكنت أجلس معه بالساعات، ولكن شيئاً في داخلي لم يتحرك تجاهه، وبعد جدال طويل مع أهلي والكثير من الصراخ والبكاء أبلغته أن ليس بإمكاني الاستمرار، وطلبت منه الالتفات إلى حياته ونسيان الأمر، ولكنه كثيراً ما كان يشعرني بالذنب، ويقول لي: إن والدي كان يحب أن نرتبط، وأنه لن يتزوج غيري أبداً، وأنه سيهاجر، وما إلى ذلك.

ولكنني أصريت على موقفي على الرغم من أنه كان لحوحاً جداً، ولكنني وللحق أقول: لم أشعر بأي نوع من فرحة الارتباط أو دخل شخص لحياتي، بل كنت أشعر بالعبء والثقل لمجرد اتصاله أو حضوره - مع أنني وللحق أقول أنه شاب مؤدب جداً ويخشى الله - وهذا الأمر أيضاً أشعرني بالذنب تجاهه - ولكني وحتى يومنا هذا لا أزال أشعر بالاختناق من هذا الموضوع، وخاصة في الآونة الأخيرة أن والده في حالة صحية حرجه، وهو في وضع نفسي سيء للغاية.

لا أدري ماذا أفعل تجاه هذا الأمر الذي نغص علي حياتي، وللحق أقول أنني حتى اليوم لا أدري كيف أتعامل مع موضوع الارتباط، ولدي خوف شديد من أن يأتيني شخص أقل منه خلقا ودينا، أو أن أبقى دون زواج ويلومني الآخرون أو يجبرونني على الزواج منه.

هذا بالإضافة إلى أنني أعاني من عدم القدرة على بدء أو إنهاء أي شيء.

أحياناً أشعر أن شيئاً ما يقودني إلى البقاء في مكاني في كل شيء، فمنذ سنوات وأنا أنوي دراسة الماجستير، ولكنني وفي اللحظة الأخيرة أغير رأيي، وعندما أعمل في أي مكان أبداً بالبحث عن أسباب لتركي العمل، والعديد العديد من هذه الأمور.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rahma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنسأل الله العظيم أن يسهل أمرك، وأن يلهمك رشدك، وأن يعيذنا من شر أنفسنا ومن سئيات أعمالنا.

فإن خير الناس أنفعهم للناس، وطوبى لمن جعلها لله مفتاحاً للخير، والله في عون العبد ما كان العبد في عون إخوانه، فلا تتوقفي عن مساعدة الآخرين، واقصدي بكل ذلك وجه الله رب العالمين، واعلمي أنه سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها، فاجعلي مساعدتك للآخرين في حدود المستطاع، فإن في ذلك عون على الاستمرار وحفظ لحق نفسك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لنفسك عليك حقا)، والصواب أن يوازي الإنسان بين الحقوق، والنفس لها حقها في الراحة والعمل والترويح المباح.

وأرجو أن تعلمي أن كل شيء بقضاء وقدر، وما أنت وغيرك إلا سبب من الأسباب، والأسباب وحدها لا تعمل، ولا يعول عليها إلا إذا وافقت تقدير العظيم المتعال، وقد أسعدني برك واهتمامك بوالدك، الذي نسأل الله أن يرحمه وأموات المسلمين، وأفرحني حرصك على التواصل مع موقعك، وكلنا لك آباء وإخوان.

أما بالنسبة للشاب الذي تقدم لطلب يدك، فأرجو أن تصلي صلاة الاستخارة، وشاوري من حضرك من أرحامك أهل الدراية، واعلمي أن الفوز بصاحب الدين أمنية وغاية، ولا أظن أن للرفض أسبابا واضحة، فدعي التردد، واقبلي به، واسألي الله أن يدخله إلى قلبك، وفكري في الخيارات، وتأكدي أن القبول بمن ارتضاه والدك لون من البر، كما أن بقية الأهل يقبلون به، لأنني أخشى أن تستمري على رفض كل طارق للباب، وعند ذلك سوف يهرب الخطاب.

وتأكدي أن الأمر بعد الزواج سوف يتغير بإذن الله، فإن مشاعر الود الحقيقية هي التي تحدث بالرباط الشرعي، فتنمو مع مسيرة الحياة الزوجية وتتعمق بالتعاون على طاعة رب البرية، وتذكري أن المسلمة ترتبط بزوجها بعدد من الروابط، مثل رابطة الإيمان وأخوة الدين، ورابطة الذرية، ورعاية العلاقات والقرابات.

وأرجو أن تحرصي على ذكر الله وطاعته، وحصني نفسك بأذكار الصباح والمساء، وبكثرة التلاوة، وخاصة سورة البقرة، ولا تحملي نفسك ما لا تطيق، وتوكلي على الله، واحتمي بحماه، وعودي نفسك كثرة اللجوء إليه، فإنه سبحانه يجيب من دعاه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين سيرين ناصر الدين

    السلام عليكم ...
    اختي الفاضلة اود ان اقول لك رأيي بناء على خبرة ابي حفظه الله و التي دائما حدثنا بها , ألا و هي ان الزواج قسمة و نصيب و هو مقدر عند الله تعالى و لكن يجب على الانسان الاخذ بالاسباب و البحث فيما اذا كان الشب على خلق و دين و هو الاهم و لكن هذا لا يعني بالضرورة الموافقة , فهناك الميل القلبي للطرف الآخر الذي يعرف عادة من الجلسة الاولى حيث يحدد الانسان اذا ما ارتاح قلبه او لا , ففي حال لم يكن هناك نصيب ستتشكل الاسباب التي تمنع حدوثه , و في حال كان هناك نصيب ايضا سوف تأتي السباب و التساهيل من عند الله عز و جل حتى و اذا قمتي بالرفض .

    استخيري يا اختي و تذكري هيئة الشاب في عقلك و قرري هل تستطعين العيش معه بقية حياتك ام لا !!

    و الله المستعان .

  • الجزائر rania

    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم" فَانْظُرْ إِلَيْهَا ، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا "
    يعني الراحة النفسية للخاطب و زوج المستقبل مهمة وقد مررت بما مررت عليه و الحمد لله أبدلني الله خيرا منه و لكن بعد إستخارة الله في القبول و في الرفض
    وفقكذ الله لما فيه سعادتك أخيتي في الدنيا و الآخرة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً